"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الرابع والثلاثون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________إلى أين؟ سُـدت دروب الخلاص..
وضاعت في الظُلماتِ دروبُ..مرءٌ ضعيفٌ أنا بيني وبيني
ودربي كل خطاه حروب..حروب معي أنا ونفسي
ونفسي تاهت وأنا المكروب..عليلٌ أنا بحب الذات والهوىٰ
والهوىٰ ترك في النفس ندوب.._"غَــوثْ"
__________________________________عظيمة اللُغة حينما أسعفت في اختيار اسمك..
فمنه كنتِ الحقيقة وكنتِ الخيال، وأتـى الدور لي لكي أُعلمكِ من أنا، في باديء الأمر أنا منبوذٌ من العالم بأكمله حتى نفسي، ففي ريعان شبابي فَلت عني أمي وتركتني وحدي، ثم بعد عامين لحق بها والدي الحبيب، فغدوت أنا العائل لعائلةٍ صغيرة تحتوي على شقيقةٍ وفقط، إبان كل ذلك كانت كل الطُرقات يملؤها الظلام ولم أرْ في حياتي قط النور، طُرقاتي بأكملها كانت معسورة ودربي لم يكن بميسور، فعلت كُل الآثام والأخطاء حتى كدت أن أصل لمرحلة الفجور، لكنني لما وجدتُكِ علمت أن بعض الجرائم ألذ في إرتكابها، وأفضل في العيش بها، وكانت جريمتي الكُبرى يوم أحببتُ حُبكِ فدعيني أعود لسيرتي الأولي وأخبرك عن جزءٍ مما أرتكبته، فأنا قُمت ببيع كل ماهو غالي ونفيس، وقد استبدلت الخير بكل رَخيص، فرغ عالمي من بعد رحيل أحبائي والوجدُ في قلبي هو الباقي.. فَـ للمرةِ الثالثة أختبر الفقد ويتم حرماني من شقيقتي لأصبح في هذا العالم وحيدًا وشريدًا لم يألفوني البشر، ولم يحاوطني إلا الخطر، تُهت وتشردتُ ويوم أن استهديت للنور أحببتُ، فمن وسط عتمة الظلام أتيتِ أنتِ يا "نـور" الأيام، نورٌ ملأ الطريق، وأنتشل من وسط الطوفان الغريق، نورٌ أزال الشر من القلب وأعاده مُجددًا كما البريء، اليوم يخبركِ رجلٌ بقلب طفل صغير أنه يُحبك ولم يُحب الحُب إلا إن كان حُبك، الحُب الذي حول الشيطان المُظلم إلى إنسانٍ وهاج، وأعاد من جديد النور في قلب السراج، فإن كان الحُب جريمةً والعشق ذنبًا وفاعليه مُرتكبين، فأنا ففي فؤادك أُحـارب لكي أكون أول الآثمين..<"لا تتوقع خيرًا من إنسانٍ لا يحمل إلا الشر">
آفة العقل الكُبرىٰ هي التوقع..
حيث يرسم العقل بعض الخيالات ولا يقبل بغيرها، فحتى الحقيقة لم تزاحم على مكانها وسط تكدس العقل بالعديد من الخيالات الزائفة، هذا العقل الذي لم يرحم نفسه ولا صاحبه حتى أصبح عليلًا بمرض التوقع والدواء عِلته أكبر._هقتلك يا "نـادر" والله العظيم هقتلك.
ظهر الوجع في عينيه وأبتسم ساخرًا وهو يتفوه بحديثٍ لم تمسه الروح بل خرج من صوتٍ مقتولٍ خرج من وسط غِصة ممتدة من القلب للحَلق:
_أنتِ أصلًا دبحتيني يا "شـهد" أعملي كدا وريحيني.
أرتجف كفها وهي تقف أمامه وهو يُطالعها بتلك النظرة التي جعلت قلبها ينتفض لأجل تلك النظرة لكن سرعان ما أبىٰ عقلها كل ذلك وذكرها بإهانتها أمام العاملين في المكان وحينها قامت بالضغط فوق زناد السلاح لتُحرر العيار الناري من محجره ويُصيب "نـادر" الذي لم يظنها أن تفعلها، لكنها كما عادتها تأتي بما لم يتم توقعه منها وتفعله، ومع إرتجافة كفها وضغطها فوق الزِناد تحرك العيار الناري في طرفة عينٍ جعلت "نـادر" يقف موضعه لكن العيار الناري خدش ذراعه…
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري