"مولاي ، علي العودة إلى مملكة الشمال بأسرع وقت لأخبر الملك ماثيو بقرارك ."
تنهدت وأنا أنظر لغراي الذي يقف أمامي ، الفتى الصغير القادم من الغابة ، أطلقت تنهيدةً عميقة وقلت "لو لم أوافق على ما يريده ماثيو ؟ ماذا سيحصل ؟"
"لن يوافق الملك ماثيو على ترك مملكتنا بسلام ، هو سيهاجمها ، وسيحاول تدميرها بطريقةٍ أو بأخرى ."
"وماذا سيحصل بعدها ؟"
فكر للحظة ثم قال "فعلياً ، نحن لن نصمد أمام مملكتهم ، نحن نملك جيشاً ولكنه أقل من جيشه بكثير ، والأسوأ من كل هذا أننا نفقد العنصر الأهم بجيشنا ، الثقة ، نحن لا نثق بجنودنا فلا يمكننا منحهم ظهرنا ليحموه ."
"إذاً ؟ أنا علي الموافقة على ما يقوله ماثيو !"
"مولاي الملك ، أنا أعلم كم هذا صعب عليك ، ولكن اتخاذك هذا القرار سيحقن الكثير من الدماء ، أنت تعبت كثيراً حتى أعدت الاستقرار للممملكة بعد وفاة الملك ، بالطبع لا تريد أن تحصل حرباً بعد كل هذا ويحقد عليك شعبك ."
"ألن يفهموا ما فكرت به ؟"
ابتسم غراي وقال "مولاي ، مهما كان ولائهم عميقٌ لك ، فأنت تؤذيهم بهذا ، هم يكترثون لملكهم الجيد وحسب ، لا يكترثون لخطيبته من مملكةٍ أخرى ، ولا لفرسانه الخمس ، لذا إن كانت ستشب حرب بيننا بسبب لونا أو السيدة ميريتيا ، فأولئك الذين سيذهبون ضحيتها لا ذنب لهم ، وسيحقدون عليك للأبد .."
هو أخفض صوته ونظره حالما نطق جملته الأخيرة ، في الواقع لم أكن أمانع أن يجرحني بتلك الكلمة ، ولا يهمني ذلك ، هو أخبرني بما أردت سماعه ، هو دعمني بطريقةٍ ما ..
أنا لم أقضِ يوماً سيئاً كالبارحة ، تغيبت عن الوجبات الثلاث وكنت أعلم أن أمي هي أمين السر الذي يسجل غيابي ، حاولت الرسم قليلاً فوجدت ريشتي تعطيني لوحةً قاسية ومؤلمة عن مصير الفتاة "المختارة" ، حاولت النوم فحلمت بأسوأ حلمٍ رأيته في حياتي .
ثم بكيت ، مفرغاً كل المشاعر السيئة بداخلي ، وها هو ذا غراي أمامي يذكرني بالأمر ، أنا أعرف أني لو أعطيته قراري اليوم فهو لن يذهب لمملكة الشمال الآن ، ولكنه يذكرني أن علي إخباره بقراري بحلول صباح الغد .
نظر لي مقاطعاً شرودي وقال "هل تسمح لي بالذهاب لغرفتي سيدي ؟"
"لدي سؤال أولاً ."
"تفضل مولاي ."
"لو كنت مكاني ، ماذا كنت ستفعل ؟"
لا أدري إن كنت أتخيل ذلك ، لكن لاح لي أنه يرتجف حين سألته هذا السؤال ، بل تخيلته ينظر إلي وكأنه يرفض الإجابة ، أخفض نظره مجدداً وقال "أنا لا أعلم ما علي فعله لو كنت ملكاً ، أنا لست كذلك ، ولن أكون .. أنا لم أولد لأكون ملكاً أصلاً ؟"
أنت تقرأ
Strangers | غرباء
Historical Fictionهي قد نظرت لعينيه وعاهدته أنها ستقتله.. وكانت تلك المصيبة الكبرى التي لم يستطع أيٌ منهما التخلص منها ! ما هو شعورك أن تكون غريباً عن كل شيء ؟ كل ما حولك ليس مخلوقاً لأجلك ، وأي مكانٍ تراه لا يمنحك إحساساً بالانتماء . العالم مظلمٌ بشكلٍ كبير، كل شيء...