"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل السابع وستون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________أنا إن نسيت .. فأنتَ لا تنساني ..
أنا ليس لي إلاكَ ربٌ يُرتجى ..يا واصلَ إلاحسانِ بالإحسانِ ..
اغفر لنا و امنُن علينا بالرضا..و النصر و التأييد كلَ آوانِ ..
الصلاةُ و السلامُ عليك يا من بكَ يرحمُنا الله._"نصر الدين طوبار"
__________________________________وكأن كُل ما كرهته سبق وأدركته..
فلطالما كنتُ أبغض الوحدة، فترعرع شبابي وحيدًا..
كُنت أمقت الغُربة فوجدتها تسكن بداخلي، كنتُ أكره لحظات الوداع ولم أعهد إلا وداع كل من أحببت، كنتُ أكره المنتصف ورُمادية الأشياء، فلم ألمح إلا ذاك اللون الرمادي وأنا في المنتصف بين الأشياء بقيتُ عالقًا، كل شيءٍ من حولي فقد معناه وأنا هُنا أقف حائرًا، ومن بين الناس كنتُ تائهًا، فأي طريقٍ اختار وأنا لم أرَ بحياتي غير الضياع؟ ذات يومٍ أردت أن أكتب، أردتُ أن أكتب عني أنا، أكتبُ عن ذاك الحالم بحرية الطير، وخفة الروح، الآمل بنورٍ لم يسطع، الراغب في حياةٍ لم ينلها، وقبل أن أكتبُ فقدت قلمي، ووجدت مكانه ألمي، فتقهقرتُ مُتراجعًا وأنا أفكر عن أي ضياعٍ أكتب؟ هل أكتب عن ضياع الأحلام؟ أم أكتب عن فقد الأقلام، أم أكتبُ عن قلبٍ صغيرٍ غير قادرٍ على احتواء الآلام؟ عن أي ضياعٍ أكتب؟ هل أكتب عن ضياع السُبل، أم أكتب عن قهر المُقل، أم أعود لغرفتي من جديد متقهقرًا وأكتم خَيبتي؟..<"ولأن الطير الحُر أزعج السجين، أراد قتله">
فاقد الشيء هو أول حاقدٍ على مالكه..
ورُبما تلك هي الحقيقة الغائبة عنك والتي لم يخبرك عنها أحدٌ فيما سبق، فالطير الحُر حينما ينل حُريته لا يحقد عليه ولا يوقف طيره إلا آخرٌ كان سجينًا بين الأقفاص طوال عمره حتى نسىٰ كيف كانت تعمل أجنحته، ولأن كل ذي حُريةٍ مطلوب، فالسجين بحرية غيره مقهور..في طرفة عينٍ وجدت الحديقة تمتليء بالرجال وهي في المنتصف مُحاوطة بينهم كطيرٍ سقط من السماء برصاصةٍ طائشة انتصفت في قلبه، وتحت صرخات الأم باسم ابنتها، ونظرات الهلع من حبيبٍ على حبيبته رحلت هي، سارت معهم كما الطفلة الصغيرة التي وقعت وصايتها لعائلة أبٍ فقيدٍ، وتم الوداع بينها وبين أمها بأقسى الطُرق الممكنة..
تم سحبها وجرها كما الماشية دون احترامٍ لحرمة البيت، كانت كما القط المُبتل في ليلةٍ ممطرة ووجد أصحاب البيت يقومون بطرده ليصبح بدون مأوىٰ، حانت منها التفاتة للخلف فوجدت أمها تصرخ والرجال يقطعون عليها الطريق، و"عُـدي" من حولهم يُصارع كي يصل لها وكل المحاولات لأجل الوصول.. باءت بفشلٍ مُحتمٍ..
سـاعات مـرت..
دقائق فشلوا في عدها، انتظارٌ بغير انتصار، تم إلقاء القبض عليها بغير سببٍ واضحٍ وتركت خلفها أُمًا تبكِ وحبيبٍ يُصارع الهواء كي يصل لها حتى نجح وفعل، فعلها ووصل لواحدٍ من أكثر المباني التي لم يُخيل له أن يدخلها ذات يومٍ، وقف أمام مبنى "الأمن الوطني" ينتظر قدوم الغوث له، ينتظر المجيء بروحٍ مسلوبةٍ منه، وكله معها بالداخل، لم يترك جزءًا منه معه، وإنما الكُل مع الكُل الآخر وهو يقف في الانتظار..
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Ngẫu nhiênالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري