﴿ الفصل 60 ﴾

16.4K 1.1K 123
                                    

#زين

بعد الإنتهاء من العمل ، كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل و نصف ، خرجت من مكتبي و توجهت إلى غرفتي . كانت تلك المرة الأولى التي أدخلها إليها بعد إنفصالي عن مريم .

بمجرد فتحي للباب ، لفحت أنفي رائحة اللاڤندر القوية ، كانت الغرفة تعبق بعطر مريم و عندما إقتربت من الفراش إزدادت الرائحة قوة .

لم تفعل تلك الرائحة شيئا سوى تذكيري بها و تذكيري بذلك الظرف الذي أتتني به لويزا قبل ساعات .

عدت إلى مكتبي ، أخذته و إتجهت إلى الغرفة ، أغلقت الباب و جلست على السرير في ظل إضاءة خافتة .

فتحت الظرف و وجدت به رسالة ففتحتها و قرأت محتواها

" مرحبا زين !

أنا أشتاق إليك كثيرا !

بما أنك تقرأ هذه الرسالة فهذا يعني أنني خرجت من حياتك إلى الأبد لكنني لم أكن أملك الشجاعة لإخبارك بشيء قبل رحيلي ففضلت أن أكتبه لك .

تلك الليلة ، حين أبديت إعجابك بي ، كنت بالفعل واقعة في حبك لكنني لم أكن أعلم بالأمر . إضطربت و رفضت طلبك لأسباب عدة، أولها أنني كنت خائفة من علاقة مع شخص غريب كان يكن لي الكره و ظننت أن تلك إحدى خططك لإهانتي كما كنت تفعل في البداية و ثانيا لأنني كنت مخطوبة إلى أحدهم بالفعل و ليس من طبعي أن أعبث بمشاعر أحد حتى لو لم أكن أكنّ له شيئا ..

أنت أردت ردا فوريا و أنا لم أكن قادرة على ذلك حينها ، لو أنك فقط تركت لي بعض الوقت !

إكتشفت بعد ذلك أن سامي كان يخونني رغم وفائي له . و التلاعب بي من قبله كان مؤلما للغاية ففسخت خطبتي منه رغم رفض أمي للأمر لكن حبي لك هو من جعلني أقوى و قادرة على مواجهة كل شيء . فقط لكي آتي إليك و أخبرك أنني آسفة و أنني كنت حمقاء غبية حين رفضتك .

عندما عدت إلى بريطانيا ، أقمت مدة من الزمن في أحد فنادق والدك و هناك رأيتك برفقة مولي فأيقنت أن مشاعرك التي أخبرتني عنها كانت فقط تلاعبا بي أو مجرد إعجاب صغير فقررت أنني سأنساك لكن في كل مرة حاولت فيها النسيان ، أجدك أمامي و يجمعني بك القدر ليجعلني أغرق في حبك أكثر و أكثر .

عندما أتيتني تلك الليلة ثملا ، بدأت تتحدث عن فتاة تحبها ، إعتصر الألم قلبي و تمنيت لو كنت حقا أحببتني حتى لمجرد ساعة من الزمن .

عندما كنت تغضب من ليام أو هاري لأنهم كانوا بالقرب مني ، أردت كثيرا أن أصدق أنك تغار و أن لي مكانا حتى لو كان صغيرا في قلبك ، لكن من أخدع ؟ أنا لا شيء بالنسبة لك ..

طلب والدك مني أن أتزوجك لعلي أتمكن من إصلاح طبيعتك المستهترة اللامبالية و المتسرعة فوافقت على الأمر بعد أن أعياني التفكير .

ظننت في البداية أنني وافقت رأفة بأبيك و إشفاقا على حاله لكنني في الحقيقة وافقت لأنني أردت في صميمي أن أكون قربك .

كنت أعلم أنك لن توافق أبدا على الإرتباط بي لذلك إخترعت تلك الصفقة لأكون معك حتى لو كلفني الأمر أن تعتبرني غانية تسعى للمال فقط ، فكرت أنني خلال فترة زواجنا ، قربك مني سيجعلك تعرفني جيدا و ربما ، ربما تقع في حبي ، لكنني فشلت و هذه الرسالة التي بين يديك الآن أكبر دليل على إخفاقي .

ربما تتساءل لماذا كنت أتصرف كفتاة هوى و لمَ لم أخبرك بمشاعري ؟

كنت أفعل ذلك لكي تعلم أن كل فتاة في الكون قادرة على أن تصبح عاهرة ، الأمر سهل للغاية صدقني لكن الصعب هو أن تضبط نفسها و رغباتها لتحافظ على نفسها لشخص واحد تمنحه كل شيء ليكون الأول و الوحيد في حياتها و قد كنت أنت ذلك الشخص المناسب بالنسبة لي لأن قلبي أرادك أنت فقط من بين الجميع .

في كل مرة كنت أحاول الإقتراب منك فيها كنت تصدني بشراسة حتى إقتنعت أخيرا أنك لا تريدني و ستبقى كذلك دائما . لذلك فضلت الإبتعاد عنك فقط من أجلك ، كي لا أكون عائقا في سعادتك مع من سيختارها قلبك .

قبل رحيلي من هذه الغرفة لم آخذ شيئا سوى ملابسي ، صور زواجنا و القلادة التي تحمل حرفي إسمينا و التي أهديتني إياها يوم إعترفت بإعجابك لي . لا أظن أن هذه الأشياء ذات قيمة لك لكنها تساوي ثروة بالنسبة لي فسمحت لنفسي بالإحتفاظ بهم .

حسنا .. قبل وفاته أوصاني والدك أن أعتني بك جيدا و أعتني بالشركة كذلك و بما أنني فشلت في الحفاظ عليك فأريد حقا أن أنجح في النصف الثاني من الوصية ، أتذكر حين طلبت منك أن تودع بحسابي البنكي نصف أرباح مؤسسات مالك ؟
أعترف أنك رغم كل عيوبك كنت شخصا يحافظ على كلمته و قد فعلت ما إتفقنا عليه . كنت أفعل ذلك في البداية لأتمكن لعب دور الفتاة السيئة التي تسعى وراء المال لكنني لم أكن أريد المال و كنت أريدك أنت لأنك لا تقدر بثمن بالنسبة لي .

أما بالنسبة للمال فكنت سأعيده على كل حال . بطاقتي الإئتمانية وضعتها في الدرج العلوي في خزانتك بالرفقة إلى الشيك الأبيض الذي أردت إهانتي من خلاله .
يمكنك أن تأخذ كل المال لتسديد ديون الشركة لفرانسوا فالمبلغ ضخم و سيفي بالغرض لأنني​ لم أمسُسْ منه مليما واحدا و بالتالي لن تكون الشركة مدينة للبنوك . ثم بعد ذلك يمكنك أن تغلق حسابي البنكي لأنني لن أكون بحاجة إليه بعد اليوم أو يمكنك أن تمنحه لزوجتك القادمة .

زين فقط ، أرجوك ، لا تتسرع في أخذ قراراتك مجددا و لا تقفز إلى إستنتاجات خاطئة قبل أن تدرس الأسباب جيدا و إقترب من الله لأنك كلما كنت بعيدا عنه ، ستكون حياتك أصعب . و إلتجأ إليه حينما تشعر بالضعف لأنه حتما الوحيد الذي سيجعلك أقوى و قادرا على المضي إلى الأمام .

بالمناسبة يمكنك أن تقول بأنني مجنونة لأنني أغرقت الغرفة بعطر اللافندر و خاصة السرير لكنني حقا لا أريد لإمرأة أخرى أن تحتل الغرفة التي جمعتنا ، سيدوم مفعول العطر طويلا و أنا واثقة من أنه سيشعرك بوجودي هناك كلما جلبت إلى الغرفة إمرأة أخرى . ربما لم أستطع المحافظة عليك لكنني سأحافظ على غرفتي على الأقل .
و بعد وقت ، حينما ينتهي مفعول العطر ، تأكد أنني نسيتك حينها لكن الآن .. أنا أحبك .

أتمنى لك الأفضل و أرجوك كن دائما بخير .

مريم مالك ..  "

ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing( حيث تعيش القصص. اكتشف الآن