الفصل47 الجزء2 كأنه العناق الأخير!!

5.1K 158 11
                                    

"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السابع والأربعون_الجزء الثاني"
    
                   "يــا صـبـر أيـوب"
        ______________________

والمرء لا تُشقِيه إلا نفسُهُ
حاشا الحياة بأنها تُشقيه

ويظنّ أن عدُوّهُ في غيرهِ
وعدُوّهُ يُمسي ويُضحي فيه.

والمرء لا تُشقِيه إلا نفسُهُ
حاشا الحياة بأنها تُشقيه

_"عبد اللَّه البردوني"
__________________________________

هذا القلب يا سيدتي عليلٌ..
وعِلته ليست كما أي علةٍ مُتعارف عليها، وإنما عِلته عشقٌ لم يود منه شفاءً، عليلٌ أنا بالنظر لعينين دونهما أتوه في هذا العالم وأفقد مساراتي، فأي نظراتٍ هذه تتلاعب بالقلب؟، فبالغياب تُشقيه، وبالحضور تُشفيه؟ أظن أنهما ليستا بعينين عاديتين، وإنما فيهما سحرٌ كان ولازال خاصًا بهما، عينان هما مدائن الطمأنينةِ وأنا دونهما أعيش في غُربةٍ لا تنتهي، أتعلمين أي شعورٍ يراودني حينما أراهما؟ تمامًا كمن يسير في الصحراء أسفل شمسٍ حارقة ثم زارته نسمات الهواء الخفيفة تُداعب وجهه، أو كأنما طفلٌ تاه عن بيته ومن ثم عاد له مُجددًا فوجد أمه تفتح له ذراعيها وتضمه وتحميه بكنفها، بئس الشعور هو الشعور بالخوف في غُربةٍ ظنوا فيها أن المرء يحيا ويأكل، لكنهم لم يحسبوا أن الغُربة في بعض الأحيان هي التي تأكل في المرء، وأنا بدون عينيك تأكلني الغُربة، وتُفتتني الكُربة، فظلي هُنا معي فأنتِ بكل الأحِبة.

     <"دقائق نحياها في خوفٍ، نموت فيها أعوامًا">

ليس كل ما نظنه ندركه، ففي الأغلب تلك الأشياء التي حاولنا الابتعاد عنها هي نفسها ما ركضنا إليها بكل طواعيةٍ مِنَّا لكي فقط نصبح بجوارها، رُبما هي سذاجةٌ من العقل وبراءة من القلب أن نُحب ما أردنا أن نكرهه ووددنا البُعد عنه.

حالة من الهياج والهرج ظهرت بالغرفة مع صفير الجهاز مُعلنًا عن توقف القلب للمرةِ الثالثة، تلك المرة توقف النبض كُليًا وتوقف القلب عن آداء عمله، أما "يـوسف" فأخرجوه من الغُرفةِ وظل بالخارج واقفًا يتابع الغرفة بعينيه بقلبٍ يتآكل من نيرانٍ لم ترحمه، الآن يرى بعينيه المصائب تتحقق أمامه بفقدان عزيزٍ على القلب، وجد نفسه دون أن يعي لذلك يتضرع سرًا بقلبه وعلنًا بلسانه أن يستعيد رفيقه عافيته من جديد، وقد أتى صوتها من خلفه بلوعةٍ جعلته يُغمض عينيه هربًا من مواجهتها، لكنها أتت تجاوره وهي تسأله عن زوجها بصوتٍ باكٍ:

_هو إيه اللي حصل؟ وأنتَ خرجت ليه تاني؟.

نظر لها "يـوسف" بعينين مغرورقتين فيما لاحظت هي ركض الممرضة نحو غرفة زوجها فوقفت تتطلع لهم ببكاءٍ حينما وجدت الطبيب يعيد إنعاش القلب بالصدمات الكهربية فعلمت أن القلب توقف من جديد؛ أما شقيقها فضمها له يؤازرها لتلتحد به باكيةً بصوتٍ فهي حقًا لم تحتمل أكثر من ذلك، لحظات الإنتظار أصعب مما يمر على المرء، وهي لم تتحمل أن تظل عالقةً هكذا بدونِ خبرٍ يؤكد لها.

رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن