"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الواحد والخمسون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________"فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ"
وأنا يارب مَغلوب،
وأناديك بقلبٍ يرتجف،
أجبر قلبي بما أرجوك بِه كل يوم،
فَوحدك تعلم بحالي يا رب..أدعوك بل أرجوك ألا تكلني
لنفسي طرفة عينٍ، وألا تتركني
تائهًا لا أدري مساري إلى أين._"مقتبس"
__________________________________يومًا ما برحمة الخالق سندرك مشاعر العودة..
رُبما البعض يجهل قيمة شعور العودة لكن من عاشه هو من يُقدره أحق التقدير، أتعلمين أقصد أي عودة؟ العودة التي تقترن بالراحةِ من بعد التعبِ، وبالفرحِ من بعد الحزن، وبالأمل من بعد الألمِ، عودة تُشبه عودة الطير مكسور الجناحين بعد رحلةٍ طيرٍ كانت شاقة عليه، أو رُبما هي عودة السفن لمرساها من بعد إبحارٍ وسط أمواجٍ هائجة حطم أخشابها وأظهر الشقوق بها، عودة تشبه عودة من تغرب عن بيته لأعوامٍ بحثًا عن الرزق ومن ثُم عاد لموطنه وارتمى بين ذراعي أمه، أتعلمين أي عودة أخرى تشبه تلك العودة؟ عودة الأسير يوم أن ينفك الأسر بإرادة خالقه ويدرك شعاع الحُرية المُنبثق من شمسٍ طالت أيامه بنورها، الفرحة التي أقصدها أنا هي فرحة عودة كل شيءٍ لأصله، رُبما عودة البصر لمن فقد بصره، عودة السمع لمن راح عنه سمعه، عودة الضال لبيته مُسترشدًا، وعودة التائه لعناق أحبته مُستهديًا، عودة كل جزءٍ لأصله الكُل، أما أنا؟ فأنا أود أن أتوب ثم أعود، أود أن تكون عودتي لنفسي معكِ هي العودة المرغوبة، لطالما تمنيت أن أحظى في قوة إيماني بصبر "أيـوب" وأن أتحمل مرارة الفقد كما تحمل "يعقوب"، فلما راح عنه "يـوسف" الحبيب فقد البصر ودعا خالقه وكان إيمانه بالغًا وأمل العودة عن قريب، وأنا مالي فقط غير الأمل والدعاء، فأنا لستُ من النبيين حتى يبلغ الصبر في فؤادي مداه، ولا أملك في قلبي غير الصدق وأنا أرجو الخالق، والخالق أرحم من أن يرد قلبًا دعاه، فاللهم إني أسألك أن تَمُن عليَّ وعلىٰ قلبي أولًا بصبر "أيـوب" وأن تُبسط لي من الرزق ما تشاء وتكتب لي عودة تُقارن فرحتها بفرحة "يعقوب".<"الطير يرقص حزنًا بعد قتله حتى يُنهي أنفاسه">
الطُرقات المُعتمة منذ بدايتها وأنتَ تدخلها خائفًا، لن تُهديك في مُنتصفها نورًا ليحثك على التكملة، وإنما ستجبرك وتدفعك نحو النهايةِ دفعًا، رُبما الخطأ في بعض الأحيان كان علينا نحن بسبب الاختيار الخاطيء لقطارٍ كان ركوبه سهلًا منذ البداية، لكن عند العودة من المؤكد أن ثمن التكلفةِ سيزداد أضعافًا.
ضُرِب وتلقى العديد من الضربات في جسده، الدم يحاوطه وينزف منه وهو يرتجف فوق الأرض بعدما تركوه أخيرًا فوق الرمال الصفراء التي تغير لونها حينما نزل فوقها دمه، حاول فتح فمه لكي ينطق ويستغيث بأحدهم لكنه لم يقدر ووجد صوته فارًا بعيدًا عن أحباله الصوتية، شعر بالقهر على نفسه وهو يُذل بتلك الطريقة، ظل يحاول لمدة ثوانٍ حتى أُغلِقَت جفونه فوق بعضها واستسلم للألم.
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري