"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السادس والأربعون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________ربّاهُ إنَّ الروح ترجو رحمةً
تــاه الطريقُ فيا إلهى دُلّها..ضاقت بها الدُنيا وبابُك مُشرعٌ
إن لم تڪن أنت المغيثُ فمن لها؟ربّاهُ عبدك ضعيفٌ ضاع في
الدُنيا وضاعت نفسه كُلهادُلني برحمتك الواسعة وإن
كنتُ عاصيًا، فما أعظم رحمتك
وَوُسعها._"مقتبس"
__________________________________هُناكَ بآخر المدينةِ المُظلمة جذبتني أعين تلمع رغم حُزنها، فرأيت بها وهجًا خطف القلب رغم أنني القوي الذي يخشاه كل الناس، كانت عيناها كما القمر المُكتمل بليلة الخامس عشر في الشهر الهجري، مُكتملة ومُضيئة وكأن الحزن يحاوطه لأنه بمفرده، وأظن كذلك كانت عينيكِ في لقائنا الأول، فأنا أعلم جيدًا كم هي قاسية تلك الوحدة التي تجعل المرء مستوحشًا في دُنياه، لذا حينما أقتربت منكِ وظننتكِ طريقًا عابرًا من وسط الطُرقات، تفاجئتُ بِكِ أنتِ نهاية المدينة وآخرها، وأنتِ فيها شمسها وقمرها، فعلمت أن ما فاتني قبل رؤياكِ هو الفراغ بعينيه، فما فاتني قبلك لا يُعنيني، وما هو قادم إن كان بدونك ليس بشيءٍ سيهديني، فهل من قلبٍ مُصابٍ أن ينجو من عينين داهته للهوىٰ وهو الذي كان صامدًا وبعمره ما اهتوى؟ فإن سألوني هل تود العودة والنجاة من سُبل الحُب والهوىٰ وسألوا الروح هل تودِ العودة كما كنتِ، حتمًا سيكون الجواب "أن كُل الهوى نود منه الشفاء إلا الهوىٰ الذي جعل القلب يهتوىٰ، فحتمًا نود الدواء من كل هوىٰ إلا هوىٰ دهتنا عليه عيونك أنتِ.
<"أردتُ أن يكون نصيبي من الدنيا كما نصيب الطير">
كل يومٍ نتعلم ونصبر ونتأكد إن هناك لم نُدركه بعد لكنه محفوظٌ لأجلنا، لطالما كانت آفة الإنسانية هي التعجل على أشياءٍ رُبما تأتِ لنا في أوقاتها الصحيحة، ورُبما لم نُدركها إلا في وقتٍ مكتوبٍ لنا، لكن ثمة بعض التعجل الذي يُصيب المرء فيجعله ناقمًا وليس صابرًا، ومن ثم تضيع كل الأشياء من بين يديه.
انقلبت السيارة بكليهما ورست جهة اليسار حيث موضع جلوس" أيـوب" الذي حاول بكل طاقته أن يحمي "يـوسف" وينقذه، فلا شك أن الضرر أصابه هو بكثرةٍ بداخل السيارة قبل أن يركض الناس نحوهما وتصرخ لأجل إنقاذهما سويًا، وبعد مرور الكثير من الوقت أتت سيارة الأسعاف وحملتهما لأقرب مشفىٰ على الطريق، وصلا المشفى وكانا غارقيْن في الدماء التي لطخت أجسادهم وملابسهم ولا شك أن حالتهم كانت تساورها الخطورة خاصةً مع انقطاع نفس أحدهما.
بدأت حالة من الهياج تعج بالمشفى خاصةً في قسم الطواريء وركوض طاقم العمل نحو غُرف العمليات الجراحية، وقد خرجت واحدة من الممرضات تحمل أشيائهم ثم قامت بتسليمها للاستقبال بالخارج، وعادت ركضًا لهناكَ من جديد.
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري