"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخمسون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________يا ربّ، وكُلُّ نَفَسٍ
يُقرِّبُني إليك، وكل صباحٍ
أستفتِحُ فيه بذكرك؛
امنحني القُوَّةَ أن لا تتعثَّرَ خُطايَ
في مسيري إليك..يا ربّ، وأنتَ الكبيرُ في
عليائِكَ وأنا الهَباءةُ في كونِكَ؛
فَكُنْ أنتَ الصَّاحب في سَفرِ الحياة.- د. سلمان العودة، فك الله أسره.
__________________________________سيشاء لنا المولىٰ أن نكون سويًا..
تمامًا كما بدونا في الأحلام، سنحلق سويًا كما الطيور أحرارًا، وسنطوف فوق حقول الزهور مدرارًا، سنكون معًا بغير وداعٍ وطريقي نفسه هو طريقك دون ضياعٍ، ستكتب لنا دُنيا جديدة رُبما ليس الآن، لقد وقتها من المؤكد سنقول بفرحةٍ أن وقت الفرحةِ قد حان، فأنا لا أود من هذا العالم إلا أنتِ، ولا أود أن أرى منك غيابًا بل أود أن أغيب معكِ، أتعلمين أن الطيور تطير من أرضها طالبة من الخالق أن يبسط الرزق لها مهما بلغ بُعد أرضها؟ ومعكِ الآن طيرٌ خرج من عُشه يصول ويجول في البُلدان بحثًا عن رزقٍ كتبه له الخالق، فَرُزِقَ في أول الطريق برفيقٍ يؤنسه في الطير، فجاب معه المدينة شرقًا وغربًا ولم يجد ألفته إلا معه وليس مع الغير، يُقال دومًا على لسان الحُكماء أن لكل عاشقٍ موطنٌ له مهما تغرب وطاف يعود إليه من جديد، وأنا بعيني رأيتُ طيرًا وصل لأطراف المدينة بحثًا عن رزقه فوجد هُناك خِلًا له، ومن ثم عاد به لموطنه واتخذ من مقر الخليل موطنًا، فيا طيرٌ وجدتُه في رحلتي وكان خير الخليل للفؤاد، ابقَ معي هُنا في موطني فأنا لم أرَ بحياتي طيرًا هجر موطنه وأراد البعاد، بل دومًا الطير إذا هجر من جديد نراه لموطنه عاد.<"تحرر الطير من محبسه، وصاح يُنادي بالحُرية">
لو لم يتحرر الطير من محبسه ويُدرك قيمة الحرية؛ بالطبع ما كان يومًا أدرك قيمة الحُرية ونادى مُطالبًا بها، وكأن من حُرِم من الشيء لم يدرك أي معرفةٍ عنه، لذا قد ترى طيرًا من بعد مناله لحريته رقص بالسماء ليخبر غيره أن الحُرية أصبحت له وأن الشمس تشرق بأرضه، هذا الطير الذي تربى ليكون عبدًا عند صقورٍ جارحة، قاد بنفسه جيشًا كان حبيسًا في البارحة.
ازداد بكاء "فُـلة" وهي تستمع لكلمات عمها المُهينة لها ولشرفها ولسُمعتها أمامه بينما هو فاندفع بغير تعقلٍ يقبض على رسغها ثم أوقفها خلفه ونطق بتحدٍ للآخر حينما قال:
_وأنا راجلها وقدامك أهو، هي خطيبتي أنا وقريب هتبقى مراتي كمان، يعني لما تيجي تتكلم بعد كدا تكلمني أنا وتوجه كلامك ليا أنا، ولو عليها فهي أشرف من الشرف اللي أنتَ متعرفش حاجة عنه، وكلمة كمان في حقها هدفنك هنا.
وقف "جـواد" على مقدمة الدرج يستمع لقول "مُـنذر" فأيقن أن بعض القرارات تأتي بسرعة البرق لتكون غير منسية، ففي بعض المواقف تخرج كلمات لا تنُسى في أيامٍ تُخلد بالذهن هي الأخرى، لتصبح كلماتٍ غير منسية في أيامٍ لن تُنسَ مهما امتلكنا الإرادة لذلك، تلك الكلمات التي فور أن تنفلت من حصار اللسان تُصبح إلزامًا كما العهد لا يقدر صاحبها على نقضها.
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري