الفصل42 الجزء2 المتهم بريء حتى تثبت إدانته

3.8K 119 6
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الثاني والأربعون_الجزء الثاني"
    
                   "يــا صـبـر أيـوب"
        ______________________

أين مني ومن نفسي احتمي؟
أنا الذي أخشاني وأخشى ذاتي
ولم أجد مكانًا فيه أرتمي..

تركتني نفسي ورحلت مني بدون
وداع، تائهٌ مني في نفسي والقلب
أيضًا بداخلي ضاع..

أعني عليِّ وعلى نفسي فهي
عدوي، وخصومة النفس للنفس
بغير توبةٍ ليس لها داع..

فأكتب لي توبةً من كرمك ورحمتك
وأنا قلبي لازال بريئًا حتى ولو تاه
ومن ضاع.

_"غَــوثْ"
__________________________________

بينما أنا أعيش في ظُلمات الليل وحدي بداخل كهفٍ مُعتمٍ وكأني أحد الأساطير التي ترعى النيران، وعزفت العالم بعيدًا عن الجميع، ورافقت الحيوانات من قلة خبرتي مع أمثالي من البشر، حينها حقًا سئمت، سئمت الوحدة وأنا بها وحدي، وسئمت الظُلمة التي لم تقصد غيري وتطل ما عندي، كهفي المُظلم امتدت ظُلمته لداخلي فلم أعد أعهد أي ضوءٍ بعد، وليس هناك لي من بعد ظُلمتي البُعد، وذات مرةٍ قررت أن أتمرد وأقف لنفسي مرصادًا، لذا تركت كهفي الموحش، وتركت لياليا الظلماء، ومررت في بلدةٍ أهلها وصفوا أنهم كُرماء، حينما يمر من بينهم المُتعطش يناولونه من أنهار الخير الماء، وإذ بي وأنا أسير في تلك البلدة تسرقني عين احداهن المزودة بسحرٍ أسودٍ ، ثم تفتني ضحكتها الرنانة، وتخطفني أغنياتها المُنشادة، كانت تتحرك بمرونةٍ كزهرةٍ يافعة تتباهى بجمالها الآخاذ بين حقل زهورٍ، كلماتها كأنها دنانيرٌ من ذهبٍ وقعت في كف متسولٍ يشحذ بين الناس، سُلِبت أمامها وكأنني رأيت البدور البيضاء فوق حشائش الخُضرةِ في وجهها على نهر صافٍ عذب، و لم أعهد طربًا مثل كلماتها، كأنها نغماتٌ حلوة تشدو فوق القلوب التي لا تعرف سبيلًا إلا الصمت المؤنب، منذ أن وقعت عيني عليها وأنا استمع لقلبي المُعتم حينما عاتبني بقول: "أحكمت أنتَ علينا بظلمة الليل والديجور
ولم تأخذنا ولو لمرةٍ لنرَ مثل ذاك النور،
أغرقتُ أنتَ سابقًا لكي تخشى البحور
أم أنك تحسب نفسك زاهدًا والعشق لك فجور؟.

  <"لم أنتقم، بل كان ماضيه متروكًا عندي، فليأخذه">

كل شيءٍ بتلك الحياة ستجد منه نُسختين، حتى الحقوق ذاتها، فهناك حقوق شرعية تعد مِلكًا لصاحبها، وهناك النسخة الأخرى وهي الحقوق الغير شرعية وهي لم تَمت سالبها، لكن البشر هم فقط من أرادوا أن تصبح كل تطمع به أنفسهم حقوقًا لهم، حتى وإن كانت الغير شرعية..

التحول المُفاجيء بشخصيته يُرعب الجميع حتى هو يفقد التعقل ويتغرب عن ذاته، فلم يعد ذاك الزاهد الذي يُهذب نفسه ويسعى لتحقيق المثالية بشخصيته وإنما قدرة تحمله أحيانًا تخونه حينما تمتليء بسرعةٍ ملحوظة فيفيض الغضب منه، ويفقد السيطرة على كبح جماح غضبه المُتقد..

رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن