"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخامس والخمسون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________بك أستجير ومن يجير سواكَ
فأجِر ضعيفًا يحتمي بحماكَإني ضعيف أستعين على قوي
ذنبي ومعصيتي ببعض قواكَأذنبت ياربي وآذتني ذنوب
مالها من غافر إلاكَدنياي غرتني وعفوك غرني
ماحيلتي في هذه أو ذاكَ؟_"إبراهيم علي بدوي"
__________________________________لو كان الحُب ذنبًا فلا أودُ منه توبةً..
وإنما أود التوبة من ركود مشاعري تجاه قلبٍ كان لي هو التوبة بعينها، لا أود أن أتوب عن ذنب الهوىٰ؛ هذا وإن كان الهوىٰ ذنبًا من الأساسِ، لقد سلكت في الحُب طُرقات لم أعرفها، لكنني سمعت البعض يقولون أن العشق في عُرفهم كان إثمًا، والحُب لحبيبٍ يُعد جُرمًا، والهوىٰ في غريبٍ كان ذنبًا ومن اقترف ذلك لن يعرف توبةً ولن يجد مغفرةً..
ومن قال لهم أنني أرغب في التوبة من حُبٍ لم لكن يومًا لي كعقبة؟ فلو كان الحُب إثمًا أنا آثمٌ، ولو كان الهوىٰ ذنبًا فأنا مُذنبٌ، ولو كان الحُب في حبيبٍ يُعد جُرمًا أنا مُجرمٌ، لكن يشهد مولاي على ما في قلبي أنه يوم أن أحب تطهر من كل ذنبٍ وكان الحُب هو مُطهره، سيدتي أنا رجلٌ كان مُطيعًا بعيدًا عن الزاد والحُب ولم أعرف يومًا أن هناك ما يُسمىٰ عشقًا ينضب في القلب فيعيد فيه الحياة من بعد الموت، دعيني أحدثكِ صراحةً أنني رجلٌ سبق وتدنس قلبي باسم الحُب، وأنني أقسمت أن أبتعد عن العشق من كل دربٍ، ولم أجد في ذلك سبيلًا إلا تلك السُبل التي ألقت بي في فخ العشق، فأصبحت أتراقص على نيران لوعته، وأدنو من جُرف هاوية الشوق أطلب من الحبيب وصالًا يُسقيني رحمته، فيا حبيب بريءٍ من كل ذنب..
أتيتك طالبًا وصالك في الحُب،
ومالي من أهل العشق بحديثٍ قالوا فيه أن الحُب جُرم…
والهوىٰ في شرعهم كان عظيم الذنب.<"كل الطرقات تدنو بي منكِ خاصةً التي لم أخترها">
ما بين الإرادة الحُرة والإجبار الغير عادل؛ فجوة زمنية تفتح فمها وتبتلع بداخلها هؤلاء المجبورين فلا يبدر منهم إلا الخضوع على الإجبار غير مُكترثين بما هو دون ذلك، فلا يوجد لسانٌ يُعارض بقولٍ، ولا جسدٍ يركض فرارًا من أمرٍ مُحتمٍ، وإنما هناك قلبٌ يُطلق أمر الموافقة ثم يسايره البقية وكأنه حول الإجبار لإرادةٍ تُزيلها الطواعية، على الرغم أن مصباح العقل لازال يُنذر بضوءٍ أحمر؛ والرد كان تجاهلًا..
بعض الكلمات تدنو من القلب فيهتز على أثرها بغير هُدى، تلك الكلمات رُبما للبعض تُدفيء صقيعًا، وللبعض رُبما تُخلف برودةً، وهذا يجلس متلظيًا على كلا الجانبين، فحديث عمه أتاه بصقيعٍ لسع جلده ليحُس أنه ضُرِبَ فوق جلده بسوطٍ باغته شتاءً، وفي نفس الوقت طالته أيادي الدفء تمسح فوق برودة القلب، وما تلا الحديث كان ردًا من كلتا العينين اللتان تواصلتا بعينين عمه؛ فوجده يوميء وفقط.
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري