"وطن المرء ليس مكان ولادته و لكنه المكان الذي تنتهي فيه كل محاولاته للهروب".
نجيب محفوظ.
قبل أسابيع ذهب سليم إلي السجن بعدما إستلم نتيجة الفحص و اكتشف أن داغر ليس والده، جلس مقابل داغر و سأله بألم:
"كنت عارف إني مش إبنك؟".
تنهد داغر و أومأ بالإيجاب فهربت دموع سليم و سأله:
"مين أبويا تعرفه...هو فين؟".
أجابه داغر بثبات و لا مبالاة:
"في قبره".
إرتجف جسد سليم و سأله مرة أخرى:
"مين هو؟".
أجابه داغر بحنق:
"ثروت".
شعر سليم بانسحاب أنفاسه و سأله سليم بذهول:
"أبو عبد الله؟!!!".
أومأ بالإيجاب فتابع سليم بذهول و صدمة:
"يعني عبد الله....أخويا.....إزاي اللي أعرفه إنك قتلته عشان لعب عليك في الشغل".
أومأ داغر بالنفي و قال و هو ينظر بالفراغ و كأنه يرى المشهد أمام عينيه:
"شوفتهم بعيني و سمعتهم، كنت مسافر و مكانوش واخدين خوانه سمعته و هو بيقنعها تسيبني و تروحله عشان مش هيسيب إبنه يتكتب بإسمي و يتربى في حضني، ساعتها رفضت و قالتله مش هسيب داغر و اللي حصل كان غلطه إحنا كنا سكرانين......كنت هسامحها بس لما فضل يحاول يقنعها قالتله و أنا هسيب داغر و فلوسي و عيشتي عشانك".
إبتسم بسخرية و أردف:
"مقالتش مش هسيب داغر عشان بحبه، سيبتها لحد ما خلفت و فضلت مش قادر أقتلها لحد ما لقيتها بتاخدك ليه، بتربيك في بيتي عشان تبقى سكينه في ظهري أبوك يطعني بيها فأي لحظه، قتلتها و قتلته و أخدتك ربيتك".
يستمع سليم بعدم تصديق و سأله بدموع:
"طيب ليه ربتني في بيتك و ليه في الآخر كنت عاوز تخلص مني؟".
أجابه داغر بحقد و غل دفين:
"في الأول عشان أنتقم من ثروت حتى و هو ميت، أربيك و أكبرك و أقرب عبد الله و أخليكم تخلصوا على بعض....بس لقيتك بتفيدني و أدهم متعلق بيك و طول ما إنت معايا أدهم مش هيبعد عني و هيرجعلي".
إبتسم بسخرية و أردف:
"أدهم اللي سمح لولاد ثروت يدمروني بغباءه".
لم يستطع سليم السماع أكثر لداغر لذا غادر بألم يمزق قلبه.
عودة للحاضر بعدما قص لروسيل ما حدث مع داغر تابع حديثه بألم:
"عبد الله كمان أخويا يا روسيل، أنا مش قادر أحكي لحد و مش عارف أعمل إيه....أنا تايه".
كانت تستمع له بدموع و تأثر و قالت بنبرة هادئة:
"عبد الله لازم يعرف يا سليم، لازم يعرف إن ليه أخ يتسند عليه بعد ما عيلته راحت و مبقالوش حد".
نظر لها بدموع فأردفت:
"إتجمع مع إخواتك يا سليم".
سألها بنبرة باكية:
"تفتكري عبد الله هيقبلني و لا هيتحمل إن أبوه إتقتل عشان خان داغر مع مراته؟".
أنت تقرأ
شيروفوبيا
عاطفيةتصفعنا الحياة دائماً وتقسو علينا فنصبح كالموتىٰ الأحياء، نسير بأجسادنا بِلا روح، ننطفئ و نفقد بريقنا ونغرق بعتمتنا وتصبح ملاذنا الآمن وهنا نصبح أسرىٰ لهذه العتمة، نَهَاب سطوع الشمس، نَهَاب بريقها الذي يعطي رونق للأشياء فتقر العيون و يضج العالم بالحي...
