|٥٤|

105 7 11
                                    

ركب في المقعد الأمامي بجوار عبدالرحمن في حين كانت ملك تجلس في المقعد الخلفي بجوار أحمد و عمار.. جلس شارداً في الطريق و يبدو عليه التوتر و الإرتباك الشديد..أدار وجهه للخلف لأحمد فوجده يجلس في المنتصف بالكاد يكون جالساً علي ساقي عمار و هو يستدير بكل جسده نحو ملك و يتأملها بلا انقطاع:تعرفي ان لوني المفضل البيبي بلو؟
صاح عمار الذي بالكاد يختنق فجأة:بيبي بلو ايه و بيبي شرك انا بتخنق هنا.. هتفضل مصدرهالي كدا طول الطريق!
ابتعد أحمد عنه قليلاً:انت مش شايف يابهيم انت ان معانا بنت زي القمر لازم فستانها ميتبهدلش؟
لوح عمار بيده نحوها فتراجعت و كأنها تتحاشاه:و هي ايه اللي جايبها معانا اصلا!
ردت بأسلوبها العنيد:والله! كنت عايزني اقعد ع حجر ام فريدة ف العربية يعني؟
ضرب عمار كفيه قائلاً:لا.. تقعدي أحمد علي حجري انا.
صاح يحيي فيهم:خلاااصصص انا علي اخري متوترونيش زيادة.
ألتفت نحو أحمد و سأله:اوعي تكون نسيت العلبة؟
رد أحمد بتلقائية و هو لا يشيح بصره عنها:علبة ايه؟
أستدار له يحيي و رفع قبضته ليضربه فأسرع أحمد:اه علبة الدبل جبتها جبتها.
اعتدل يحيي في جلسته و هو يتنفس بنفاذ صبر:فاضل كتير؟
ضيق عبدالرحمن عينيه و هو يتفحص الطريق:هانت كلها عشر دقايق.
تفحص عبدالرحمن هاتفه عندما أتته رسالة:سمر بتقول انهم وصلوا اهم.
حرك يحيي رأسه:زي ما فهمتك هتاخد ملك و تدخلوا عادي جداً و انا و عمار و أحمد هنستني شوية لحد ما تبعتلي.
اومأ عبدالرحمن برأسه متفاهماً قبل أن يرن هاتفه فكان المتصل والدته..

أسرعت تتفحص المكان من حولها بذهول.. ينسدل حجابها خلف ظهرها و فستانها الأزرق يلامس الأرض و هي تسير بخطوات سريعة وتتفحص التنظيمات و الزينة المبهجة و الاضاءة الهادئة مع شكل البحر وقت الغروب.. وقفت و ألتفتت لوالدتها لتقول بإبتسامة عريضة:المكان تحففة.
بادرت سمر قائلة:انا هطلع اشوف عبدالرحمن و ملك مجوش ليه.
و أردفت عائشة:و انا هروح اقولهم يجهزوا التورته.
اومأت فريدة لهما قبل أن تقترب من والدتها و تنظر لها بعينان دامعتان:اول عيد ميلاد أقضيه معاكي.
ضمتها والدتها و هي تقول بنبرة حنونة:و مش أخر عيدميلاد ان شاء الله ياحبيبتي.. ربنا يقدرني اسعدك و اعوضك عن كل السنين اللي فاتت.
تشبثت فريدة في عناقها قبل أن تقع عينيها علي عبدالرحمن الذي دخل المقهي و بصحبته ملك.. اتسعت ابتسامتها و اقتربت من رفاقها تخبرهما بمدي سعادتها بديكورات و أجواء العيد ميلاد قبل أن يخبرها عبدالرحمن:انا جبتلك معايا مفاجئة.
أشار نحو باب المقهي فخفق قلب فريدة و أنتظرت يحيي يخطو من باب المقهي..و لكنها وجدت سمر تدخل و تليها والدة عبدالرحمن..
أسرعت نحوها فريدة بإبتسامة عريضة..منذ علاقة فريدة بإبنها و هي اعتادت علي أن تحضر عيد ميلادها في كل عام و تبهرها بهداياها الثمينة..نست فريدة فوراً ذلك الموقف الذي تم في تلك الليلة و الكلمات التي جرحتها فقد كانت دوماً فرداً من أسرتهم و قريبة منها لدرجة تجعلها تغفر لها تلك الكلمات.. كما أن فريدة ليست بالشخصية الفظة قط..
أسرعت والدة عبدالرحمن بمعانقتها بإشتياق:وحشتيني يا فوفا اوي.. كل سنة و انتي طيبة.
ابتعدت فريدة عن عناقها و هي تقول بإبتسامتها العريضة:و انتي طيبة يا طنط..جيتي المسافة دي كلها و تعبتي نفسك.
مسحت علي كتفيها بود:هو انا ينفع افوت عيد ميلادك بردو.. صحيح فين مدام زينة أسلم عليها؟
جذبتها فريدة و هي تشير نحو والدتها:هناك اهي تعالي معايا.
أستغل عبدالرحمن انشغالها مع والدته و أخرج هاتفه ليراسل يحيي.. في حين كانت سلمي تقف في أحدي جوانب المقهي الكبير مع منظم الأغاني و بدا عليهما الشجار:يا مودمزيل مينفعش..
قاطعته سلمي:انا أنسة يا اخويا مش مدمزيل..و بعدين هو ايه دا اللي مينفعش هو في عروسين يتزفوا من غير اغنية يا دبلة الخطوبة و لا حلاوتك يا استفندي؟ اقولك؟.. شغل اغنية زينة شباب العيلة الحيلة البت دي جابت رجليه..
كانت ترقص و هي تخبره بجملتها الأخيرة و لكنها توقفت عندما وجدت تعابير وجهه حادة:يا فندم مينفعش دا سيستم و احنا مبنشغلش غير أغاني اجنبي وبس.
نظرت له بحدة و غضب:هيقولي سيستم و مش سيستم.
قاطعهما عائشة التي اقتربت:انتي واقفة هنا كل دا ليه!
أشارت سلمي نحو ذلك الشاب:تعالي احضرينا.. الاستاذ الموسيقار عايز العيال يتزفوا علي اغنية صايصه محدش فاهمها.
بادر الشاب متحدثاً لعائشة:لو سمحتي فهمي الأستاذة اننا هنا مش ف قاعة افراح.
رمقته سلمي بنظرات حارقة في حين جذبتها عائشة:يلا ي سلمي هيطفوا الشمع.
عبثت سلمي في أزرار الأجهزة:طب اهو.
أشارت نحو ذقنها و هي تنظر له بتحدي في حين كانت عائشة تجذبها بصعوبة..اقترب نادلين يحملان كعكة عيد الميلاد الضخمة ثم وضعوها علي الطاولة الطويلة التي تراصت عليها حلي و مشروبات متنوعة و العديد من هدايا عيد ميلادها.. صفقت بيدها بحماس كالطفلة و هي تري كم الكعكة رائعة فكانت متدرجة باللون الأزرق و الأبيض و يتوسطها صورة لفريدة عندما كانت في الثالثة من عمرها.. اندهشت فريدة بالأساس من كيف حصلت والدتها علي تلك الصورة القديمة.. اجتمعت الفتيات و عبدالرحمن و والدته حول الطاولة و هم يغنون لفريدة.. لحظات معدودة و هي تقهقه بخجل و تغني معهم و تحرك بصرها حول الجميع متمنية لو كان يحيي من بينهم.. أخبرتها سمر بحماس:يلا طفي الشمع بس اتمني امنية الأول.
انحنت فريدة نحو الكعكة و أغمضت عينيها لثواني و هي تحرك شفتيها و كأنها تدعو.. أضفئت الشموع جميعاً فصفقوا معاً بحماس و علت الأضاءة و الأغاني و سرعان ما مالت والدتها عليها:انا عارفه انتي اتمنيتي ايه.
صمتت فريدة تماماً بإرتباك قبل أن تتسع ابتسامة والدتها:انا هخليهالك اسرع أمنية تتحقق.
نظرت لها فريدة بعدم فهم و خفق قلبها بشدة قبل أن تلتفت خلفها.. كانت الفتيات علي الجانبيين و الشباب في المنتصف ينظرون لها بإبتسامات عالية قبل أن يفسحوا ليحيي الذي تقدم من بينهم يرتدي بذلة سوداء أنيقة و علي وجهه أجمل أبتسامة رأتها فريدة قط.. كان الشباب يدفعوه و كأنهم يحمسونه حتي وقف في مقابلتها تماماً..خفتت أنفاسها و اتسعت عينيها بإندهاش من هيئته الأنيقة التي أطفت عليه وسامة فوق وسامته.. رفعت رأسها له نظراً لفرق طول القامة و نظرت له بعينان تلتمع بهيام شديد قبل أن تهدأ الأجواء تماماً ليتحدث هو:كل سنة و انتي طيبة يا فريدة.. كل سنة و انتي نصي الجميل و عوض ربنا عليا.
أربكته عينيها الخضروتان اللتان ينظران له بعدم تصديق:انا..انا بحبك يا فريدة و لولاكي مكنش ربنا هيهديني للإسلام..انا عايز اتجوزك و ابقي جمبك العمر كله و اعيش حياتي عشان اسعدك و اعوضك عن كل حاجة عملتيها عشاني.
وضع يده في جيب بنطاله ليُخرج علبة صغيرة ثم فتحها في مقابلتها قائلاً بإبتسامته الجذابة:تقبليني يا فريدة؟
كانت علي وجهها ابتسامة بلهاء و هي متجمدة مكانها تنظر له بعدم تصديق..تشعر و كأنها ليست في وعيها من شدة سعادتها..ألتمعت عينيها بالدموع و هي تومئ برأسها و تضحك بفرحة عارمة.. و سرعان ما صفق و هلل الرفاق فوراً..دفعه عبدالرحمن قليلاً ليقترب منها أكثر و يكاد قلبه يرقص من فرط سعادته.. حمل الخاتم ليضعه في أصبعها فمدت يدها اليسري من شدة ارتباكها و خجلها.. مازحها يحيي:لا انا هخطب الأول.
قهقهوا معاً بينما هي اخفت وجهها بيدها بخجل و هي تضحك قبل أن تمد يدها اليمني له.. وضع الخاتم في أصبعها و سرعان ما أصدرت سلمي "زغروطة" عالية و هلل الرفاق بالغناء و التصفيق و علت الأغاني..أبدت اعجابها الشديد بالقلادة الذهبية التي مدت يدها سمر بها ليحيي..ألتمعت عينيها إعجاباً بها قبل أن يقترب يحيي أكثر ليضعها حول عنقها.. تلاقت أعينهم لثواني كانت كفيلة لتخبر كلاً منهما الأخر عن مدي عشقهما و اشتياقهما..وضعها حول عنقها فتحسستها بسعادة بالغة قبل أن تبادر والدتها موجه حديثها ليحيي:انا كدا عملت الي اتفقنا عليه..انا كدا بقا اسافر وانا مطمنه عليها معاك.
رد يحيي بإبتسامة عريضة:في عنيا الاتنين.
بادرت فريدة التي نظرت لوالدتها بإمتنان شديد:انا متخيلتش انك ممكن تعملي دا كله عشاني..انا بجد بحبك اوي يا ماما.
أسرعت والدتها بمعانقتها بعدما انهمرت الدموع من عينيها عندما مزقها شعور الندم و الحسرة علي السنوات التي أمضتها بعيداً عن ابنتها.. تشبثت في عناقها و هي ترد:وانا بحبك يا قلب ماما و زي ما وعدتك انا هفضل جمبك و هعوضك عن كل حاجة.
ابتعدت والدتها عن عناقها ومسحت دموعها و هي تنظر لهما:هسيبكم لوحدكم بقا.
انفضوا الرفاق عنهما ليتركا العروسان علي انفراد في حين جذب أحمد عبدالرحمن من قميصه و مال عليه هامساً:ولا ولا.. بص الحته الشقرا دي..ازاي رئيس روسيا فوت الصاروخ دا من عندهم.
أشار أحمد برأسه نحو نادلة تعمل بالمقهي فأدار عبدالرحمن وجهه لأحمد قائلاً بهدوء:أحمد.. احنا متفقين علي ايه قبل ما اجيبك؟
رد أحمد ببساطة:متفقين علي اني مفضحكش.
أردف عبدالرحمن:حلو اتفضل ابعد عني و ملكش دعوه بحد من اللي شغالين هنا مش عايزين مشاك..
قاطعه أحمد عندما لاحظ النادلة الأخري التي مرت من أمامهما:هوبا بينا ع الدوري الألماني.
رفع عبدالرحمن أصبعه بتحذير:وربي لو ما اتلميت لاروح اقول لملك علي سفالتك.
أسرع أحمد قائلاً:لالا خلاص علي ايه.
انصرف أحمد عنه فوراً في حين أدار عبدالرحمن رأسه ليلمح سمر التي وقفت في إحدي جوانب المقهي تتحدث لها والدته.. خفق قلبه بأن يدور شجاراً بينهما مجدداً فإن العلاقة بينهما مازالت مذبذبة.. أسرع لينضم لهما و تفاجئت سمر بعبدالرحمن الذي حاوط خصرها بذراعه..توردت وجنتيها خجلاً و هو تنظر له بتفاجئ في حين تسائل:كنتو بتتكلموا علي مين بقا؟
ردت والدته:عليك.
شعر بسمر تزيح ذراعه برفق و هي تقول بوجه مرتبك:عن اذنك ياطنط بينادولي.
انصرفت فوراً سمر بينما عبدالرحمن وقف ينظر لها بعدم فهم و تسائل:انتي قولتلها حاجة تضايقها ولا ايه!
ردت هي:انا اول مرة اشوف بنت مش هي اللي مستعجلة علي الخطوبة.
أدار عبدالرحمن وجهه نحو البحر و ضم ذراعيه عندما أستدرك المحادثة التي دارت بينهما..
تشبثت يديها في السور الحديدي الذي ينتهي إلي حافة المقهي و استنشقت بعمق هواء البحر العليل و البسمة تعلو جبينها.. أدارت وجهها نحوه فوجدته يناظرها بعينيه اللتان يلتمعان بهيام:انا مش مصدقة نفسي يا يحيي.
رفعت يدها لتنظر للخاتم الذي زين اصبعها:انا بقيت خطيبتك بجد!
اقترب منها أكثر و ازاح خصلاتها التي تسللت خارج حجابها و لمست جبينها..لامست اصابعه وجهها الفاتن و هو يجيب:عقبال ما تبقي مراتي ان شاء الله.
أسرعت فريدة مازحة:و ابقي ام العيال وكدا.
أخذ يجاريها و هو يضحك:و تبقي ام العيال وكدا.. عشان اقولهم امكم دي دخلت حياتي غيرتني و خلتني اغير ديني و حياتي كلها للأحسن عشان أليق بيها بعد ما ربنا رزقني حبها.
كانت تنظر له بحب و هي تستمع لكلماته الصادقة:انا بحبك اوي يا يحيي.. متبعدش عني تاني عشان خاطري انا كنت بموت من غيرك.
تشبثت في قميصه و هي تنظر له بترجي بينما هو طمئنها بإبتسامته الجميلة:مش هبعد عنك والله مهما حصل تاني.
انزلت بصرها و هي تتفحص بذلته السوداء الأنيقة و تحسست أزرار قميصه التي حرر أولها لتكشف عن عنقه و جزءاً من صدره..لعقت شفتيها و هي تبتسم بخبث:بس ايه البدل الجامده دي!
عدل بذلته و هي يقول بثقة:ايه رأيك عجبتك؟
وجدها تغمز بإبتسامة خبيثة و همست:إلا عجبتني.
تلقت ضربها في ذراعها منه و هو يقول بحزم:لمي نفسك ياسافلة امك هنا.
اخفضت رأسها و هي تخفي ابتسامتها قبل أن تعود لتتحسس الخاتم و تتأمله بفرحة عارمة..وجدته يقول:معلش انا عارف انه قليل عليكي و ان قيمتك اكب..
قاطعته فوراً:لا متقولش كدا دا حلو اوي..وبعدين انت جبت الفلوس دي كلها منين!
لاحظ يحيي سيف الذي تقدم نحوه فاتحاً ذراعيه بإبتسامة عريضة:دا حوار كبير هحكيهولك بعدين.
اسرع ليُقبل علي سيف و سرعان ما تعانقا بود و انهال عليه سيف بالمزاح و التهنئة.. ابتعد عن يحيي ليصافح فريدة و يقول:لعلمكم انا كنت واخد بالي من زمان و قلبي كان حاسس.
رد يحيي:كل شئ بأوانه بقا.
ضرب سيف علي كتفه بود:الف مبروك يعم عقبال الليلة الكبيرة.
ظهرت سلمي فجأة من خلف سيف و هي تتسائل:الا هو البوفيه هيبدأ امتي؟
صاحت فريدة فيها:يخربيت امك هو انا جيباكي قاعة الزمردة!..اوعي تكوني روحتي سألتيهم ف المطبخ؟
لوحت سلمي بيدها بثقة:لا طبعا هو انا انهبشت ف عقلي.. انا غمزت البت الشقرا بعشريناية و قولتلها تشيلي طبق السكلوب بانيه علي جم...
قاطعتها فريدة التي تقدمت منها فجأة بوجه يتشايط غضباً في حين حال بينهما يحيي:فضحتي الي جابوني.. شيلها من قدامي يا سيف باشا بدل ما ادخل فيها القسم انهارده.
رمقتها سلمي بنظرات اشمئزاز في حين كانت تختبئ خلف سيف الذي بادر:خلاص خلاص انا هخدها امشيها بعيد.
جذبها سيف بعيداً عنهما في حين ردت هي متذمرة:هو ايه امشيها بعيد دي هو انا كلبة.
تنهدت فريدة بنفاذ صبر منها في حين كان يحيي يقهقه كثيراً.. لاحظ وجه فريدة الذي خيم عليه الشرود و العبوس:انتي كويسة؟
اومأت برأسها قبل أن ترفع بصرها نحوه و هي تجيب بتأثر شديد:اول عيد ميلاد يعدي عليا من غير جدو..كان هو الوحيد اللي بيحتفل بيا وبيفتكرني..كنت هبقي مبسوطة اكتر لو هو جمبي انهارده بالذات.. انت عارف كويس هو كان بيعزك و بيرتحلك ازاي.
حرك رأسه متفاهماً قبل أن يرد:الله يرحمه..انا عارف كل دا.. بس عايزك تبصي ع الحاجات الحلوة.. دا اول عيد ميلاد ليكي و طنط زينة معاكي و الحمدلله اتغيرت كتير للأحسن..و الأهم بقا دا اول عيد ميلاد و انتي خطيبتي.
اتسعت ابتسامتها و هي تومئ برأسها بإتفاق قبل أن يحمل يدها ليقبلها بحنان..دائماً يكون اليد الحنونة التي تربت علي قلبها و تطمئنها في أثقل اللحظات و تجيد مسح دموعها و احزانها..
وقف عبدالرحمن يلتقط الصور مع عمار و عائشة قبل أن يشعر بأحدهم يجذبه:عبده خد بسرعة.
استدار عبدالرحمن لأحمد الذي مال عليه و هو يهمس:بص الحته العتاقي اللي هناك دي.. اموت انا ف سن اليأس.
أدار وجهه لعبدالرحمن الذي كان ينظر له بعينان متسعتان فأردف:ألا هي الجامدة دي تقرب لفريدة أيه؟
جذبه عبدالرحمن من ملابسه بقوة و صاح بوجهه بتشايط غضباً:الجامدة دي تبقي امي يا ابن...
قاطعه أحمد الذي ارتجف هلعاً بين يديه:عليا النعمة ما كنت اعرف.
رد عبدالرحمن الذي توردت وجنتيه من شدة غيظه:بس خلاص انا هقتلك و اتاويك في البحر دا دلوقتي و ابقي ارتحت منك.
استنجد أحمد رعباً:يا سيف باشاا.. يا سيف باشا.
اقتربت سمر لتفصل بينهما ببعض المزاح و تهدأ روع عبدالرحمن في حين هرب أحمد فوراً..زفر عبدالرحمن و هو يُعدل قميصه:عيل دماغه مهوية.
ضحكت سمر بمزاح:ما امك اللي مزه بردو.
نظر لها بضيق عينه قبل أن يستدير نحوها و يردف:سيبك من كل دا.. انتي ايه الي قلب وشك و انتو بتتكلموا من شويه؟
تغيرت تعابير وجهها مجدداً قبل ان تخفض رأسها بضيق و ترد:اتكلمت ف موضوع انك تتقدم وكدا.
أسرع عبدالرحمن بالرد:طيب كويس عشان تعرفي بس انها اتغيرت وبقت موافقة علي علاقتن..
قاطعته سمر بنبرة مكتومة:انا فاهمة كل دا يا عبده..و نفسي تتقدم انهارده قبل بكرا و ابقي معاك رسمي قدام الناس كلها.. بس انا مشكلتي ف حاجة واحده.
قال بنبرة متذمرة:هتقولي تاني موضوع الدراسة و السن!
أدار وجهه ناحية ساحل البحر و اسند مرفقيه علي السور الحديدي بوجه متذمر بينما هي أردفت:ايوا يا عبده عشان دي الحقيقة.. انا اهلي عمرهم ما يوافقوا اني اتخطب لواحد لسه بيدرس و هيقولوا عيل و جاي يهزر و الأكيد انك هتربطني بيك 4سنين ع الاقل علي ما تتخرج و تبدأ تبني نفسك و انا ابويا معندوش الموضوع دا.. هيقولك هتقعد اربع سنين داخل طالع علي بنتي و بيوت الناس مش لعبة و البوقين دول.
صمتت لثواني قبل أن تردف:وبعدين ما انا ريحتك و قولتلك اتقدم بس انا عارفه انك هتترفض بس اهو محاولة.
أدار وجهه نحوها و رد بإنفعال:و انتي عارفه اني لو اترفض مره ابويا وامي عمرهم ما هيجوا معايا اتقدم تاني و ما هيصدقوا.
تشايط وجه سمر غضباً قبل أن ترد:ما هيصدقوا عشان هم لسه شايفين اني مش قد المقام ي عبدالرحمن.
أسرع عبدالرحمن بالرد:يا سمر لا مش قصدي كد..
قاطعته عندما رحلت من أمامه فوراً بغضب..
اسندت وجنتها إلي يدها و هي تجلس علي إحدي الطاولات و تحمل مشروبها في اليد الأخري و تراقب رفاقها بنظرات ودودة لطيفة.. مبتهجة بتلك الليلة و برفيقتها و هي تراها اخيراً مع من تحب.. قاطع شرودها صوت أحمد من خلفها يقول:القمر قاعد لوحده ليه؟
أستدارت نحوه و هي تجيب:عادي..قاعده مبسوطة و انا شيفاكم سوا.
نظر نحو رفاقه قائلاً:عندك حق كل واحد واخد خطيبته ف جمب.. الا صحيح يا ملك هو انتي مرتبطيش قبل كدا؟
تفاجئت بسؤاله و ارتبكت:لا.. ارتبط.. بس كانت مره كدا و راحت لحالها..متفكرنيش بيها بقا.
اومأ برأسه متفاهماً قبل أن يمازحها:بس البيبي بلو هياكل منك حته.
تنهدت ملك قائلة:دي رابع مرة تقولي كدا انهارده يا احمد.. عامة ميرسي.. و انت كمان شكلك جنتل.
اعتدل في جلسته و هو يعدل قميصه الأبيض بثقة عارمة فأردفت:ألا هو عبدالرحمن كان بيتخانق معاك من شوية ليه؟
ارتبك أحمد و لكنه رد ببساطة:مفيش ياستي عمال يعاكس البنات اللي شغالين و لما قولتله هقول لسمر عليك مسك فيا.
انكمش وجهها بإشمئزاز:اخييي عليه.. طب والله مش خساره فيه الباب الي برزعه ف وشه كل مره.
اقترب بالكرسي منها و هو يقول:سيبك منه قوليلي هتخلصي كلية بكرا امتي عشان عايز اعدي عليكي اخرجك خروجة كد..
قاطعته بوجه مبتهج متحمس:هتخرجني بجد؟
اومأ برأسه بإبتسامة عريضة:ايوا و هتنبسطي ان شاء الله.. ها الساعة4تكوني خلصتي ولا قبل كدا؟
أسرعت بالرد:لا اربعة كويس.
اتسعت ابتسامته و هو يقول:اتفقنا يبقي هستناكي قدام بوابة الكلية.

وقفت ملك مذهولة بملامح عاجزة عن التعبير و قد ضمت ذراعيها و هي تنظر حولها في القاعة الواسعة التي احضرها أحمد لها:انت اكيد بتهزر يا احمد!

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن