"ما رأيك بشيء أكثر فرحاً ؟"
"من يرفض شيئاً كهذا ؟"
سألته وابتسامة كبيرة على وجهي ، اتسعت ابتسامته وقال "هيا بنا .."
ليون أمسك بيدي والضحكة لا تفارق وجهه ، وكان هذا مفائلاً قليلاً بالنسبة لي !
تنهد وقال "استعدي .."
شعرت بيده تشد على يدي بقوة ، هل كان ذلك لأن يده الوحيدة وكل قوته بها ، أم لأنه بطبيعة الأحوال هو الأقوى ، فجأة ركض بكل سرعته وهو يمسك بيدي ويجرني خلفه ، خلال المكان المظلم الطويل ، أنا كنت أضحك بفرح وأصرخ بفزع وأبتسم بسعادةٍ عامرة احتلت كل حواسي ومشاعر كثيرة بداخلي .
كان الوجود بجانبه كافٍ بذلك ، حركاته الطفولية جعلت الذكريات تتدفق برأسي بصورةٍ كبيرة ، حين كنت صغيرة وأركض أنا وناتاشا بين السفوح ، تذكرت طفولتي وكل سعادتي التي عشت بها ، ليون كان قادراً على إعادتها لي فقط لأننا نركض .
أنا لم أعش هذا الشعور منذ مات والداي ، يومها كبرت فجأة ، وتغير كل شيء ، أن يأتي شابٌ مثل ليون ويفعل هذا ، هذا غير كل شيء ، كل ما في ذهني أصبح صافياً فجأة ، أغلقت عيني ولم أنظر أمامي ، فقط ليون يسحبني خلفه ، أشعر بالهواء يصطدم بوجهي ، أشعر بيده تشد على يدي بقوة ، أشعر برائحة الأزهار تخترق الخلايا الشمية في أنفي ، أشعر بلسعاتٍ خفيفة من الجرح في بطني .
ثم أنسى كل شيء وأشعر باللحظة الجميلة التي لن تتكرر مجدداً ، أشعر بها بكل ما بداخلي ، وكأنها كل ما أملك الآن ، فوسط كل شيء ، هي كانت كذلك حقاً !
توقف ليون عن الركض وانحنى ليأخذ أنفاسه ، يده الممسكة بيدي رفعتها ليقبلها بطريقته النبيلة ويقول "كان ينقصنا القليل من الإيقاع لأقول لك شكراً على الرقصة آنستي ."
تذكرت المرة الأولى التي لاقيت فيها ليون ، كان أول ما فعله هو أن سحب سيفاً بوجهي مختبراً إياي وصددته ، ثم قبل يدي ، قال إن النبلاء يتصرفون بهذه الطريقة وإنه يحب التصرف مثلهم ، وهذه المرة يعبث بأصابعي بين يده الواحدة وأنا أنظر له بابتسامة ، والقليل من التوتر تكون بداخلي .
ترك يدي وأرجع شعره المبعثر للوراء وقال "ما رأيك ؟"
"لن أنسى هذا في حياتي ."
اعترفت بصراحة ، أنا لم أفرح من قبل لأجل شيءٍ سخيفٍ كهذا ، لم أجد التصرفات الطفولية مفرحةً أبداً ..
لكني تغيرت
منذ غادرت منزلي الكثير من الأمور حصلت ، رحلة الصيد ، السوق الذي أنشأه النبلاء في أحد البلدان الفقرة ، الهجوم على القصر ، الفترة العصيبة التي مررنا بها وإصابات الفرسان ، الاحتفال الكبير ، وقوع سوكوار بالحب ، موت الملك ، تتويج أميرنا كملكٍ جديد ، نهضته بالمملكة ، اضطرارة للتخلي عن ميريتيا .
أنت تقرأ
Strangers | غرباء
Historical Fictionهي قد نظرت لعينيه وعاهدته أنها ستقتله.. وكانت تلك المصيبة الكبرى التي لم يستطع أيٌ منهما التخلص منها ! ما هو شعورك أن تكون غريباً عن كل شيء ؟ كل ما حولك ليس مخلوقاً لأجلك ، وأي مكانٍ تراه لا يمنحك إحساساً بالانتماء . العالم مظلمٌ بشكلٍ كبير، كل شيء...