"فلا أنتِ قريبة لألقاكِ،
و لا بعيدة لأغادرك،
و لا الطريق إليكِ معبد لآتيكِ،
و لا وعر لأفارقكِ،
و لستِ لي لأطمئن،
و لست ممنوعاً عنك لأخاف،
لا الأرض ضيقة لنلتقي،
و لا واسعة لنفترق،
و لا أنا إن مشيتُ إليكِ أصل،
و لا إن قعدت مكاني أبتعد،
و لا أنتِ باللتي تُنسى،
و لا أنا بالذي لا يتذكر،
فاللهم صبراً".
أدهم الشرقاوي.
دلف أدهم غرفته و أغلق الباب بوجهها فبما وقفت تنظر في أثره بحيرة بضع دقائق ثم تنفست بعمق و اتجهت لفرفتها و لكنها إستمعت لصوت ارتضام بغرفة أدهم فاستدارت تطرق باب غرفته و هي تسأله بقلق:
"أدهم، أدهم إنت كويس؟".
كررت ندائها و سؤاله أكثر من مرة و هو لا يجيب ففتحت باب الغرفة وجدته ساقط علة الأرض على ركبتيه مستنداً على مكتبه فهرولت إليه بذعر و فزعت عندما رأت دماء على يديه.
أما أدهم عندما اقتحمت الغرفة كز على أسنانه لأنه نسي أن يوصد الباب و عندما اقتربت منه قال بصوت حاد متألم:
"إطلعي بره".
أمسكت به و قالت بذعر:
"أدهم إنت بتنزف خليني أساعدك".
كز على أسنانه و أغلق عينيه يحاول التحكم بالألم و نهرها:
"قولتلك إطلعي بره، مش عايز مساعدة
من حد، إبعدي بقى".
صرخت به:
"مش هطلع، زعق و صرخ و إعمل اللي إنت عايزه بس برضه مش هسيبك، مش هسيبك تموت".
أنهت قولها بلين بالأخص بعدما أمعنت النظر و وجدت ملابسه السوداء مبتلة كثيراً بالدماء مِمَ يعني أن جرحه ينزف بغزاره بينما أدهم نظر لعينيها و إصرارها و استسلم و قد بدأت تخور قواه فأمسكت به تحاول مساعدته على النهوض و هي تقول:
"معلش إتحمل شويه هوديك المستشفى".
إستند عليها و قال بصوت خافت متألم:
"لأ، مستشفى لأ، مينفعش حد يعرف".
أجلسته على الفراش و قالت بحيرة و توتر:
"خليني طيب أبص على الجرح".
رفعت قميصه و تفحصت الجرح ثم قالت:
"طيب أنا ممكن أساعدك الجرح مش عميق قوي بس أنا هحتاج أدوات و مفيش وقت إنت نزفت كتير قوي".
أشار نحو المرحاض بيد مرتعشة و قال:
"في الحمام، هاتي العلبه أنا هخيطه".
هرولت للمرحاض بعدما وضعت له منشفة على الجرح و طلبت منه أن يضغط على الجرح، أتت بعلبة الإسعافات فتحتها أمامه و حاول أدهم مد يده المرتجفة فقالت له:
"إرتاح إنت أنا هخيطه، أنا واخده كورس تمريض".
إرتمى على الفراش باستسلام لا فارق عنده إن مات الآن فهذه أمنيته من الأساس لذا استسلم لها تماماً فالتفعل ما تشاء، قالت بتوتر:
"أدهم مفيش بنج".
أنت تقرأ
شيروفوبيا
عاطفيةتصفعنا الحياة دائماً وتقسو علينا فنصبح كالموتىٰ الأحياء، نسير بأجسادنا بِلا روح، ننطفئ و نفقد بريقنا ونغرق بعتمتنا وتصبح ملاذنا الآمن وهنا نصبح أسرىٰ لهذه العتمة، نَهَاب سطوع الشمس، نَهَاب بريقها الذي يعطي رونق للأشياء فتقر العيون و يضج العالم بالحي...
