|٢٧|

116 7 0
                                    

غادرت فريدة غرفتها بعدما شعرت بالجوع و قبل ان تتجه نحو المطبخ سمعت صوت بكاء مكتوم يأتي من الصالون.. استدارت و اقتربت من سلمي التي جلست وحيدة تبكي و تمسح دموعها بتأثر شديد.. خفق قلب فريدة و اسرعت نحوها لتعانقها و هي تتسائل عما حدث.. ردت سلمي وسط بكائها المتواصل:عمر مات..عمر مااات يا فريدة.
ساد الحزن و التأثر وجهها و هي تقول:لا حول و لا قوة الا بالله قريبكم دا ولا ايه؟
حركت سلمي رأسها بالنفي ثم ردت:دا كان غلبان و بيشتغل وبيصرف علي اخواته.
تأثرت فريدة بشده لدرجه انها تماسكت دموعها بصعوبة:ربنا يرحمه ويصبركم يارب..بس مين عمر دا سمر محكتليش عنه قبل كدا.
توقفت سلمي عن بكائها واعتدلت في جلستها قائلة:لا مهو.. مهو سمر متعرفوش.
سألتها فريدة:مين يعني جارك ولا زميلك ولا..
قاطعتها سلمي بتردد و هي تتراجع للخلف:عمر دا.. عمر دا بطل مسلسل تركي و مات الحلقه اللي فاتت.
شعرت فريدة و كأن أحدهم عبث في عقلية تلك الفتاة و صمتت لعدة ثواني بلا إدراك قبل ان تقف فجأة و تصيح في وجهها:هو انتي البعيدة ايييه؟
غادرت عائشة من الغرفة و اسرعت نحو الفتاتان متسائله بقلق:في ايه صوتكم عالي!
غاد يحيي غرفته هو الاخر متسائلاً قبل أن تجيب فريدة:الاستاذة قاعدة تعيط و تولولو عشان ممثل تركي مات ف الحلقه ومقعداني جمبها كنت قربت اتفطر من العياط زيها والله.
أتي صوت سمر من خلفهم تقول ببساطة:لا دا العادي بتاع سلمي اتعودوا.
ضربت فريدة كفاً بالأخر متعجبه:المسلسلات لحست دماغها خلاااص.
بينما سلمي كانت تبتعد عنها بخوف:خلاص ياجدعان كنت متأثرة شوية بس.. هتأكلينا ايه يا سمورة صحيح.
ردت سمر وهي تتجه للمطبخ:هعمل فراخ مشوية و رز.
رفضت سلمي بتذمر و هي تلحق بها:هو ايه دا انا مبحبش الفراخ ما انتي عارفه.
تجاهل يحيي حديثها عندما شعر بحاجة للذهاب للمرحاض فإتجه نحو مرحاض الشباب و هو يحمل إحدي مذكراته..أتي صوت عمار من الداخل يدندن و قد ترك الباب مفتوحاً و هو يجلس القرفصاء و يقوم بغسيل ملابسه في دلو كبير يمتلئ بالصابون و الماء و فقاعات الصابون تملئ الأرضية من حوله.. وجده يحيي ممسكاً بسرواله الداخلي و ينظفه و هو يغني:رررججب حوش صاحبك عنييي رررججب..
قاطعه يحيي عندما اقتحم المرحاض:ايه الشطاره دي كلها يا ام احمد.. يلا قومي اطلعي ارت..
قاطعه عمار عندما تغيرت نبرة صوته الرقيقة التي كان يدندن بها:ووه..اقوم اروح فيين انت مشيفش اللباس ف..
اشمئز وجه يحيي و هو يقاطعه:شااايف للأسف شااايف..منا عايز اعمل حمام ياشيخ عمار انت عارف الشتا و عمايله الواحد يلبس بامبرز يعني ولا ايه.
رفع عمار يده بحزم:ميخصنيش روح لما اخلص اللي ف يدي هنادي عليك انت مش عيل صغير.
مثل يحيي و كأنه علي وشك ان يخلع بنطاله:طب وربنا لاعملها جمبك.
حمل عمار فقاعات الصابون بيده و القاها علي يحيي ليركض للخارج و هو يقهقه ساخراً منه.. وقف ف الردهة في مقابلة مرحاض الفتيات فنظر حوله جيداً..سمع صوتهن معاً يأتي من المطبخ و هن يتحدثن حول الغداء فابتسم بخبث و أسرع ليفتح المرحاض و يدخل.. بحث عن القفل فلم يجده.. يبدو انه معطل او مكسور.. جلس يقضي حاجته و امسك مذكرته يقرأ فيها لتسليه حتي ينتهي..
مسحت سلمي الدمعة التي فرت من عينيها و هي تتحدث لفريدة:ما انتي لو بتشوفي المسلسل معايا زي ما بقولك كان زمانك حاسه بيا دلوقتي.
رفعت فريدة اصبعها بتحذير:خشي يا سلمي اغسلي وشك و بطلي هبل احنا مش ناقصين غم.. بدل ما اتصل علي البيه بتاعك اعرفه انك عبي..
ألتفتت لتغادر المطبخ بتذمر و هي تتمتم.. فتحت باب المرحاض و دخلت..فتحت الصنبور و بللت وجهها بالماء ثم رفعت رأسها لتري وجهها في المرآه.. رأت انعكاس عينان خلفها ينظران لها برعب عبر المرآه..لم تتمالك اعصابها و خفتت انفاسها و لم تستطع قدميها ان تحملاها فأغشي عليها و سقطت..
استنشقت رائحة نتنة جعلتها تعود لوعيها.. افتحت عينيها بإجهاد و سعلت و هي تبتعد عن تلك الرائحة و للتو ابعدت سمر يدها:قولتلكم.. مفيش اقوي من ريحة شراب فريدة يفوقها.
اشمئزت سلمي:الله يقرفكم!
سألها عبدالرحمن:حصل ايه يا سلمي مش انتي كنتي بتتكلمي معاهم وكويسه؟
ضيقت عينيها و هي تتذكر و تحسست رأسها:مش عارفه ياعبده انا دخلت الحمام وكان فاضي لسه بغسل وشي و ببص ف المرايا لقيت عينان ورايا بتبصلي.
شهقوا بصدمة و جرت القشعريرة في اجسادهم عدا يحيي الذي ارتبك:و معرفتيش عين مين دي يعني؟
ردت عليه عائشة:وهي لو عرفت كانت هتتخض وتقع من طولها ليه؟ دا اكيد اللهم احفظنا.
أسرع عبدالرحمن:اللهم اجعل كلامنا خفيف عليهم.. احنا مش كنا خلصنا من حوار الست سحر.
تألمت سلمي من رأسها حيث ارتطمت بالأرض قبل ان تتسائل بعدم فهم:مين الست سحر دي؟
ضحك يحيي بخبث:لا دا موضوع كدا قديم متشغليش بالك..المهم انتي كويسة دلوقتي؟
اعتدلت في جلستها و هي تقول بهلع:كويسة ايه! بقولك شوفت عفريت بيبصلي ف المرايا.. لالا انا مش هقعد هنا يوم تاني.
نهضت سلمي بحزم بينما يحيي اتسعت ابتسامته بعدم تصديق:قولي وربنا!
عادت لجلستها فجأة و هي تنظر له بشك:ألا هو مين اللي شافني مغمي عليا؟
ردت سمر:يحيي كان جمب الحمام و لمحك واقعة.
همست سلمي و هي ترمقه بنظرات الشك بينما هو أدار وجهه عنها بإرتباك شديد:لمحني اااه.
جذبته من ملابسه نحوها و همست له بتوعد:وحياة امي يا يحيي لو اللي ف دماغي طلع صح ما هخلي فيك حته سليمة.
اتسعت عينيه برعب ثم أدار وجهه و هو يرد بتلعثم:انا.. انا معرفش قصدك ايه.
تسائل عبدالرحمن:في حاجه ولا ايه؟
ضربت سلمي بكفها علي كتف يحيي ببساطة:لالا دا انا بتكلم مع يحيي اخويا.. قوم فِز ياض اعملي كباية ماية بسكر خليني اروق دمي.
نهض يحيي مستسلماً:امرك يا ست المعلمين.
اتجهت فريدة نحو المطبخ و هي تتفحص هاتفها و تقول بنبرة يائسة:انا قلقانة علي جدو اوي يايحيي.
تسائل يحيي و هو يحرك الملعقة بالكوب ليذوب السكر:ليه خير؟
ردت فريدة بعينان دامعتان:بتصل بيه من امبارح مش بيرد..انا خايفه يكون حصله حاجه.
وضع الملعقة جانباً و اقترب منها و هو يربت علي كتفها:بعد الشر ان شاءالله يكون كويس.. ممكن يكون الموبيل باظ مثلا.
حركت رأسها بالنفي و هي تقول:انا مش هقعد ادي احتمالات.. لو فضل كدا لحد بكرا انا هنزل حلوان.
اعطاها ابتسامة مطمئنة و هو يعطيها الكوب:متقلقيش ان شاء الله خير.. خدي اشربي الكباية دي خسارة ف السلعوه اللي برا.

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن