"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل العاشر_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
_____________________"عبدٌ أنا والقلب يصرخ داخلي
يا رب إني مسرفٌ وأثيمُلك قد أنبتُ وخافقي متألمٌ
مما جنيتُ، وحَرّ ذاك أليمُرباهُ إن لم ترتضيها توبتي
من أرتجيهِ ومن سواك حليمُ!"_"عيسى محمد".
__________________________________ولما رحلت من الأساس وأنتَ لا تحب الهجر؟
هذا السؤال ألقاه عليَّ قلبي يُعاتبني وأنا أفكر بكِ،
وكأنه يصفني بأكثر الصفات بشاعةً ويوسمني بالغـدرِ، فغدوت أمامه ضعيفًا فقيرًا مُعدم العُـذرِ؛
ثم راح يُكررها عليَّ أنني من أنتويت الفراق،
ثم أقر أنني من حكمت عليه بالإشتياق، وأنا وربي لم أنتوي سوىٰ أن أبقى بجواركِ وأرتشف من خُمرة عينيكِ حتى أصل إلى السُكرِ، فأنا لم أنفي إنسانًا عن وطنه، ولم أحرم وحيدًا من ونسه، ولم أُخطيء في حق غريبًا وأبعده عن أرضهِ، أنا بذاتي وإن أخطأت في حق القلب، فالذنب ليس ذنبي، إنما هو ذنب من هوىٰ وأحب،
وآهٍ من عقابٍ يُكتَبُ للمرءِ فُيبتلىٰ ويُحرم ممن يُحب…<"رُبما يكون العرض مُغريًا، لكن أصله وضيعٌ">
يد الماضي تطل حياتك في الخفاء لتطرؤ بعض التغيرات عليها تناسبًا بما تغير لديها، تبدو وكأنها حُرمت على حاضرك الراحة وأغلقت على مستقبلك ضيق الساحة، يبدو الأمر وكأن الماضي يخرج لك لسانه وهو يتراقص في أرض حاضرك ليراسلك خفيةً أنه لازال يحتلك وأرضك لم تخرج من سطوته، يخبرك بطريقةٍ ما أن جذوره لازالت متشعبة في حياتك وكأنها شجرة فروعها أمتدت وتوغلت بأرضك، لذا عليك أن تقاتل بضراوةٍ لكي تقتلع هذه الأشجار من جذورها وتُجرف حياتك منها، وحينما يظهر شبح الماضي لك ماددًا كفوفه ولو حتى بمعاهدة سلامٍ، لا تُصافح ولا تُسامح…
وقفت "عَـهد" أمام مُحتلة أرضها مشدوهةً من جُرأتها ووقاحتها فيما وقفت الأخرى في إنتظار الجواب المناسب الذي يتلائم مع فضولها وغرورها على عرضها المُغري على عكس الأخرى التي تأهبت حواسها وهي تُربع كلا ذراعيها عند منطقة صدرها وهي تسألها بتهكمٍ قاصدة الاستهزاء بها:
_ والله أنا معنديش أي تعليق على كلامك غير إنك ست معندهاش ريحة الضمير، يعني مش كفاية ابنك اتسبب في ضياع حياتي ومرضني وخلاني زي اللي عقلهم فك منهم وكمان جاية عاوزة تشتريني؟ للأسف أنا مش لعبة في إيدك ولا رخيصة زي أصلك علشان أبيع ذمتي بالفلوس ولو على جوزي، فهو راجع، راجع قريب بس ربنا يعينه ويوفقه في شغله، أصله مبياخدش مصروف من حد، أظن الجواب وصلك.
حسنًا لقد عاد تمردها والتسلح بالقوةِ وهي تدافع بحميتها القوية البدائية عنه حتى في الغياب، وقد عكس تصرفها أصل طبعها القوي والحاد، وكأنها تُصدق على وصف رجلها الغائب حينما قال عنها في السابق أنها تحمل كل الصفات وما يُنافيها، تقوىٰ ومن الأساس هي الضعيفة، تقسو على من يُعاديها وهي الرحيمة، ترغب وهي المانعة، تُرأف وهي المُعذبة، أما عن الأخرىٰ فقد ابتسمت بتشفٍ ولمع التهديد في عينيها هاتفةً بشرٍ نبع عن ضغينةٍ تملأ قلبها:
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري