#زين
بقيت طوال الليل أقرأ و أعيد تلك الرسالة مرارا و تكرارا . أحلل كل جملة ، كل كلمة بل كل حرف منها .
لازلت متسمرا في مكاني و عقلي يحاول إستيعاب الصدمة .
ثم فجأة إنفجرت مرة واحدة ، إنهمرت دموعي بغزارة و بدأت أصرخ و أكسر كل ما يعترض طريقي في تلك الغرفة .اللعنة عليك مريم ! اللعنة ! لماذا تفعلين هذا بي بحق الجحيم ؟
كنت في ثورة غضبي حين أحسست بأمي قد أسرعت نحوي فزعة تحاول تهدأتي .
فإحتضنتها بقوة و دفنت رأسي في صدرها لأجهش ببكاء عميق .
" إهدأ يا صغيري .. إهدأ و فسر لي ماذا حصل لك ؟ "
تدفق صوت أمي الحنون إلى أعماقي لأحتضنها بقوة أكبر بعد أن بدأ هدوئي يعود تدريجيا .
" أنا غبي لأنني تركتها ترحل " قلت بصوت مبحوح
يبدو أن أمي لم تفهم شيئا لكنها واصلت التربيت على ظهري بدفء و هي تقول " لا بأس لا بأس "
و بعد دقائق ، تمكنت من جرّي إلى السرير . غطتني و طبعت قبلة على وجنتي ثم أطفأت الأنوار و رحلت .
" أنا آسف حبيبتي " تمتمت ثم مددت يدي لأحتضن وسادتها ، أستنشق رائحة عطرها الذي أخذني إلى كل ذكرياتي معها و منه إلى نوم عميق .
٭٭٭
إستيقظت في الغد و أنا أشعر بصداع رهيب و ألم قاتل يشق صدري و كأن سكينا حادا غرس في قلبي .
نظرت إلى الساعة لأجد أنها قد تجاوزت الرابعة مساء .
ألم روحي تسلل إلى جسدي فأصبحت أشعر بالضعف و الوهن يسري في أطرافي .
عقلي مشوش ، متوقف عن التفكير و لا أدري ما الذي يتوجب علي فعله .
رفعت رأسي للأعلى و تنهدت بعمق .
يا الله ! غير قادر بعد على إستيعاب ما جرى .
هل كنت أعيش كذبة كبرى طوال تلك السنوات ؟هل كنت أعمى إلى تلك الدرجة كي لا أتمكن من رؤية الحب الذي كان يشع من عينيها ؟
كيف إستطعت إتهام ملاك بريء مثلها بكل تلك الإتهامات القذرة ؟
و كيف تمكنت هي من تحمل كل ذلك الألم الذي سببته لها ؟ بل كيف أمكنني أنا جعل حبيبتي تتألم دون أن أكترث بمشاعرها ، دون أن أشعر بها ؟
لقد كنت قاسيا ، متحجر القلب ، كنت وحشا ..
هل حقا رحلت من حياتي ؟ هل سأستطيع إستعادتها مجددا ؟ هل ستسامحني ؟
أرجو ذلك .. لأن حياتي لا معنى لها بدونها .
كنت أنانيا و لم أفكر سوى في مصلحتي و ما أريده. لكنني حقا بت أحتاجها و لا أعرف كيف سأستطيع المضي دونها ؟ .
أرهقنى الرحيل من مدن ليس لها اسم ولا عنوان الى مدن تحترف الضياع والجنون والنسيان .
بين الشطآن وإرتعاش الأصابع فى المرافىء والخلجان و إنطفاء العمر و العمر شمعة أطفأها رحيلــكِ يانائية فى مدينتك الغريبة .
إنطفأت شموع العمر فى ساحة غيابك و أنا الذى يعشق ثوانى عمرك ، أحتضن الشواطىء الغريبة و أمتطي المرافىء الغريبة و أرتوي خمر المسافات البعيدة .
لامدينة لى بعدك و لا وجود لى بعد غيابك . أنت المدينة والوجود .
لن يسطع القمر دون أن يرى وجهك ولن يورق الربيع في عمرى و سيسقط كل الشجر و يموت قلب الحجر وتجف دموع المطر و يحترق قلب البشر .
بعدك غريبة كل المعانى ، غريبة كل الأغانى ، غريبة حتى الأمانى وغريب أنني تركتك ترحلين وتتركين عمري بلا عمر و تطلقين رصاصة رحيلك الحزين على عمري .
كيف رحلت عني ؟ وكيف جرؤت أن اقصيك عني ؟ كيف لا أبالي أنك جزء مني و أني بعدك لا أكون غير بقايا إنسان أرهقه الجنـون ؟ كيف كنتُ عند الرحيل ولم أهتز وقت الوداع ؟ كيف تركتك ببساطة ترحلين و أنا أشهد رحيلك الحزين في صمت كالموت ولا أعبأ نهاية الرحيل و لا أبالي عاقبة صمتي ؟
غريب كان رحيلك و غريب كان صمتي وكأننا إتفقنا بصمت أن نفترق .
و كأنه لم يكن بيننا وليد
كان منكِ .. كان منيِ ..
هو حبنـــا تركناه وضيعناه فى جنون الرحيل يحترق !
أنت تقرأ
ملاك الرحمة | Angel Of Mercy ( Under Editing(
Spiritualitéكيف رحلت عني ؟ وكيف جرؤت أن اقصيك عني ؟ كيف لا أبالي أنك جزء مني و أني بعدك لا أكون غير بقايا إنسان أرهقه الجنـون ؟ كيف كنتُ عند الرحيل ولم أهتز وقت الوداع ؟ كيف تركتك ببساطة ترحلين و أنا أشهد رحيلك الحزين في صمت كالموت ولا أعبأ نهاية الرحيل و...