#مريم
إنتهى الدوام لليوم و ها أنا في طريقي لأسحب المال من مكتب البريد. كانت الساعة تشير للرابعة مساء . إتصلت بأمي لأخبرها أن تبعث النقود .
" أمي أنا في مكتب البريد أنتظرك "
" آسفة مريم لا أستطيع فعل ذلك .عمال البريد هنا في إضراب مفتوح ، عندما ينتهي سأمدك بالمال "
ماذا ؟ إضراب ! و من أين سيدفع الإيجار لذلك العجوز الفظ ؟!
هذا ما كان يجول بخاطري بعد أن أغلقت الهاتف .
كنت طوال طريقي إلى المنزل أفكر في ما الذي سيقوله العجوز هنري .و عندما وصلت أدخلت المفتاح في قفل الباب و لكنه لم يفتح .
ظننت أنني أخطأت المفتاح ، لذلك جربت مفتاحا آخر لكنه لم يفتح أيضا .إنتقلت إلى الباب الأمامي و لم يفتح . ما الذي يحصل ؟توجهت فورا نحو منزل العجوز الفظ و طرقت بابه .
" ماذا ؟ ماذا ؟ من بالباب .أوه أهلا ! أين مالي ؟ " أردف فور رؤيته لي .
" آسفة سآتيك به قريبا ، لكن باب المنزل لا يفتح " قلت مضطربة
" طبعا لن يفتح ، لأنني غيرت أقفال المنزل "
" آه و لماذا فعلت ذلك ؟ " سألت في صدمة .
" أفعل هذا كل شهر . من يأتيني بالمال أعطيه المفتاح الجديد و من لا يفعل أحجز مقتنياته عندي إلى أن يأتيني بأموالي . و الآن أغربي عن وجهي و لا تأتي إلا و معك الإيجار "
" لكن ... " قلت فقاطعني
" لم يكن علي أن أؤجر لعربية ، إنه خطئي من البداية و خطأ ذلك الأستاذ الذي أقنعني بذلك . العرب منافقون و لا فائدة ترجى منهم . "
قال و هو يغلق الباب في وجهي .
٭٭٭
ما الذي سأفعله الآن ؟ من أين سآتي بالمال ؟ .
عدت و جلست أمام باب منزلي أفكر في حل ما .
" وجدتها سأستعير المال .. لكن ممن ؟ "
قلتها و عدت إلى تفكيري .
من هاري ! لا لا أتعبته كثيرا في البحث عن منزل لي ، هو أستاذي و ليس ولي أمري .
من صوفيا ! لا لا أنا متأكدة من أنها لا تملكه . و هي قد أخبرتني أنها إنتقلت للسكن مع نايل لأنها لم تستطع أن تبقى وحيدة بعد رحيلي . لابد أنها تدفع إيجار منزلهما أيضا .
إذا من نايل ! أووه لا هو يعمل بعد الدوام ليوفر أقساط الجامعة ، لن أكثر عليه بمشاكلي .
من لوي ! لا أيضا ، هو صديقي نعم لكن لست بذاك القرب منه .
حسنا لم يتبقى سوى زين .. زين ! لا لا أبدا ، لا أريد أن أكون مدينة له بشيء .
لكن ..#زين
السابعة مساء كانت الشمس توشك على الغروب ..
شعرت ببرودة الجو لذلك ذهبت لأغلق نوافذي المفتوحة . وعندما وصلت للنافذة المطلة على الشارع ، رأيت مريم تجلس على عتبة باب منزلها ، تضع يدها على خدها و غارقة في تفكيرها .
لم أراها منذ شهر تقريبا. آه إنها غريبة أطوار ، ما الذي تفعله هناك ؟ الجو بارد لماذا لا تدخل ؟
و ما الذي يهمني !
أغلقت نافذتي و ذهبت لتناول الطعام .
و لكنها لم تغادر تفكيري طوال ساعات .أشارت الساعة إلى الثامنة و النصف . أسدل الليل ستائره السوداء ففتحت نافذتي لأتأكد من دخولها لكنها كانت لا تزال على نفس وضعيتها .
إستغربت الأمر . و قبل أن أمنع فضولي من الذهاب إليها وجدت نفسي أقف إلى جانبها ." لماذا لا تدخلين ؟ الجو بارد "
رفعت رأسها بإرتباك دلَّ على عدم شعورها بإقترابي منها .
" أوه من ! .. زين ! ما الذي تفعله هنا ؟ "
" لماذا تجلسين هنا ؟ " سألت بإهتمام
" لم أدفع الإيجار فغير المالك الأقفال و لم يعطني المفاتيح . و أمي لا يمكن أن ترسل لي النقود بسبب إضراب عمال مكتب البريد .. "
صمتت لبرهة ثم أضافت" زين ! هل أجد عندك المال و سأعيده لاحقا أعدك ؟ "
" في الحقيقة لا . أنا متشاجر مع أبي كما تعلمين .لا أستطيع أن أطلب المال منه . لكن سأحاول أن أدبره لك "
" أوه شكرا لك .. " و إبتسمت إبتسامة ساحرة." إذا ؟ ستجلسين هنا طول الليل ؟ الجو بارد "
" لا مكان أذهب إليه "
" يمكنك المجيء إلى منزلي إن أردت " إقترحت
" لا شكرا لك .. سأكون بخير هنا "
" كما تريدين "
تركتها و رحلت ..
بعد نصف ساعة وجدتها تطرق باب منزلي .
" هل يمكنني الدخول ؟ " قالت بحياء
" تفضلي "
قلت و أفسحت لها المجال لتدخل .#مريم
لا أعرف كيف طاوعتني نفسي على الذهاب إليه !
" لن أسامح نفسي أبدا على هذا "
همست و أنا أدخل المنزل .كان منزله في حالة فوضى تامة .
ملابس ملقاة هنا و هناك على الأرض ، بقايا طعام على الأريكة و فوق الطاولة ، قنينات الشراب في كل مكان و رائحة الخمر الكريهة تفوح من القنينات الفارغة ." تلك ستكون غرفتك " قال و هو يشير إلى إحدى الغرف المغلقة .
هممت بالصعود إليها بعد أن قلت له
" شكرا لك . تصبح على خير "
فسألني
" هل أنت جائعة ؟ "
" لا أشكرك .. "
قلت ثم صعدت إلى الغرفة . دخلتها و كانت نظيفة تماما كأنها لا تنتمي لذلك المنزل .
كانت تتكون من سرير و خزانة فارغة و مكتب صغير .
ألقيت حقيبة ظهري على المكتب و ثقل جسمي على الفراش بعد أن أغلقت الباب بالمفتاح و إستسلمت للنوم دون أن أفكر في شيء فقد كنت متعبة للغاية .
أنت تقرأ
ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing(
Spiritualكيف رحلت عني ؟ وكيف جرؤت أن اقصيك عني ؟ كيف لا أبالي أنك جزء مني و أني بعدك لا أكون غير بقايا إنسان أرهقه الجنـون ؟ كيف كنتُ عند الرحيل ولم أهتز وقت الوداع ؟ كيف تركتك ببساطة ترحلين و أنا أشهد رحيلك الحزين في صمت كالموت ولا أعبأ نهاية الرحيل و...