"و الآن أشهد أن حضوركِ موت،
و أن غيابك موتان".
محمود درويش.وصلوا للمطار و وقف محسن يترجاها أن تتراجع و لكنها أبت و ودعته ببسمة و ثبات ثم نظرت لأدهم بجفونه الحمراء و تقابلت الأعين بحديث صامت و كأنها تنتظر منه أن يتمسك بها أو على الأقل يطمئنها و لكن لم يتفوه أدهم بحرف لذل تحركت من أمامهما لتذهب بطريقها و هو يراقبها بقلب يُذبح بفراقها و كأن روحه تفارق جسده، تختنق أنفاسه و يكور قبضته يغرز أظافره بيده و كأنه يعاقب نفسه و فجأة تحرك أدهم نحوها سريعاً و أمسك يدها يوقفها و هو ينادي بإسمها:
"روسيل".وقفت روسيل بقلب يخفق بعنف و قد شعرت ببرودة يده و رجفته على ذراعها فنظرت له تتمنى لو أن يعانقها و يقتل خوفها فهي تموت خوفاً و لكنها لم تعتد على إظهار ضعفها فيما رفع أدهم يده و مررها على ذراعها ثم تمسك بها و اهتزت حدقتيه، إزدرد لعابه يحاول التماسك ثم قال بنبرو هادئه مهتزة قليلاً جاهد لتظهر على هذا النحو:
"إوعي تنسي اللي إتفقنا عليه".هرب بنظراته فنظرة عينيها تقتله ثم أردف:
"أول ماتوصلي البيت هتكلميني تطمنيني و تكلميني بود زي أي إتنين متجوزين بيحبوا بعض......و...متنسيش علاجك أنا حطيتلك حقنه زياده عشان لو حصل حاجه للتانيه و فيه حلويات حطتها في شنطتك....حاولي تكوني هاديه".نظرت لعينيه بعدم تصديق و ألم و التقط هو نظرتها التي أصابت جرحه و لم تجيبه بل تحركت من أمامه بهدوء و آلية حتى سقطت يده عنها و قد كان مازال يضع يده على ذراعها يأبى إزاحتها و بتحركها سقطت يده كما سقطت جميع الآمال، وقف ينظر بأثرها بألم يمزقه حتى اختفت عن عينيه فابتلع غصته و تحرك وجد محسن مازال يقف يراقب ما يحدث و قد خذله بفعلته و قد إعتقد أنه أوقفها ليمنعها فيما هرب أدهم بنظراته و مر جانبه و كاد يتخطاه فوضع محسن ذراعه يمنع تحركه و لم ينظر له أدهم فيما قال محسن له بجدية و صدق:
"لو حصلها حاجه أقسملك إني عمري ماهسامحك و ذنبها هيبقى في رقبتك".ينظر أدهم أمامه بجمود فيما أزاح محسن يده فتحرك أدهم دون أن ينبث ببنت شفه، وصلا المنزل و دلف أدهم غرفته يتنفس و كأنه كان بسباق يشعر بنيران تلتهمه و يدور بالغرفة بهياج و كسر ما قابلته يده ثم ارتمي على الأرض صدره يعلو و يهبط يستند على الحائط يضم ركبتيه لصدره و يستند عليهما بمرفقيه ممسكاً برأسه بين راحتيه ثم رفع رأسه ينظر بالغرفة يرى طيفها بكل مكان بها، نظر للفراش موضع نومها و نهض و ارتمى على الفراش ثم أمسك الوسادة التي كانت تنام عليها إشتمها و مازال عبقها يغمرها ضمها لصدره و أغمض عينيه بألم فهربت عباراته العالقة بأهدابه و تذكر حديثه مع عبد الله بالأمس.
قبل ساعات قرابة الفجر تسلل أدهم و خرج من المنزل دون أن يشعر أحد و ذهب لمكان مهجور إعتاد أن يقابل عبد الله به، وصل المكان وجد عبد الله بانتظاره، إستقبله عبد الله بابتسامة و حب صادق ثم جلسا سوياً على صخرة و سأله أدهم بجدية:
"إيه الأخبار؟".
أنت تقرأ
شيروفوبيا
Romanceتصفعنا الحياة دائماً وتقسو علينا فنصبح كالموتىٰ الأحياء، نسير بأجسادنا بِلا روح، ننطفئ و نفقد بريقنا ونغرق بعتمتنا وتصبح ملاذنا الآمن وهنا نصبح أسرىٰ لهذه العتمة، نَهَاب سطوع الشمس، نَهَاب بريقها الذي يعطي رونق للأشياء فتقر العيون و يضج العالم بالحي...