.
"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السابع وعشرون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
_______________________
ومضى خليل الله يرفع شامخا أسمى بناء
متوجها نحو السماء بخير آيات الدعاءفاقبل إله العرش منا يا ملاذ الأتقياء
وأفض علينا نعمة الإسلام يارب العطاءواجعل دنيتي ما تبتغيه وما تشاء
أرنا مناسكنا وتب عمّن تقيد بالقضاء
يارب يا تواب فارحم من عبادك من أفاء_"الشيخ محمد عمران"
__________________________________لا يموت فردٌ منَّا جُملةً..
وإنما الموت دومًا يراود حياة المرء بأجزاءٍ ويساوره فيها، ورُبما يموت المرء في اليوم الواحد ألف مرةٍ بنظرة عينٍ تكسره وبنبرة صوتٍ تُتعبه، لكن وحدها الغُربة في أعين الأحباب هي ما تمزقه، حيث يصبح كما الأشلاء فلا هو وصل لنهاية الطريق ومات، ولا هو تخلص من الألم وتركه وفات، خُلقنا فوق هذه الأرض نحيا حياة تلمؤها الصراعات، لم نجد فيها راحةً حتى الممات، إنما هي دُنيا اسمًا ووصفًا وكأن الناجي من ألمها وعذابها هو من مات..
ولقد قرأت في واحدةٍ من الأساطير عبارةً عَلُقت بذهني حيث قيل فيها "الشر ضربٌ من الموت" ومثلي كان يبحث عن الموت ولم يجده فقرر أن يتخذ الشر مسلكًا وينتهجه لعله يموت ، لكن رُبما كنت هكذا قبل أن ألتقي بكِ أنتِ، فعلمت حينها أن لا ميتةٌ أعظم من الموت فداءً لعينيكِ، عيناك التي أتت بكل خير الأرضِ تقتل كل مابي من شرٍ لتنتصر على ضعيفٍ مثلي لم يعهد قوة زمانه وعصره إلا معها هي..
ومن جديد أُعلن أنا المُحارب الباسل خسارتي أمام عينيكِ
وكأن حربك وحدها بخسارتي فيها؛ أربحتني العالم بأكملهِ.<"الحرب قامت عليَّ أنا، والضعيف أيضًا كان أنا">
هؤلاء البشر مُنذ أن وجدوا فوق الأرض كان مسعاهم دومًا وأبدًا يُكلله الطمع، لم يسعوا سِوى لما تشتهيه أنفسهم حتى وإن كان الخطر يملأ دربهم، والأخطر من بينهم هؤلاء الذين ولدوا بحب النفس وجنون العَظمة فلم تعد أعينهم ترصد إلا هم وفقط، أما بقية الأرض ومن فيها، فهؤلاء هم الأتباع لهم فحسب، يبدو أنهم حقًا مساكين، فهل يرضخ المرء بإرادتهِ لكل أفاقٍ ولصٍ لكون صوته أعلى عليه من المُعتاد؟..
_براحتك لو عاوز تعمل زي أمك وتحط إيدك في أيد أعدائي وتقف في صفهم ضدي، بس عندك علم إنهم السبب في إجهاض مراتك وسبب ضياع فرحتك منك؟ ومش بعيد يكونوا هما السبب إنك راقد مكانك هنا؟؟ أنا جيت بس أقولك إنك متغمي على عينيك، وأكيد مش هيبدوك أنتَ على "يـوسف" علشان كدا كلهم بيذلوك هنا علشان خاطر "يـوسف" يتشفى فيك من تاني..
هتف "سـامي" الحديث بغيظٍ وغلٍ وهو يعلم أنه يتحدث لذاك الطفل الجبان الذي دومًـا يستسلم له في نهاية المطاف دون أن يجادله، وقد ألقى بالسُم على مسامع ابنه ومعه تلك الحرباء الملونـة التي تضع لمساتها الخبيرة بأسلوب الشكاء والبُكاء فتثير في نفس الآخرين شفقتهم وتُغير إتجاه مشاعرهم نحوها لتصبح محط الأنظار منهم وكأنها ترفض أن يحمل طريقها أخرى غيرها، وقد نُشِبت النيران في صدر "فـاتن" فهتفت بصوتٍ عالٍ محتدٍ:
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري