"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السادس وستون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________يا منعمًا قبل الرجاء و معطيًا قبل الدعاء
يا منعمًا قبل الرجاء و معطيًا قبل الدعاء..مواهب إلاحسانِ ..
أنا لا أُضامُ و في رحابك عصمتي ..أنا لا أخافُ و في حِماك أماني ..
أنا لا أُضامُ و في رحابك عصمتيأنا لا أخافُ و في حِماك أماني ..
أنا إن خشيتُ الذنب هون محنتي .._"نصر الدين طوبار"
__________________________________رُبما من نفسي سأمت لذا بها قُتِلت..
فلمن الذنب ولما الذنب إن كنتُ أنا أول مَن مِن نفسي من تأذيت؟ كُل الخيارات أُتيحت أمامي لكني وبكل طواعيةٍ وإرادةٍ مملوءة مني اخترتُ تلك التي يملؤها الطمع، اخترت الدرب المُظلم منذ بدايته أملًا أن يكون النور موجودًا في نهايته، نفسي والهوىٰ والشيطان كانوا عدوًا لي، وأنا وبدون مثقال ذرةٍ من التفكير تحالفت معهم، أنا من اخترت الطريق الأسهل في سيره ولم أكد ألمح أن العاقبة في النهاية ما هي إلا حُفرة من نارٍ وأنا سقطت بها لأسفل السافلين، كتبت نهايتي بنفسي ولم أعلم أن نهايتي تلك ماهي إلا بداية لنيرانٍ لم أتحملها قط، فمن منا فوق الأرض يملك حق الروح كي يُزهقها بملء إرادته وقتما شاء وكيفما شاء؟ نحن دومًا وأبدًا كُنا لله ولم نكن يومًا قط لأنفسنا، لكنها الدُنيا، دُنيا تقوم بإغراء العبد ليقدم لها كل شيءٍ ناسيًا ومتناسيًا أن ماهي إلا دُنيا وأدنىٰ مما تخلينا..
فأي ضياعٍ هذا أضعنا به أنفسنا، وأي إغراءٍ هذا جعل النفس تُقدم كل شيءٍ حتى الروح فداءً لفناء الدُنيا؟.<"يا ليتنا سبقنا ولأخرتنا قدمنا قبل النهاية">
رائحة الموت ملأت البيت، ومعها خيم الحزن على الأركان وكأن زهوة الحديد اللامع غلفها الصدأ، البيت اتشح بالسواد كي يُغطي على كل لونٍ من كل حدبٍ وصوبٍ، والقلوب تأنِ وتبكِ إما بحزنٍ لأجل الفقيد، وإما خشيةً من المصير، نحن لا نكره الموت، وإنما نحن نبغض الفراق، حتى وإن كان هذا الفراق لروحٍ كانت وسط البشر تسير بأذىٰ، فللموت حُرمة لا ينكرها ولا يشمت بها إلا الفج صاحب القلب الغليظ..
"وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ (23) يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُۥٓ أَحَدٞ (26) يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ (27) ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ (28) فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي (29) وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي (30)"
هكذا أنهى القاريء القرآن الكريم بذكر كلام الخالق ﷻ والذي غفلت عنه القلوب وتناست أين مكمن الروح بعد ذلك، القلوب التي غفلت عن مصيرنا المكتوب وراحت تركض خلف دنيا فانية هوت بنا إلى أسفل قاعٍ حتى والروح صاعدة لبارئها، فماذا قدمنا وماذا فعلنا؟ ماذا لأجل اللقاء العظيم سبق وأعطينا؟ كل شيءٍ وضعناه بين راحتي الدنيا كي تُغلق قبضتيها علينا ونغفل نحن عن آخرتنا، فتضيع منَّا الأرواح سدىٰ ونعود لنقول يا ليتنا سبق ولآخرتنا قدمنا..
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري