﴿ الفصل 21 ﴾

17.9K 1K 36
                                    

#مريم

إستيقظت صباح الغد و كان زين هو من يشغل بالي ! أتساءل إذا كان بخير ؟ يجب أن أطمئن عليه.
جهزت نفسي و خرجت إلى الجامعة .
إنتظرت حظور زين بفارغ الصبر لكنه لم يأتي لذلك قررت أن أذهب إلى منزله لأطمئن عليه .
طرقت الباب و لم يفتح أحد ثم تذكرت أن مفاتيحه لازالت بحوزتي ففتحت الباب و دخلت .
كان المنزل مظلما و تفوح منه الرائحة الكريهة للسجائر و الشراب و كأنه ظل مغلقا لسنوات .
فتحت النوافذ لتبعث الشمس دفئها داخله .
لم يكن زين هناك لذلك أعددت الطعام و بقيت في إنتظاره ..
بعد ساعتان فُتح الباب و دخل ، إرتسمت علامات الدهشة على وجهه حين رآني مع إبتسامة فرح صغيرة حاول جاهدا إخفاءها .
نبض قلبي بغرابة كأنني أراه للمرة الأولى أو هذه المرة الأولى التي أدخل فيها منزله .

" يبدو أنك أحببت منزلي ! " قال مازحا و هو يقترب مني و يجلس بجانبي

" جئت أطمئن على صاحبه .. أين كنت ؟ " قلت بإبتسامة صغيرة

" كنت أنهي علاقة مع أحدهم " قال و قد بدا عليه بعض الحزن .

" أظنك جائعا ، سأحضر الطعام " قلت و أنا أتجه نحو المطبخ محاولة تغيير الموضوع .

جلسنا معا على الطاولة نأكل بهدوء .

" يبدو أنك سعيدة اليوم " قال زين

" جدا " أجبت بإبتسامة واسعة

" طبعا ستكونين كذلك . حبيبك معك بعد غياب دام طويلا ."

" أجل أظن ذلك " أجبت و قد تلاشت تلك الإبتسامة الواسعة .
نعم أنا سعيدة لكن ليس بسبب سامي .أشعر بفرحة كبيرة منذ الصباح لكنني لا أعلم سببها .
إنتهينا من الطعام و إقترح زين أن نشاهد فيلما كوميديا فوافقت و تركت له مهمة إختيار الفيلم.

#زين

جلست مع مريم بعد أن إخترت أحد الأفلام الكوميدية .بدأ الفيلم و لم يكن مضحكا كثيرا أو بالأحرى أنا من لم ينتبه له .
كنت شاردا أنظر إلى ضحكات مريم التي تتعالى أكثر مع كل لقطة مضحكة .

إكتشفت اليوم أنني أحب ضحكاتها و أحب أن أراها سعيدة .

رغم أنني أنهيت للتو علاقة دامت أربع سنوات مع پيري لكن وجودها إلى جانبي يجعلني أنسى و لو قليلا ما أمر به .

إنها فتاة طيبة و أنا أخطأت في حقها كثيرا و دون سبب ، أشعر بالذنب تجاهها و أتمنى لو أستطيع أن أعوض عليها و لو قليلا .

إنتهى الفيلم و كانت مريم ما تزال تقهقه بصوت عال . لم أستطع منع نفسي من الضحك عندما رأيتها تضحك . رؤيتها سعيدة تجعلني سعيدا أنا أيضا .

بقيت أنظر إليها و أتأمل ضحكاتها إلى أن توقفت و قالت

" زين ! هل يمكن أن نعود للدراسة معا ؟ "

فاجأني طلبها كثيرا . ألم ترفض ذلك بسبب ما فعلته بها ؟ قالت إنها لن تدرس معي ثانية إلى أن تستطيع تجاوز الأمر .
أيعني ذلك أنها نسيت ؟ بهذه السرعة !

" أجل طبعا .. " قلت بسرعة و حماس

" حسنا ، سأرحل الآن و سيظل موعدنا الرابعة مساء من كل يوم " قالت و هي تخرج و تقفل الباب خلفها .

إرتميت على الأريكة أتوسد ذراعيو لم أفكر سوى أنني إرتحت كثيرا لوجودها بجانبي. سأعوضها يوما ما عن كل ما فعلته بها .

#مريم

عدت إلى المنزل بعد أن إقترحت على زين أن نعود للدراسة معا .
في الحقيقة لازلت لم أنسى تلك الحادثة التي بسببها إنتقلت من السكن الجامعي لكن زين يمر بظروف صعبة الآن ، يجب أن أجعله يشغل نفسه بشيء ما ليتمكن من النسيان .
و في نفس الوقت يمكنه أن ينجح هذه السنة و أكسب أنا بدوري علامة كاملة .

" إنها صفقة رابحة " قلت بسعادة و أنا أجلس أمام التلفاز .
كنت أقلب القنوات لكن لم أجد شيئا مثيرا للإهتمام . فجأة رن هاتفي و كان سامي

" السلام عليكم " قلت ببرود

" و عليكم السلام ، كيف أنت اليوم ؟ "

" بخير " أجبت بإقتضاب

" حسنا .. هل نخرج سويا ؟ "

لم أعرف بماذا أجيب فلم أكن راغبة في ذلك .
فجأة سمعت صوت الرعد و رأيت الأمطار قد بدأت بالتهاطل . آه الحمد لله ! أنقذني المطر هذه المرة .

" الطقس سيء فلنؤجلها " قلت و أنا أحاول إخفاء فرحتي .

" حسنا ، إلى اللقاء إذا "

أغلقت الهاتف و بقيت أتأمل الأمطار من النافذة
كنت سعيدة للغاية رغم كآبة الجو .خطر ببالي أن أخرج لأتمشى تحت الأمطار و بالفعل خرجت لحديقتي الخلفية . كانت قطرات المطر تبلل ملابسي و خصلات شعري . كانت الأشجار العالية تملأ الحديقة مما جعلني أتجول فيها بحرية دون أدنى خوف من النظرات المتطفلة .كنت سعيدة للغاية في تلك اللحظة .حقا لا أعلم السبب، فرغم كل المشاكل التي تقع لي ، أتتني فرحة من حيث لا أعلم . يقولون يجب أن تحذر من السعادة التي تأتي فجأة لأنها تحمل خلفها حزنا شديدا لكنني لا أهتم ، أحب دوما أن أعيش لحظاتي بكل ما فيها .

توقف المطر و كنت مبللة بكاملي و أرتجف كعصفور صغير . دخلت غرفتي و غيرت ملابسي ثم إستلقيت في فراشي أطلب الراحة و أدعو الله أن يجعل أيامي كلها سعيدة .

#زين

رحلت مريم لكنها بقيت تشغل تفكيري . أشعلت سجارة و بقيت أشاهد التلفاز محاولا أن أزيلها من خيالي لكنني لم أنجح . سمعت صوت الأمطار تضرب الأرض بإيقاع موسيقي .فوقفت أمام النافذة أنظر إلى المطر ينزل بغزارة و مريم لا تزال حاضرة بقوة داخل عقلي .

تلك الفتاة ! هناك شيء مميز بها . صار قلبي يطير فرحا بمجرد رؤيتها . و أرتاح كثيرا حينما أكون معها .
أيعقل أنها سامحتني بعد كل ما فعلته بها ؟
لم تتصرف معي بتلك الطيبة ؟ .أشعر بالذنب دائما بعد أن أقسو عليها لكنها في كل مرة تنسى و كأن شيئا لم يكن !

ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing( حيث تعيش القصص. اكتشف الآن