﴿ الفصل 64 ﴾

16.3K 1K 93
                                    

#مريم

فتحت عيناي لأرى فقط ذاك البياض يحيط بي .

" أين أنا ؟ "

قلت بهمس و أنا أمسك رأسي الذي يؤلمني بشدة .
كانت رؤيتي مشوشة كما هي أفكاري .
أرى بضبابية إمرأة ترتدي الأزرق السماوي تدخل ثم تخرج بسرعة لتدخل مجددا بعد قليل و معها رجل يرتدي البياض .

أغلقت عيناي بكسل و أنا أحاول تذكر أي شيء
ثم سمعت صوتا أنثويا يسأل

" إذا ماهي حالتها دكتور ؟ "

" إنها بخير ، فقط جسدها مرهق من الوضع و ستستيقظ قريبا "

أجاب صوت رجولي عميق .

أعدت فتح عيناي ببطء لتصرخ الفتاة التي تبين أنها دانا بفرح

" لقد إستيقظت أخيرا "

إبتسمت لها بتعب . فتركتني و غابت للحظات ثم عادت و معها هاري

" مريم ، حمدا لله على سلامتك "

قال هاري و قد بدا القلق ممزوجا بالفرح على محياه .

ساعدتني دانا لأجلس على السرير ، ظهري مستند لحافته و قدمت لي كأسا من الماء .

" أين هو ؟ " سألت بشوق .

" ستأتيك به الممرضة حالا .. إنه ظريف للغاية " قالت دانا بإبتسامة كبيرة .

أومأت لها بتعب و إبتسامة صغيرة .

بعد ثوان دخلت الممرضة و وضعت بين ذراعاي ملاكا صغيرا من الجنة فأخذته بيدين مرتجفتين .

كان ظريفا للغاية و كل ما فيه ضئيل .

كان يبكي بين يديها لكنه هدأ بمجرد أن وضعته بين ذراعاي .

نظر لي بعينين صغيرتين نصف مفتوحتين فأحسست برغبة كبيرة في البكاء لكنني لم أستطع فعل ذلك .

مشاعري مختلطة ، مضطربة و مشوشة .. أشعر بالفخر ، الحب ، المسؤولية و القليل من الحزن ، الإنزعاج ، اليأس و تأنبيب الضمير ، كذلك أشعر بالقلق و يتملكني خوف كبير .

تمنيت للحظة لو كان زين إلى جانبي في هذه اللحظة . أن يحمل إبنه بفخر بين ذراعيه و يقبلني بحب لأنني أهديته إياه .

قاطعني دخول ممرضة تحمل بين يديها دفترا صغيرا و بادرت بسؤالي

" سيدتي ، ماذا ستسمين إبنك ؟ "

حدقت به مطولا قبل أن أجيب " يزن .. سأسميه يزن "

رأيت نظرة تعجب في عيني هاري بينما إرتسمت إبتسامة رضى على ثغر دانا و هي تقول " إسم جميل .. أحسنت الإختيار "

بينما قامت الممرضة بتدوين الإسم على دفترها و خرجت يتبعها هاري لإكمال بقية الإجراءات .

ثم خرجت دانا مدعية أنها ستجلب لي شيئا أشربه .

أومأت لها و عدت للتحديق بالصغير الذي غلبه النعاس بين يداي و الشعور بالخوف و التوتر مازال يراودني إلى أن سمعت دقات خفيفة على الباب ليدخل منها الطبيب و يجلس على كرسي قريب مني .

" مرحبا أنا دكتور ستيل . أنا طبيب نفسي مكلف بمراقبة الحالة النفسية للأمهات بعد الولادة .. أخبريني كيف تشعرين ؟ "

قال الطبيب فبدأت أتحدث معه عن مشاعري كلها إلى أن إستنتج في النهاية

" أخشى أنك تمرين بحالة إكتئاب . هو مرض يصيب النساء غالبا بعد مولودهن الأول يسمى إكتئاب ما بعد الولادة . أعراضه النفسية قد أحسست بها للتو بالإضافة إلى سرعة الغضب و الإنفعال و فقدان الإهتمام بالأمور التي كنت تهتمين بها عادة أما الأعراض الجسدية فهي تتمثل في الشعور بعدم القوة و الإرهاق ، إضطرابات النوم ، البطء أو السرعة الزائدة ، عدم القدرة على الإسترخاء ، فقدان الإهتمام بالعلاقة الحميمية و التغير في شهية الأكل أي فقدان الشهية أو الأكل الزائد و الأهم من ذلك كله أن الشعور بالإكتئاب يجعل الناس خبراء في التفكير السلبي مع عدم القدرة على التركيز أو إتخاذ القرارات و ستبدئين في تجنب الناس و قلة الخروج من المنزل و ستتعودين على عدم القيام بأشياء كنت تستمتعين بها ، عدم القيام بالواجبات اليومية أو القيام بأشياء أكثر من اللازم مع رفض القيام بأخذ قرارات حاسمة بالإضافة إلى الإنهيار السريع و فقدان القدرة على التحكم في النفس . سببب هذا المرض يكون في أغلب الأحيان الخلافات الزوجية المستمرة و الإنهيار العاطفي مع الخوف من تحمل المسؤولية . لكن لا تقلقي ، يزول هذا المرض بعد شهور قليلة من الولادة و يستمر سنة على الأكثر . سأصف لك بعض المهدئات لتساعدك على الإسترخاء و عليك أخذ موعد مع سكرتيرتي قبل مغادرتك للمستشفى و زيارتي في أقرب وقت أما الآن فسأدعك ترتاحين و أتمنى لك الشفاء العاجل "

أومأت له بإبتسامة شاكرة فحياني و خرج من الغرفة .

و إثر خروج الطبيب ، دخل هاري و عليه علامات الحزن ثم بادرني قائلا

" لقد سمعت كل ما قاله الطبيب ، لم أظن أن حالتك سيئة إلى هذه الدرجة "

" لا بأس . أنا قوية و سأتعافى سريعا "

" لكن عليك إخبار زين بشأن الطفل ، تعلمين ذلك "

" أظنك سمعت الطبيب يقول أنني لست قادرة على إتخاذ قرارات حاسمة في الوقت الراهن . أظن علي تأجيل الموضوع "

" إلى متى ؟ "

" لا أعلم "

" اووه لا فائدة منك . كم أنت عنيدة ! .. لقد أرسلت دانا لتأتيك ببعض الملابس .. ستخرجين بعد ساعة "

" حسنا شكرا لك . أنا تعبة و سأنام قليلا . أيقظني عندما تأتي "

قلت و أومأت له بالإنصراف فخرج و أغلق الباب ورائه بينما وضعت الصغير في مهده و أسندت رأسي إلى الوسادة ، أشعر بالصداع يشتد و يمنعني من التفكير في أي شيء .

ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing( حيث تعيش القصص. اكتشف الآن