"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني"|مجزرة حارة العطار|
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________"وهَممتُ أن أشكو الهموم لصاحبي
فذكرتُ أنك من وريدي أقربُعبدٌ أنا والحُزن يَعصرُ خافقي
ضمد جِراحي إنّني لك أهربُ!أركض وأسير وأضل السُبل
ثم أعلم أني لكَ مقربٌ._"مقتبس"
__________________________________مُذهلة أنتِ كما كُل ما يُدهش المرء ويفاجئه،
غريبة مثل حبات المطر حينما تظهر بعد شمسٍ حارقة، ورُبما بريئة كطفلةٍ ظلت تتراقص أسفل الأمطار وهي تتمايل بثقل خصلاتها المُبللة، وفي الأغلب سارقة كما صوت "فيروز" حينما يتهادى إلى السمعِ من على بُعدٍ، وقد تكونين قريبة مثل إقتراب الأوردةِ من الفؤاد، ورُبما بعيدة مثل بُعد القمر في السماء عن العِباد، أنتِ السلام وأنتِ الحرب، أنا التائه وأنتِ الدرب، أنتِ يا كريمة يا من أكرمتي الغريب بوصالك، ثم تعاليتي عليه بدلالك، دعيني أذكرك بحديثك وألقي عليكِ خطابك،
اليوم قررت أن أنفض غُبار الخصومة العالقة بيننا،
وأتمتع بكل لحظةٍ معكِ كما كُنا في سابق عهدنا،
نسهر سويًا ونراقب القمر حتى تظهر الضُحى،
ونراقب الظلام حتى يظهر النور، نهرب من قسوة الدنيا في جنة الأيام، ونأخذ من حلوها النهال، ثم أعطيكِ زهرة أسميتها فُلة، ونجلس بجوار النيل ونتابع سماره، ثم نطمئن سويًا بذكر الله، ونتلو سويًا لبعضنا ما يُطمئنا من آيات.<"وما خفىٰ كان أعظم، ونحن الخافون">
في حارة العطار قُبيل الظهر..
كان "عبدالقادر" جالسًا في وكالته ينتظر ضيفه حتى وصل له بعد مرور دقائق والذي لم يكن سوىٰ "نَـعيم" الذي جلس أمامه وهتف بنبرةٍ هادئة من بعد الترحيب ببعضهما:_أنا جيت علشان الموضوع اللي أنتَ عارفه، الدنيا في البيت بايظة عندي وأنا بقيت قلقان عليهم كلهم، اللي يطول "إسـماعيل" النهاردة بكرة يطول غيره، وأنا كلهم في رقبتي وهتسأل عنهم قدام ربنا، علشان كدا أنا بحط أيدي في إيدك.
ابتسم له "عبدالقادر" وحرك رأسه موافقًا وقد ولج لهما "أيـهم" في هذه اللحظة يُلقي عليهما التحية ثم هتف بثباتٍ يليق بشخصه الوقور ذي الطابع الدبلوماسي:
_أنا جيت أهو، يلا علشان منتأخرش؟.
أومأ له الإثنان في آنٍ واحدٍ ثم تحركا خلف بعضهما نحو السيارة التي تولى "أيـهم" قيادتها للخروج من حارة "العـطار" نحو المنطقة المُرادة، وقد قطع هو الطريق ذرعًا ومنصاعًا في آنٍ واحدٍ لوالده، وبعد مرور فترة من القيادة أوقف السيارة في منطقة التجمع ثم التفت برأسهِ للخلف يهتف بهدوءٍ:
_المكان هنا، إحنا وصلنا خلاص.
أنهى جملته ثم نزل من السيارة وأنتظر نزول الاثنين ثم دلفوا البناية الراقية مع بعضهم يتجهون نحو الطابق الأول في إحدى بنايات "عبدالقادر" بهذه المنطقة ثم قام "أيـهم" بالطرق فوق الباب حتى فتحته له ساكنة الشقة وهي "فـاتن" التي ما إن رأتهم تنفست بعمقٍ، فيما سألها "عبدالقادر" بفتورٍ قبل الدخول:
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري