﴿ الفصل 13 ﴾

17.4K 1K 28
                                    

#مريم

إنتهى الدوام لليوم و ها أنا في طريقي لأسحب المال من مكتب البريد. كانت الساعة تشير للرابعة مساء . إتصلت بأمي لأخبرها أن تبعث النقود .

" أمي أنا في مكتب البريد أنتظرك "

" آسفة مريم لا أستطيع فعل ذلك .عمال البريد هنا في إضراب مفتوح ، عندما ينتهي سأمدك بالمال "

ماذا ؟ إضراب ! و من أين سيدفع الإيجار لذلك العجوز الفظ ؟!

هذا ما كان يجول بخاطري بعد أن أغلقت الهاتف .
كنت طوال طريقي إلى المنزل أفكر في ما الذي سيقوله العجوز هنري .

و عندما وصلت أدخلت المفتاح في قفل الباب و لكنه لم يفتح .
ظننت أنني أخطأت المفتاح ، لذلك جربت مفتاحا آخر لكنه لم يفتح أيضا .إنتقلت إلى الباب الأمامي و لم يفتح . ما الذي يحصل ؟

توجهت فورا نحو منزل العجوز الفظ و طرقت بابه .

" ماذا ؟ ماذا ؟ من بالباب .أوه أهلا ! أين مالي ؟ " أردف فور رؤيته لي .

" آسفة سآتيك به قريبا ، لكن باب المنزل لا يفتح " قلت مضطربة

" طبعا لن يفتح ، لأنني غيرت أقفال المنزل "

" آه و لماذا فعلت ذلك ؟ " سألت في صدمة .

" أفعل هذا كل شهر . من يأتيني بالمال أعطيه المفتاح الجديد و من لا يفعل أحجز مقتنياته عندي إلى أن يأتيني بأموالي . و الآن أغربي عن وجهي و لا تأتي إلا و معك الإيجار "

" لكن ... " قلت فقاطعني

" لم يكن علي أن أؤجر لعربية ، إنه خطئي من البداية و خطأ ذلك الأستاذ الذي أقنعني بذلك . العرب منافقون و لا فائدة ترجى منهم . "

قال و هو يغلق الباب في وجهي .

٭٭٭

ما الذي سأفعله الآن ؟ من أين سآتي بالمال ؟ .
عدت و جلست أمام باب منزلي أفكر في حل ما .
" وجدتها سأستعير المال .. لكن ممن ؟ "
قلتها و عدت إلى تفكيري .
من هاري ! لا لا أتعبته كثيرا في البحث عن منزل لي ، هو أستاذي و ليس ولي أمري .
من صوفيا ! لا لا أنا متأكدة من أنها لا تملكه . و هي قد أخبرتني أنها إنتقلت للسكن مع نايل لأنها لم تستطع أن تبقى وحيدة بعد رحيلي . لابد أنها تدفع إيجار منزلهما أيضا .
إذا من نايل ! أووه لا هو يعمل بعد الدوام ليوفر أقساط الجامعة ، لن أكثر عليه بمشاكلي .
من لوي ! لا أيضا ، هو صديقي نعم لكن لست بذاك القرب منه .
حسنا لم يتبقى سوى زين .. زين ! لا لا أبدا ، لا أريد أن أكون مدينة له بشيء .
لكن ..

#زين

السابعة مساء كانت الشمس توشك على الغروب ..
شعرت ببرودة الجو لذلك ذهبت لأغلق نوافذي المفتوحة . وعندما وصلت للنافذة المطلة على الشارع ، رأيت مريم تجلس على عتبة باب منزلها ، تضع يدها على خدها و غارقة في تفكيرها .
لم أراها منذ شهر تقريبا. آه إنها غريبة أطوار ، ما الذي تفعله هناك ؟ الجو بارد لماذا لا تدخل ؟
و ما الذي يهمني !
أغلقت نافذتي و ذهبت لتناول الطعام .
و لكنها لم تغادر تفكيري طوال ساعات .

أشارت الساعة إلى الثامنة و النصف . أسدل الليل ستائره السوداء ففتحت نافذتي لأتأكد من دخولها لكنها كانت لا تزال على نفس وضعيتها .
إستغربت الأمر . و قبل أن أمنع فضولي من الذهاب إليها وجدت نفسي أقف إلى جانبها .

" لماذا لا تدخلين ؟ الجو بارد "

رفعت رأسها بإرتباك دلَّ على عدم شعورها بإقترابي منها .

" أوه من ! .. زين ! ما الذي تفعله هنا ؟ "

" لماذا تجلسين هنا ؟ " سألت بإهتمام

" لم أدفع الإيجار فغير المالك الأقفال و لم يعطني المفاتيح . و أمي لا يمكن أن ترسل لي النقود بسبب إضراب عمال مكتب البريد .. "
صمتت لبرهة ثم أضافت

" زين ! هل أجد عندك المال و سأعيده لاحقا أعدك ؟ "

" في الحقيقة لا . أنا متشاجر مع أبي كما تعلمين .لا أستطيع أن أطلب المال منه . لكن سأحاول أن أدبره لك "
" أوه شكرا لك .. " و إبتسمت إبتسامة ساحرة.

" إذا ؟ ستجلسين هنا طول الليل ؟ الجو بارد "

" لا مكان أذهب إليه "

" يمكنك المجيء إلى منزلي إن أردت " إقترحت

" لا شكرا لك .. سأكون بخير هنا "

" كما تريدين "

تركتها و رحلت ..

بعد نصف ساعة وجدتها تطرق باب منزلي .

" هل يمكنني الدخول ؟ " قالت بحياء

" تفضلي "
قلت و أفسحت لها المجال لتدخل .

#مريم

لا أعرف كيف طاوعتني نفسي على الذهاب إليه !
" لن أسامح نفسي أبدا على هذا "
همست و أنا أدخل المنزل .

كان منزله في حالة فوضى تامة .
ملابس ملقاة هنا و هناك على الأرض ، بقايا طعام على الأريكة و فوق الطاولة ، قنينات الشراب في كل مكان و رائحة الخمر الكريهة تفوح من القنينات الفارغة .

" تلك ستكون غرفتك " قال و هو يشير إلى إحدى الغرف المغلقة .

هممت بالصعود إليها بعد أن قلت له
" شكرا لك . تصبح على خير "
فسألني
" هل أنت جائعة ؟ "
" لا أشكرك .. "
قلت ثم صعدت إلى الغرفة . دخلتها و كانت نظيفة تماما كأنها لا تنتمي لذلك المنزل .
كانت تتكون من سرير و خزانة فارغة و مكتب صغير .
ألقيت حقيبة ظهري على المكتب و ثقل جسمي على الفراش بعد أن أغلقت الباب بالمفتاح  و إستسلمت للنوم دون أن أفكر في شيء فقد كنت متعبة للغاية .

ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing( حيث تعيش القصص. اكتشف الآن