"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل التاسع وسبعون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________سال دمعي يا إلهي ...
ولولا غربتي ما كان دمعي يسيل..
والقلب شاك عليل،
سال دمعي يا إلهي..
ولولا غربتى ما كان دمعى يسيل..اللهم إننا فى غربة وضيق
ولا فرج ولا فرح إلا بك وإليك
الخير كله منك والسوء منا
فاغفر وأصفح يا مولانا.._"نصر الدين طوبار"
____________________________________ولو أن مدينتهم تلك لم تلق بنا…
فلنحرقها فوق رؤوسهم قبل أن نتركها لهم، وليس لأجل شيءٍ وإنما لأجلك أنتِ بذاتك فليحترق العالم بجسد كل مُدنسٍ لم يرحم العالم من شروره، ولو سألوني الناس عنكِ وعن حُبي لكِ، لن أجد من الكلام فصيح الجواب، وإنما وحدها من تُجيب هي الأفعال، فأنتِ من تحترق العوالم لأجلها، وتُقلب المُدنِ لأجل حزنها برأسها على عقابها، أنتِ التي وإن اقترفت ذنبًا سأفصح به وأخبر العالم أنني لو تُبت عن آثامي فهو فقط لأجلها، وأنتِ من نُقيم فداءً لبسمتها الحروب..
وإن كنتِ أنتِ موضع الحروب بذاتها،
يقولون الناس دومًا أن الروح لن تُرمم ثقوبها إلا في سكن شبيهها، وآن لكِ من بين الآنام أن يكون شبيهك وحده في مدينته صريعًا في دياره غارقًا في الآثام، ويوم أن تحدث له قلبه أخبره أن الأمن فقط موجودٌ في ديارها حيث مقر الأحلام، فاليوم لم أحسب نفسي أمام الذاتِ آثمًا، وإنما أنا أمسيت عاشقًا،
والعاشق إن مَسَّ نصفه ضُرٌ،حرق لأجله العالم بناسهِ
ولن يرأف بهم أو يُفكر لأجلهم في النجاة..<"أحرقوا روحي بالشظايا، فألهب أجسادهم بالنيران">
ليس كل من قال؛ قال..
وليس كل من فعل؛ فعل..
وإنما هي لحظة واحدة فارقة تتبدل فيها الأطراف ويصبح الغارق ناجيًا والجاني مُحاميًا، فلو أردت أن تعلم قيمة الثانية الواحدة التي تمر، عليك أولًا أن تنظر لهؤلاء الذين تاهوا في وسط الطريق بعد أن غابوا ثانية واحدة عن الدرب ولم يفلح ركضهم ولا سيرهم المتواصل، وبتأخرهم كانوا فقدوا كل شيءٍ.._أبقى قول كلام غير دا..
ألقى جملته المُعتادة وهنا قضي الأمر، حيث رمى سيجاره لتتصاعد ألهبة النيران ونظرة العين وحدها تسرد ما تعجز الألسنة عن وصفه، حيث نظرة الهلع والنيران تلمع في زجاج المُقل وهي ترى النيران تزحف لها بجسد حية سريعة تركض لفريستها، وفي المقابل نظرة الغضب الأسود عند لحظة تحقق الثأر وتشفي القلب المكلوم بالطُغاةِ الفاسدين..
كانت النظرات متناقضة لكن رجفة القلوب متفقة، أتعلمون تلك القرية التي أحرقوا فيها الفتى الصغير ثم قاموا بأخذ الرمال وبنوا بها بيوتهم، هذا هو الشيء بذاته، قاموا بإحراق الفتى الصغير لكنه اليوم عاد وأشعل القبيلة بأكملها، واليوم وبعد عمرٍ كاملٍ تلك النيران تُدفيء قلبه، بدلًا من أن تنهش في جسده، وقف عند أعتاب الشقة يرى الآخر فوق المقعد وهو يهزه بعنفٍ كي ينجو بنفسه من تلك النيران لكنه لم يفلح في ذلك، ظل يتحرك ويندفع للأمام حتى كاد أن يُلفظ أنفاسه الأخيرة بموضعه، بينما "مُـنذر" فوقف يراقبه بعينين لامعتين بلمعة الانتصار الأكيد..
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري