"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخامس وستون_الجزء الثاني""يــا صـبـر أيـوب"
______________________سبحانك يا من غمرت الخلائق بفيض الإنعام
و عَمرت المسكونةَ بموارد الخير العام ..
وأرسلت الغمام ريًا و رزقًا إلى سكان الصحارِ
والآكام، تباركت معبودًا، و تساميت مقصودًايا سامع الصوت، يا مدرك الفوت،
يا كاسيَ العظام لحمًا بعد الموت ..
يا سامع الصوت .. يا مدرك الفوت
يا كاسيَ العظام لحمًا بعد الموت ..من بعد هذا يقول من يُحيى العظام ..
من بعد هذا يقول من يُحيي العظام ..
يا ذا الجلال والإكرام .. سبحانك
سبحانك، أنت الحي الذي لا يغيبُ و لا ينام._"نصر الدين طوبار"
__________________________________حينما يسألني العالم من أنا؛ لم أجد في قاموسي جوابًا..
سأفقد كل النواطق وكل هويةٍ تُخبر العالم من أكون أنا..
فأنا وسط الجموع ليس بأنا،
وكيف لي أن أخبر العالم عن هويةٍ لم أملكها يومًا أنا؟..
فأنا أملك الصفة؛ لكنني لم أعمل بها بمثقال ذرة عملٍ،
أملك الجناحين كما الطير، لكنني لم أُحلِق يومًا بهما،
أسير وسط الجموع وحدي وفي قلبي أحمل أُنس العالم بأكمله، أحفظ بداخلي النور ورغم ذلك أعيش في جُبِ الظلام، فحقًا من أنا؟ أأنا ذاك الطير الحُر المكسور جناحيه؟ أم أنا ذاك الطفل الصغير الذي تكالب العالم عليه؟ من أنا ولما وُجِدتُ بينكم هنا؟ لطالما العالم لم يقبل حُـرًا مثلي بين المُكبلين الصامتين؟ فمن أنا ولما بَقيتُ معكم فوق الأرض هُنا؟ وأنا الذي سعى بكل ما يملكه لكي يُحلق فوق السماء بحريةٍ لم أدركها يومًا أنا...
حقًا تودون معرفة من أنا؟ أنا الصوت المكتوم في قلوبكم، وأنا الحبر الجاف في أقلامكم، وأنا الورقة التي حملت فوق سطورها جُرم الحاضر وخبايا تاريخكم، أنا الطير، لكنني لم أصل يومًا لسمائكم، أو نِجمٌ أنا لكن ضوئي لم يكن مرغوبًا وسطكم.<"ولأن الحُرية أهم مطالب الحياة، صرخنا لأجلها">
لأن الطيور الحُرة تُزعج الصائد الخبيث لعلو ارتفاعها في سماءٍ حُرة؛ فهذا لا يُعني إلا أن الحُرية دومًا مكروهة في قلب كل مُجرمٍ يسعى لكي يُكمم أفواه الأحرار، نعم الطير لا يمل والحُر لا يخضع، لكن وقع الظلم على النفسِ يُقهر، لكن مهما طال الوقت ومهما غابت الشمس؛ من جديد ستشرق ومعها يصل الطير لشعاع نورها..
الحُلم هو الغاية الكُبرى التي تعمل كما الترسِ في آلةٍ كُبرى تسمى القلب وتولد به طاقة العزم لكي يُكمل الطريق نحو ما أراد منذ البداية، ولأن الحلم لا يموت، كذلك الأمل أيضًا، كلاهما حيًا ما دام هناك ذاك القلب النابض، وهو قلبه لازال ينبض..
"بـاسم" شابٌ حُـرٌ مُلقى فوق الأرض أصيب بكسرٍ في ذراعه، وآخر في قدمه كأن العجز مصيره المحتوم، فمه أصبح مُكممًا بواسطة قطعة قماشية مُلوثة ومُدنسة وضِعت بفمه لكي تمتد أيادي القهر لداخل الروحِ ثم تم عقدها للخلف كي لا تسقط عن فمه، تلقى عدة ضربات فوق ظهره وعجز حتى عن الصراخ، نازع ورفع رأسه عن الأرض لكي لا يكون خاضعًا لتلك المهانة لكن كف أحدهم أطبق رأسه فوق الأرض ثم ضغط عليها بنعاله وقال بلهجةٍ صلدة آمرة:
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري