﴿ الفصل 14 ﴾

16.7K 1K 46
                                    

#مريم

أفقت صباح الغد على الساعة العاشرة صباحا ، يوافق اليوم يوم عطلة .

خرجت من غرفتي أبحث عن زين لكني لم أجده في أي مكان .
كان حال المطبخ كحال بقية المنزل ، الأطباق ملوثة تفوح منها الروائح الكريهة كأنها لم تغسل منذ آلاف السنين .
من حسن حظي أني وجدت القليل من القهوة لأعدها .
ثم قررت أن أنظف البيت بما أنني سأبقى فيه لفترة .
بدأت بالنوافذ أفتحها لتنير أشعة الشمس ذلك الظلام الموحش . ثم غرفة الجلوس ، المطبخ و الحمام و أخيرا بقية الغرف .
طلبت من السيد جايمس صاحب دكان البقالة أن يبعث لي بعض الخضر و الغلال لأعد الغداء . و بعد ثلاث ساعات إنتهيت تقريبا .
لم يتبقى لي سوى غرفة واحدة . نظرة إلى المنزل و إبتسمت برضى . كانت تفوح منه رائحة النظافة و الترتيب .

" تلك الغرفة و أنتهي "

قلت و أنا أصعد السلالم إليها . فتحت بابها و لم أرى أي أثاث بها . فقط لوحات وضعت هنا و هناك. و تتوسط الغرفة طاولة فوقها فَرَاشِي و ألوان و أدوات رسم و لوحة لم تكتمل بعد ، و في آخر الغرفة خزانة صغيرة سوداء . كانت عبارة عن مرسم صغير. 
و عندما هممت بالدخول إليها سمعت الباب يفتح و زين يناديني .
سويت حجابي و نزلت إليه .

" مريم ! أهذا حقا منزلي ؟ لم أتركه هكذا " قال و أطلق ضحكة صغيرة .
" لم أستطع تحمل تلك الفوضى فقمت بالتنظيف. أرجو ألا تمانع ! "
" أحسنت " إبتسم ثم أضاف
" أنا جائع ، هيا أعرف مطعما قريبا "
" سبق و أعددت الطعام "
" أوه حقا ! هيا لنأكل إذا "

وضعت الطعام وبدأنا نتحدث في مختلف المواضيع

" تجيدين الطبخ " قال زين
" ليس كثيرا ، فقط بعض الأطباق "
" لا بأس بك "
أومأت له برأسي و إنغمست في طعامي دون أن أنظر إليه .
و بعد قليل ، إستهل الحديث مجددا 
" هل سنعود للدراسة معا ؟ "
" آسفة ، لا أستطيع " أجبت دون أن أرفع رأسي إليه .
أمسك ذقني و رفع رأسي لتلتقي الخضراء بالعسلية .
" هل مازلت غاضبة ؟ "
أنزلت عيناي و قلت
" أحاول أن أنسى لكن ... "
قاطعني " آسف لكنك من أجبرتني على ذلك "
" كيف ؟ ما الذي فعلته لك ؟ "
" لم يخفى علي أنك مبعوثة من طرف والدي ، أنت من يمده بأخباري "
" م..ماذا ؟ أنا لم أقابل والدك إلا مرة واحدة زين " أجبت بصدمة
" إذا كيف تفسرين أنني أجدك في كل مكان ، في الجامعة ، في السوق ، في المخيم .. ؟ و قد أصبحت شريكتي رغما عني بينما إختار الآخرون شركائهم كما يريدون .. حتى إني وجدتك في الحانة التي أقصدها دائما ، أنت في حانه !! آه و تريدين أن أصدق أن كل ذلك صدفه ! .. " قال بسخرية.
" لا أؤمن بالصدف لكنه حتما قدر " أجبت بهدوء
" آه أجل قدر " ردد ساخرا و غادر المطبخ .

لم أفعل شيئا سوى أنني غسلت الأطباق و توجهت إلى غرفتي . من عادتي أن أدرس كي أهرب من الأفكار التي تحاصرني لكن كل حاجياتي في منزلي و لم آتي بشيء معي .
كان زين جالسا في غرفة الجلوس يدخن و يشاهد التلفاز .

" هل يمكنني إستعارة حاسوبك و كتبك ؟ " سألت
" إنهم في غرفتي " أجاب ببرود .

أخذت ما أردت و عدت إلى غرفتي .
و بعد فترة قصيرة . سمعت صراخ زين
" مريم أين قميصي الأزرق ؟ "
" في خزانتك . الدرج الأول على اليمين "
" و سروالي الأسود ؟ "
" الدرج الثالث "
" حذائي الأسود ؟ "
" في الخزانة تحت الدَّرَجْ "
و بعد دقائق ، صرخ مجددا
" مريم تعالي أريدك "
" ماذا ؟ مريم مريم . ألا يمكنك أن تبحث عن حاجياتك بمفردك ؟ أنا لست زوجتك " قلت متذمرة

" لم أطلب منك أن ترتبي المنزل . كنت أجد حاجياتي بسرعة في السابق "
نظرت إليه بغضب فأضاف .
" سأخرج مع بيري .. هل مظهري جيد هكذا ؟ "
" أجل ، جيد "
هم بالخروج بعد أن همس في أذني بسخرية
" في الحقيقة لا أمانع أبدا أن تكوني زوجتي "
ثم أرسل ضحكة مستهزئة و خرج بينما إحمر وجهي خجلا .
_

عدت إلى غرفتي لأقضي فيها بعض الوقت في المذاكرة .
ثم أعددت العشاء و بقيت أنتظره .
كانت الحادية عشر و النصف ليلا إذا لابد أنه سيعود قريبا .
_

#زين

الثانية و النصف بعد منتصف الليل ، عدت إلى المنزل بعد أن قضيت وقتي مع بيري ثم في حانة مع لوي و نايل .
لم أشرب كثيرا إذ أن مريم في منزلي و لا أريد أن تحصل مشاكل بيننا .

دخلت البيت و كانت الأضواء مقفلة عدى ضوء ينبعث من المطبخ .
" لا بد أنها نائمة في غرفتها " هكذا فكرت ثم توجهت إلى المطبخ و كانت فعلا نائمة لكن على طاولة الطعام .
حاولت إيقاظها لكنها تمطت بكسل و تمتمت
" هممم أمي أتركيني ، أريد أن أنام أنا تعبة "
كان هذا كل ما سمعته منها لذا حملتها إلى غرفتها . كانت متشبثة بي كطفل صغير متشبث بوالده . وضعتها على فراشها و لم أستطع منع نفسي من التحديق في وجهها الملائكي .
تسحرني رموشها الكثيفة و شفتاها الورديتان المتناسقتان . أكثر ما أحب فيها شعرها الأسود الطويل الذي تحجبه عني .

" زين ! زين ! آه زين توقف عن ذلك " تمتمت لنفسي و خرجت إلى غرفتي ثم إستلقيت على فراشي .

" يجب أن تكف عن التفكير بها مالِكْٓ " ذلك ما همسته لنفسي قبل أن يأخذني النوم إلى عالم الأحلام .

ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing( حيث تعيش القصص. اكتشف الآن