الفصل23 الجزء2 دروع بشرية !!

4.8K 129 1
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الثالث وعشرون_الجزء الثاني"
    
                    "يــا صـبـر أيـوب"
         ______________________

أناجيكَ بقلبي الضعيف ولم
أملك من الصبر كما ملك أيوب..

أبكي مخافةً من الضعف وكلي
يقين كما بكى وتيقن يعقوب..

فأنا لم أكن بنبيٍ بل أنا عبدٌ ضعيف
وذنبي ثُقله بروحي ليس بخفيفٍ

وإني يا الله قصدتُ منك النجاة
وبدون هداك أنا وحدي في الدرب المُخيف.

_"غَـــوثْ"
__________________________________

لن أحدثكِ كي أطلب منكِ الرأفة،
بل سأخبرك بما عايشته من قبلكِ حتى أصبحت ما أنا عليه، فأنا منذ أن ولدتني أمي خُلقتَ مسئولًا وحاميًا لعائلتي، حيث أنا لم أكن صبيًا كما أمثالي من أبناء عمري، بل كنت غريبًا عن الكُل أملك هيبة ووقارًا، فكنت أحمل فوق عاتقي مسئوليات أكبر مني لكني أحبها، حيث كنت أملأ حياة الجميع بالأمان في حين كنت أنا أبحث لذاتي عن الإطمئنان، فقبل مجيئك كنت أشبه من يسير في صحراءٍ قاحلة شمسها حارقة، نعم لم تكوني أنتِ أول النساء في حياتي،
ولا أول المُصادفات بطريقي، حيث كانت تسبقكِ أخرى حضرت ربيع العُمر وقد حولته إلى خرابٍ،
أخذت مني طاقة الشباب وأصبحتُ معها كهلًا،
وفوق كل ذلك وجدتُها تترك يدي عند مفترق الطرق وغدوتُ في الطريق وحيدًا، ومن ثم صُدفةً ألتقيتُ بكِ أنا وصغيري، حينها فرح قلب كلانا وكأننا قطعة واحدة تمت تجزئتها،
فهو رأى فيكِ الأم التي لم يعهدها في سنوات عمره،
وأنا رأيتُ فيكِ الشجرة التي سأستظل عندها من قسوة شمس الطُرقات الحارقة، نعم قد تكونين لست الأولى في دربي، لكنكِ وحدكِ من توغلتي في قلبي، نعم قبل مجيئك كنت بمفردي ووحدي، لكنكِ خير إنتصار حربي.

     <"السكوت عن الألم بحجة الألم، ألم في ذاته">

كانت مواجهة الاثنين معًا ثقيلة وخاطفة للأنفاس، ساحقةً للروح وقد وقف "إسماعيل" بينهما ذاهلًا بأنفاسٍ مُحتبسة داخل رئتيه ليجد "مُـحي" قام بتفجير القُنبلةِ بهتافهِ الحاد:

_وأنا مرضالكش تفضل في بيت بتكره صحابه، أخرج برة البيت مشوفش وشك هنا تاني، لو عندك دم بجد بقى.

كلاهما يثأر لنفسهِ بطريقته الخاصة، حيث أحدهما يثأر من صورة الماضي والثاني يكره كون أن أصل من يقف أمامه تسبب في إفساد مستقبله وحرمه من أمـه، الكراهية أمتدت لكليهما وتعششت في الصدور، وكأنها صراعٌ أمدي خُلِقَ بين أبناء العم، وكما فاضت الألسنةِ كذلك فاضت الأعين، حيث النظرات النارية التي طفقت تشتبك ببعضها في ملحمةٍ ضارية نُشِبت بينهما جعلت "مُـنذر" يمسك تلابيب الآخر بحدةٍ وهو يهتف من بين أسنانه المُطبقة فوق بعضها:

_أنا لو هسكت على قلة أدبك، هسكت بس احترامًا لأبوك، إنما أنتَ مالكش عندي احترام، أنتَ واحد قليل الأدب وعيل صغير.

رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن