"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السابع عشر_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________من لي سواك إله الخلق يهديني
وفي طريق الهدى والنور يبقيني،يا واهب العفو هب لي منك مغفرةً
إلى جنابك يا رباه تدنيني يارب..الذنب عندي يا رباه يقتلني،
والعفو عندك يا رباه يحينييامن يجود ولا تفني خزائنه،
إني سألتك إحسانا لتعطيني._"محمد الطوخي"
__________________________________اليوم وعلى عكس المُعتاد كانت المدينة هادئةً،
لم تكن كما اعتدناها صاخبةً، أو كما عهدناها قاسيةً، بل أضحت راحمةً، رأينا فيها النور من بعد الظلام، والرأفة من العتاب، والرحمة من بعدِ العذاب ووجدنا أخيرًا للحريةِ منها الباب، اليوم مدينتنا ترأف بنا وتُنعم بدفء شمسها في قلوبنا، تلك المدينة القاسية التي ألمت الزاهد، وأتعبت الغريب ثم قست على الخشن الغليظ، ومن ثم لم تهدأ مع الشريد، وهي ذاتها التي قضت على الوحيد، ورُبما تكون قررت اليوم أن ترحمهم من جديد، اليوم..
اليوم وعلى غير غِرارٍ كل يوم، سنسهر نتابع أضواء مدينتنا حتى يهرب من بين جفوننا النوم..
ثم نُتابع طيفكم خِلسةً ونرى الأضواء في عينيكم،
ونخبركم أن المدينة برغم كونها مُضيئة، إلا أن لا داعٍ لوجود أضوائها في تواجد مُقلتيكم، فاليوم وكل يوم مدينتنا ذاتها هي التي أرشدتنا بها السبل حيث أهتدنا بالدرب إليكم سائرين نحو ضوء عينيكم..<"كُلما حاولت أكون هادئًا، تجعلني الدنيا "إيـهاب">
ضحك "إسماعيل" على مزاح شقيقه وكذلك "سـمارة" أيضًا فيما وقف "سـامي" يرمقهم بسهامٍ حاقدة وناقمة وغلٍ من عينيهِ، لقد حاول تمالك نفسه قدر الإمكان خاصةً حينما قام "نَـعيم" بالأشارة على باب البيت وهتف بتهكمٍ:
_أنتَ طبعك زي طبع اليهود بالظبط، تبدأ قلة الأصل والغدر وتيجي تدور على حقك، بس أنا مبديش حقوق للجُبنا، علشان كدا برة بيتي وروح دور على اللي يخصك بعيد عننا، لأن ابنك بصراحة أكيد عينتك يعني غدار ويتخاف منه، أنا لو عليا مبخافش، بس بقرف، زي ما قرفان منك كدا.
ضيق "سـامي" جفونه يتفرس ملامحه ثم قرر أن يقوم بتفجير آخر القنابل لديه في أرضهم، وكأنه وصل لمنطقةٍ ممتلئة بالألغام وقرر أن يضرب هذه الأرض لعلها تنفجر بالمارين فوقها بكل ثباتٍ وهو يشير نحو "إيـهاب":
_قرفان مني أنا؟ طب مش قرفان من نفسك وأنتَ آوي في بيتك واحد قتل أبوه؟ إيـه؟ عامل نفسك مش داري يعني؟ ولا فاكر هتفضل مخبي كتير؟ إيـه يا "إسماعيل" متعرفش إن أخوك قتل أبوك ولا إيـه؟ والحج معاه كمان.
لم يأتي منه إلا كل شرٍ وحقدٍ، ألقى القنبلة وخرج عن طور التعقل وتوابع الإنفجار الجديد سنراها لا شك في حتمية ذلك، بالأمس كانت له واليوم تقف ضده، هو أفجج النيران وسيتلقىٰ مصيره هنا، هُنا حيث جفت صُحف الصبر ورُفعت أقلام التدوين، وأغلِقت أبواب العقول، وماهو قادم في غير المعقول، وقد تبدلت التعابير في نفس اللحظة وتخشبت الأجساد وكأنه أتى يسلب منها الأرواح، توسعت الأعين، وتجمدت الأطراف والأذن أصابها الطنين وكأنها تتصادم في البحر مع أمواجٍ صادمة؛ تقتل كل ما هو رخوٍ وتُفتته..
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري