67 |يستحقر نفسه !|

6.7K 698 103
                                    

"تذكري ميريتيا ، إن رجلاً يعلم بحزنك وينام ، لا يستحقك بأي حالٍ من الأحوال ."

يفتح عينيه مرتجفاً ، ويطلق تنهيدةً متألمة ، كان مجرد حلم ، هكذا أقنع نفسه ، حين أغمض عينيه ورأى ماثيو -كما عرفه من سنوات- يحتضن ميريتيا ويشد على عناقها ، يهمس لها بأذنها بتلك الكلمات .

لا يستغرب إن صدقته ، فهذا هو الظاهر ، هو لا يستطيع فعل شيء .

يعود ليستلقي مجدداً يرفع يده لينظر لخاتمها المتوضع في إصبعة الأصغر ، كيف ستعرف وهي بعد كل تلك الأميال أنه لا يعلم بحزنها.. بل هو يشعر به من الداخل ، كيف ستعرف أنه لا ينام ، تغفو عينيه لساعات قليلة كل عدة أيام من شدة الإرهاق .

ربما ماثيو محق ، هو لا يستحقها ، هو فرط بميريتيا ، بأكبر كنزٍ امتلكه في حياته ، هو فرط بها ، لكنه حتى اليوم يفكر ، ماذا سيحدث لو اختار لونا ؟ حينها سيفقد لونا ، وسيفقد سكاي ، وكما يقولون "أفضل مكافئة للوفي أنه ينظر لنفسه باحترام ."

نهض من مكانه ، أرجع شعره للوراء ، نظر لانعكاس صورته في المرآة ثم أشاح بنظره بعيداً ، حاول كثيراً منذ ذلك اليوم أن يواجه نفسه في المرآة ، لكنه لم يستطع ، يستحقر ذاك الوجه الذي يراه ، هو وصل لأسوأ المراحل ، إنه يزدري نفسه حقاً !

لا يمكنه أن يواجه نفسه في المرآة ، هو يعلم كم أن هذا سيء ، فكرة غربته حتى عن نفسه ، وانطوائه على ذاته المعذبة ، هو يجهل الطريقة الأفضل للتفريغ عن مشاعره ، لم يرسم منذ زمن ، أصح عصبياً وبارداً وحزيناً ، وغارقاً في الظلام .

مر أسبوعين ، أسبوعين كانت مدة طويلة تقاطعه أمه بها ، هو يجلس معها على طاولة الطعام ويحادثها وهي تتجاهله ، حتى والدته أقرب الناس له رفضت أن تفهمه .

لم يعد قادراً على مواجهة العالم ، هو أصبح غريباً عن العالم ، كما أنه لم يعد قادراً على مواجهة نفسه في المرآة ، ينظر لها ، يجد الملك العادل ابن الملك الظالم ، يجد الملك الجديد الذي أحبه الفقراء ويمقته كل النبلاء ..

ينظر لها فيجد ذاك الفتى الحزين الغارق في ظلامه الذي تخلى عن خطيبته ، الفتى الحزين الذي تخلت عنه أمه .

كل ذلك الضغط على صدره أصابه بضيقٍ في التنفس ،بدل ملابسه وسكب لنفسه كأساً ، ورغم ارتدائه لملابسه لم يرغب بالخروج حتى .. 

 جلس على سريره قرب نافذة غرفته وفتحها ، كأس النبيذ بيده وينظر تلك النظرة الباردة نحو الأسفل ، نحو رين التي تمشي مع ليون وتنفجر ضاحكة !

كانت الوحيدة القادرة على الإحساس به ، لكن على من يضحك .. هل هي سترمي بكل سعادتها عرض الحائط ؟ هل ستتخلى عن ليون لأجله ؟ هل ستغرق معه في حزنه حتى تنتشله ؟

لا يلومها ، حاولت التخفيف عنه مرة ، وانتهى الأمر بشكلٍ سيء جداً لها ، حين كان فوقها ونصل سيفه عند عنقها ، لا ينكر أنه لام نفسه كثيراً ، الجنون الذي سيطر عليه في تلك الفترة ، لم يكن ليمنعه من أن يقتلها فهي كانت تثير حنقه بشدة .

Strangers | غرباءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن