الفصل11 الجزء2 قُرِعَت طبول الحرب

5.9K 149 6
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الحادي عشر_الجزء الثاني"
    
                      "يــا صـبـر أيـوب"
               ________________________

"بربِّك ذَكِّرهم عَسى تنفعُ الذِكرى
فَكَم نِعم أَجدى وكَم مِنَن أَجرى

وَأَعظَمُها دينُ النبيّ محمّدٍ
هوَ النِعمةُ العُظمى هو المنّةُ الكُبرى

فَأَشهدُ أنّ اللَّه لا ربّ غيره
تَوحّدَ في الدُنيا توحّدَ في الأخرى".

_" يوسف النبهاني"

__________________________________

_ما أشبه اليوم بالبارحةِ…
ونحن كما الغَريبينِ في ساحتي؟
فاليوم أراكَ عائدًا تطأ بقدميك من جديد مساحتي،
ورُبما تكون السماء هي ذاتها، وضوء القمر اللامع هو نفسه، والزهور التي تُسجل كما هي، لكن القلوب وما بها، لم يُعَد يُعرف بها، فتلاقينا في البداية ونحنا غريبان الهوية وكأننا مُجبران على ترك الوطن، ولما وجدنا الوطن رحلت عنَّا الأُلفة، وكأن ما جمعنا أول مرةٍ لقاءٌ كنا مُرغمين عليهِ..
واليوم يتكرر ونحنا متتوقين إليه،
فما بين قلبٍ هللَّ برؤية من يُحب وبين عقلٍ عداه والحزن فيه دَبَّ، تصارعت مشاعرنا وكأننا نقف أمام غريبٍ ليس بغريبٍ، بل هو من لأجلهِ حفظ اللسان موال العشق وأدخر له كل الحُب، فرغمًا عنَّا وعن أنف بنايتنا وأنف كل مَن يُعادي حبيبنا؛ مرحبًا بِكَ في أرضك الأحب، حيث وجدنا معكَ فيها كل الحُب.

  <"قد يكون أراد العقل مُخاصمتك، لكن قلبي جيشك">

أنهت "عـهد" الغناء وقد تهادى إلى أُذنيها صوت خطوات قادمة من خلفها بثت الرعب بداخلها فقررت القبض على السكين الموضوع أسفل وسادة الأريكة خوفًا من تهديدات المرأة التي أضحت ترافقها كما ظلها وقد سقط ظل الجسد الآخر عليها فأزدردت لُعابها وتندى جبينها وهي تحاول التماسك ثم التفتت فجأةً تضع السكين على عُنق مُحتل مكانها لتتسع عيناها على الفور عند التقاء عينيها بعينيهِ، لوهلةٍ ظنته خيالًا نسجته لها عيناها بإشارةٍ من عقلٍ مُضطر وما حيلة المُضطر إلا خياله، فيما ضمها هو بعينيه ولازالت السكين موضوعة عند نحره والنظرات تتحدث دون أن تتفوه الألسنة، العتاب والخذلان من جهتها، والشوق واللهفة من جهته وهنا أصدق ما يصف حالتهما كان:

_‏‎وإذا التقينا والعيونُ روامقٌ
صمت اللِّسانُ وطرفُها يتكلَّمُ

تشكو فأفهَمُ ما تقولُ بطرفِها
ويردُّ طرفي مثلَ ذاكَ فتفهمُ.

ها هو اللقاء يتكرر من جديد، نفس المكان، والليل ذاته، الأشخاص نفسهم، لكن القلوب وما بها تغيرت، فمن كانا عن بعضهما غريبين أضحيا قرينين، حتى السكين الذي تسبب في اللقاء الأول يُحيي الذكرى من جديد ويتسبب في اللقاء الثاني من بعد غيابٍ، وحقًا صدق من قال :
"ما أشبه الليل بالبارحةِ"، فمرت وكأنها بالأمس، والأعين لم تكن غريبة عن بعضها بل هي للأخرى تُعد مرسىٰ من بعد تيهها، القلب ينبض ملوحًا لشبيههِ، والأخر يمد كفه وللأنامل يمسك طرفها، نطقت هي تشكوه بعينيها، بينما يصرخ هو بنظراتهِ مُستغيثًا من عينيها، لحظة توقفت بها الأنفاس والحديث وكأن فُقِدَّ ما يُقال، لحظة لم تكن متوقعة بأي حال.

رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن