"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الثالث والستون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________إلهي عبدك الضعيف ضل مسعاه
وضاع من نفسه في غُربة الحياة..عبدك هنا ضاقت عليه السُبلِ
وفي كل مكانٍ من نفسه تاه..ربي إني عاصيٌ وأعلم أنكَ
الرحيم الغفور، فارحمني بكرمك
وأغثني من نفسي ففي غوثك طوق النجاة._"غَــوث"
__________________________________في واحدةٍ من الأساطير القديمة قيل على لسان أحد السالفين من زمان الحُكماء؛ أن الحُب لكي يبقى يتوجب أن يكون من شيءٍ باقٍ لا يزول، فلا تحبوا بألسنتكم ولا قلوبكم ولا عقولكم، بل أحبوا بما هو باقٍ حتى من بعد رحيلكم؛
ولأني أردتُكِ باقيةً فأحببتُكِ بما هو باقٍ مني..
فحبي لكِ لم يكن يومًا بالقلب لأنه لم يكن باقيًا، ولم يكن يومًا بالعقل لأنه سينسى ولو كان عاتيًا، ولأني أخشى على حُبك من الزوال، كان حُبي لكِ آتيًا من الروح، روحي الدائمة الباقية التي سيبقى حُبكِ فيها عالقًا، لا أعلم ولكنني على يقينٍ أن هذا العالم لم يبقَ وسيأتِ يومٌ تزول فيه الأقدام ويفرغ العالم من جديد، ولأننا سنتقابل أمام رب العالمين في حياةٍ أخرىٰ كانت نهايتها بالنعيم، فأنا أحبكِ من روحي التي كرمني بها مولاي ووهبها لي، في مكانٍ آخرٍ باقٍ ستشهدين على حُبي وأنا أتحدث عنكِ من وسط النِعم وأشكر عليكِ ربي، لطالما كنتُ كادحًا ومنذ مجيئكِ أصبحتُ فارحًا، ولطالما رافقت المِحنات وبمجيئكِ أتت المِنحات، ومن وسط الظلام كنتِ لي نورًا يجذبني، ومن بين التيه كنتِ عنوانًا يُرشدني، فالحمدلله مرة وألف مرة، على نعمة مجيئك من بعد كل مُرة.<"لطالما العالم كان مشغولًا بنا، فدعنا نريه من نحن">
لا شيء يسير وفق المُخطط، وإنما كان لكل ساحرٍ خديعة يسير على نهجها تجذب الأعين نحوه، ومن ثم ينقلب السحر على الساحر وتتحول خديعته لشيءٍ منقطع النظير باليًا، ولحظة الإنقلاب تلك هي الفيصل الذي يُجرد الحكايا من تفاصيلٍ لا تَهُم إلى أخرى هي كُل ما يُهِم، فإذا أردت أن تكون ساحرًا.. راوض سحركَ كي لا ينقلب عليكَ.
بين ذراعيه تلقفها وتلقف حماسها في رؤيته وولج معها يجلس فوق الأريكة وهي تُمدد جسدها وتستند بجذعها عليه بصمتٍ ساد بينهما قطعته هي بتنهيدةٍ قوية ثم هتفت بثباتٍ واهٍ وهي كل ما فيها يتمنى أن يقفز فرحًا:
_أنا مبسوطة أوي يا "نـادر" إنك جيتلي، متتخيلش أنا كنت بموت إزاي وأنتَ بعيد عني، ولما ماما سألت واستفسرت لقت إن في فترة العِدة عادي الست تفضل مع طليقها لحد ما العِدة تخلص، وإن طلاقنا يعتبر طلقة واحدة علشان كدا ممكن تردني من تاني، ممكن فرصة تانية اثبتلك فيها إني مش عاوزة غيرك؟.
أطلق تنهيدة قوية ثم تحرك من مكانه وجلس على عاقبيه أسفل نظراتها المُبتسمة وهو يقترب منها بهذا الشكل، بينما هو رفع كفه وقام بلف خصلة من خصلاتها فوق اصبعه وقال بهمسٍ يعلم جيدًا تأثيره عليها:
أنت تقرأ
رواية غوثهم يا صبر ايوب الجزءالثاني
Randomالجزء الثاني من رواية غوثهم يا صبر ايوب للكاتبة المصرية شمس محمد بكري