أجلس على الكرسي في الغرفة البيضاء المغطاة بلوحاتي في كل مكاني ، أمامي مرسمي وعليه ورقةٌ فارغة ، أنظر لعلبة الألوان الموضوعة على الطاولة محاولاً اختيار لوناً مناسباً ، لكن لوهلة .. شعرت أنه لا شيء مناسب هنا ، لا يوجد أي لون يمكن أن يساعدني لرسم اللوحة التي أريدها ، كل الألوان لم تقدر على مساعدتي ، شعرت أنها تقف ضدي ، حتى موهبتي .. الشيء الوحيد الذي ألتجئ له في هذه الأوقات شعرت أنها تقف ضدي وتحاربني !!
لذا ، مهما فكرت وتخيلت ، مهما دمجت الألوان التي تعلمتها من قبل في الدروس التي أخذتها في القصر ، مهما حاولت صقل موهبتي ، أشعر وكأني لا أجد اللون الذي أريده .
كل شيء فقد بريقه فجأة ، كل شيء بهت فجأة ، أصبحت الحياة قاتمة ، وتلك النصف ساعة التي سمعت غراي يتحدث بها كانت ستؤثر بي لآخر حياتي .
المرسم هو المكان الوحيد الذي لم يدخل له أي أحد ، حتى سكاي لا يعرف به ، موهبة الرسم هي الشيء الوحيد وسري الذي أشعر أنه ربما سيموت معي ..
لا أحد ، لا أحد حولي يعرف ماذا أفعل حين أغيب هنا لساعات ، حتى حين أكون لوحدي ويدخل سكاي ، يطرق الباب وحسب ، ولا يدخل ، ولم يدخل أحدٌ يوماً .
المفتاح متوضعٌ في عنقي ، وكل شيء هنا خاصٌ بي وحدي ، وكأن مشاركته مع أحدٍ آخر ستفقده رونقه .
جميعنا نملك ذلك السر الذي نريد أن نحتفظ به لأنفسنا للأبد ، دون أن نخبر عنه أي صديق مهما كان مقرباً ، وأي حبيب مهما كان يعني لنا الكثير .
إن استطعت أن تبقي ذلك السر مدفوناً دوماً هذا سيثبت كم أنك شخص مميز !
في الواقع .. لم يكن يعنيني أن أكون شخصاً مميزاً أبداً ، ولا أفعل هذا قصادةً ، ومنذ أن وقعت في الحب ، ومنذ أن تغير كل شيء بداخلي قررت أن أخبر ميريتيا بموضوع الرسم خاصتي ..
أنقل بصري بين اللوحات التي رسمتها منذ طفولتي ، أتذكر كل حدثٍ عند رسمها ، أقترب من الجدار اليميني للباب ، أنظر للوحات الثلاث التي رسمتها عند الجراحة التي أجريت لليون ، كان ذلك مفيداً .
كان علي يومها أن أقرر مصير ليون ، لذا أنا رسمت ثلاث لوحات ساعدتني لأفعل ، ولكن اليوم ..
أنا لا أقرر مصير ليون الفارس ، أنا أقرر مصير ميريتيا (الفتاة التي أحب) ، ولونا (الفتاة التي يحبها سكاي)، وأشعر أن هذا القرار شبه مستحيل بالنسبة لي !
حتى وإن جربت أن أفعل المثل ، أنا لا يمكنني رسم هذا ، فلو اخترت لونا .. أنا لا أعلم كيف ستكون ردة فعلها لبقائها في مملكة الشمال ، أن تكون زوجة ماثيو ، وأن تبقى معه ، لا يمكنني سوى تخيل الكثير من السيناروهات السيئة تماماً
ولو اخترت ميريتيا ستكون الرسمة صعبة جداً ، ستكون سعيدة إنها بجانب أمها ، ولكنها ستبكي ألماً لأنها بجانب ماثيو ، ستفرح لأنها عادت لأرض الوطن ، وستموت حزناً لأنها تركت الشاب الذي تحب ، سأكون مضطراً لرسم نوعٍ من (الموناليزا) التي لم يستطع الفنان نفسه أن يفهم ماهية شعورها .
أنت تقرأ
Strangers | غرباء
Ficción históricaهي قد نظرت لعينيه وعاهدته أنها ستقتله.. وكانت تلك المصيبة الكبرى التي لم يستطع أيٌ منهما التخلص منها ! ما هو شعورك أن تكون غريباً عن كل شيء ؟ كل ما حولك ليس مخلوقاً لأجلك ، وأي مكانٍ تراه لا يمنحك إحساساً بالانتماء . العالم مظلمٌ بشكلٍ كبير، كل شيء...