"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الرابع والأربعون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________جل الإله، أقول أُمتي
أي سلوي، أنت في عين قلبي
يارب دموعنا، حشودنا تدعوك
بدر الكبرى، ربنا، ليلة القدر
أيها الساهر، سبحانك يا رب
رسولك المختار، مولاي
أغيب، يارب إن عظمت ذنوبي
النفس تشكو، ربّ هب لى هدىٰ._"النقشبندي"
__________________________________قالت لي إمرأة عجوز في عمر جدتي
"مَلَّاكَ الله حَبيبَك " وكان المقصد حينها أي متّعك به وأعَاشَك معهُ طَويلًا، وقتها كنتُ في غُربةٍ تحديدًا في أقصى المدينة التي تسكنينها، ولم أملك وقتها حبيبًا، فرفعت عيني لها أخبرها بحسرةٍ "لم أملك حبيبًا يا سيدة" فقالت هي بحكمة عجوزٍ داهية في جُب الأيام "ستحصل عليها فقط تحرك لها" حينها تأكدت أنها حمقاء لا شك في ذلك، وتركتها لكنها ألقت عليَّ لعنة حديثُها، فلم تبرح كلماتها عقلي ولم ينفك صداها عن موضع قلبي، ثم شاء الخالق وغربني بين الخلائق في غُربةٍ شكلت في نفسي كل العوائق، وأصبحتُ في الأرجاء والأطراف زاهدًا وغريبًا، ثم قررت أن أعود لموطني فكفاني من العيش وحيدًا، وقتها أول مكان قررت أن أزرهُ كان وسط المدينة، حيث وسط البحر حينما رست السفينة، وقفتُ هناك اشتم عبير مدينتي، لكن قبل أن أخبرك بما ساورني من شعورٍ أولًا أغمضي جفونك ودعي نفسك لي لثوان أسرد لكِ نفسي حينها، حيث أنا الغريب العائد لموطنه ثم وقف في وسط البلدةِ يتابعها بعينيه، ليأتيني من الخلف صوت كوكب الشرق "أم كُلثوم" فيسرقني مني حينما يصدح في واحدةٍ من المقاهي العامة، ثم يعقب ذلك صوت صرخات من الناس مُهللين بسقوط الأمطار وهي تتراقص قبل أن تدنو من وريقات الزروع الخضراء، أداهمك ذاك الشعور؟ هكذا كنتُ أنا حينما أغمضت أجفاني أتناسى في مدينتي صوت أحزاني والبقية خلفي يركضون ضاحكين بأمطارٍ عانقت الزهور وأوراق الكُتب البُنية القديمة، ليفوح العطر مُتغلغلًا في الصدور، وما إن فتحت عيني وجدتني أمام مُقلتين دافئتين قامتا بضمي داخل الجفون، لأعلم أنني هنا وصلت لمدينتي ووجدت خليل الروح من بعد غُربتي.<"على صبرك تؤجر وعلى نواياك تُرزق">
مسكينٌ ذاك الذي ظن بهم الخير ونظر لهم بفخرٍ وهم يبتسمون له ظنًا منهم أنهم يحبوه ولم يدرك أنهم فقط يستدرجونه لكي يقومون بقتله وسلب الروح منه، فهو لم يعلم أنهم ينتون له الشر، وهم لم يدركوا أنه آمل فقط في قربهم لكي يأمن..
في صبيحة اليوم الموالي وسط حركة المياه الهادئة بنهر النيل حول مقر العمل بشركة "الراوي" وقف "يـوسف" يُدخن سيجاره وهو يُطالع المكان بنظراتٍ ثاقبة تاركًا خلفه اثنين في غاية الأهمية بعدما أعدوا لكارثةٍ ستقلب الموازين هُنا، وكعادةٍ لديه منذ طفولته البريئة وقف يُعد بهمسٍ لنفسه حتى رقم خمسة وما إن طُرِقَ الباب ارتسمت بسمة بريئة فوق شفتيه لكون ما فكر فيه تحقق وهذه هي العادة الثانية..
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Nezařaditelnéالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري