الفصل24 الجزء2 الأمور في نصابها الصحيح

4.7K 138 1
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الرابع والعشرون_الجزء الثاني"
    
                    "يــا صـبـر أيـوب"
         ______________________

أعلم إني عنك بعيد لكني والله أحبك
وحُبك في قلبي أقرب من الوريد..

فأنا العبد الضعيف وقد أكون عنك
أنا البعيد، لكن حبك يسكني وليس ببعيد..

فأعلم أني عاصيك والذنب أكبر مني
ورغم ذلك لم أبعد عنكَ وأكره الذنب البغيض..

عبدٌ ذليلٌ قصد بابك وأنتَ يا ربي الرحيم
فنفسي وأنا والهوىٰ أعدائي،
وشري ليس عني ببعيد..

_"غَـــوثْ"
__________________________________

تنوعت الفنون وأشدها سرقةً للإنتباهِ كانت عينيكِ،
حيثُ تلك التميمة التي تلاقفت الفؤاد بين جفونها تضمه وترعاه بسحرها، فأنا أعلم أنكِ لم تعرفينني قدر المعرفة فدعيني أتولى تلك المهمة وأخبرك من أنا..
لا أعلم إن كنتُ سلعةً أم مجرد شيءٍ ثمين لم يُحالفه الحظ، فأنا منذ أن ذاع خبر تواجدي فوق أرض الحياة حُكِمَ عليَّ بالموت وياليتني نِلته، لم أحب الحياة وهي لم تُحبني..
فالكره كان متبادلًا بيننا، وحتمًا ستسأليني لما أردتُ أحبها وأنا أكرهها وسأخبرك وقتها أن العشق هو ما يدفع المرء لفعل كل شيءٍ، نعم هو من يجعل من مات قلبه ينبض من جديد، لذا سأخبرك عن مقولة مآثورة قرأتها في الشعر الروماني، يُقال فيها أن "الحُب ضرب من الحرب"...
وهذه حقيقة لا شك فيها، فالحب لا يحتاج سوى الشُجعان،
ولا يهرب منه إلا الجبان، وأنا لم أكن بجبانٍ بقدر ما أنا أجهل العلم بحروب الحُب، لكن الحق يُقال أن عيناكِ وما بها من فتنةٍ تُحارب لأجلها البُلدان، ويُقتل فداها الشُجعان، وأنا وقلبي نترك أماننا وأمننا وننزل المعركةِ في الميدان، فإذا كنتُ أنا الفارس المقدام، كوني لي سبايا الحرب في كل زمان..

 
     <"الشر أحد طُرق الموت، فقاتله بكل ضراوةٍ">

لن يُقتل المرء ولا يتألم لنفسهِ،
بقدر ما ينخر الألم في قلبه عندما يختص الأمر بأحبتهِ، فَرُبما نتجاوز ما يُصيبنا، لكن نعجز عن استيعاب ما يُصيب أحبتنا، فالأمر يُشبه سياسية الجزء بالكل، حيث الكل الكبير يتألم إذا تأذى الجزء الصغير منه، وقد أنقلب البيت في حارة "العطار" رأسًا على عقبٍ من بعد وصولهم خبر اختطاف الصغير "إيـاد" ليخيم الحزن على البيت حتى جدرانه فقدت زهوتها، وألوانه تلاشت عنها لمعتها، والزهور أضحت في أوج ذبلَتُها، والأعين تبكي بمرارةٍ على فقد أعز أحبتها..

كان "أيـهم" يجلس في البيت يُناظر هاتفه بأعين تطلق الشررِ وهو يهز كلا قدميه بإنفعالٍ فقد مرت ساعة كاملة منذ أن رأى روحه مُكبلة في صورة ابنه، أراد أن يصرخ ويرفع صوته ويبكي، لكنه لا يُظهر ضعفه أبدًا، وقد مسح فوق وجهه وكلتا عينيه يحاول إخفاء العبرات التي تُعاندة لكي تُظهر نفسها أمامه، وقد وصله صوت طُرقات عالية فوق الباب تلاها دخول "نِـهال" بحالٍ أزاد ألمه وعمق جُرحه وهي تبحث عن ابنها صارخةً باسمه باكيةً وقد أغمض هو عينيه هربًا من الإنكسار المُحتم لشموخهِ..

رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن