57 |جزءاً من روحه|

6.6K 729 66
                                    

من سوكوار إلى ميريتيا

أنا أكتب لك ، وأعلم أنه لا قيمة لما أكتب ، وأعلم أن كلماتي لن تقدم لك شيئاً ، أنا أكتب لك ولا أريد فعل ذلك ، ولكني أحارب إرادتي !

أنا أعلم أن رسالتي هذه حين تصل لك أنت على الأغلب ستمزقينها ، ولن تكترثي بأي كلمةٍ بها ، ولكن كونك تابعتِ حتى السطر الثالث ، أنا أحمل فخراً بداخلي لذلك .

أنت قدمتِ لي الكثير على مر الوقت ، أعطيتني مالم يقدر أحد أن يعطيني إياه ، استطعت بذكاءٍ حاد أن تدركي ما ينقصني وبدأتِ تقدمينه لي شيئاً تلو الآخر ، وأنا لم أستطع منحك أبسط الأشياء .

سأخبرك عن سبب كتابتي ، أنا طلبت أن أراكِ مرةً أخرى ، وأعلم أن طلبي سيكون مرفوضاً لدى ملكك ، الكلمات هي الطريقة الوحيدة لأراكِ عبرها .

لن نلتقي مجدداً ، هل تدركين ما يعني هذا ؟

الشعور الذي يعصف بداخلي يقتلع جذور الصمود التي غرستها في قلبي منذ طفولتي ، يجعلني محطم ، منكسر أكثر من يوم وفاة والدي ، أشعر وكأن روحي تسحب من أطراف أصابعي وتوجعني ، أحس أني أفارق الحياة ..

شعوي بالحياة بذاته تخلى عني ، أحس أني وحيد .. مجدداً !

تلك المشاعر التي راودتني كثيراً في طفولتي ، أعترف أني شاركتها مع غيرك ولم أشاركها معك حتى الآن .

هل تدركين ماهية ذلك الأمر ، ألا يكون بجانبك أي شخص يحبك أو يهتم بك ؟ أن لا يقترب منك أي أحد ، أن تعيش طوال الوقت وشعورك أنك "متروك" متمسكٌ بك ويأبى أن يفارقك ، أنه لا يوجد من حولك من يكترث هل أنت بخير أم لا ؟ هل أكلت جيداً ؟ هل شربت جيداً ؟

هل تدركين ماهية ذلك ؟

أنت انشلتني ، جعلتي مني شخصاً جديداً ، غيرتِ كل شيء ، أنا وقعت لك وبشدة ، حاولت أن أهدئ نبضات قلبي ، ولكني وقعت في حبك للحد البعيد .

ربما لا يحق لي أن أصف ما أشعر به وأنت أكثر من يتألم الآن ، تشعرين أني تركتك وأنك غير مهمة بالنسبة لي .

ولكني أقسم إني أتمزق كل ثانية ، أقسم أني أشعر وكأن الجزء الأهم مني تخلى عني .

وأنتِ بعيدة .. أمنياتي تتلاشى ، وسقف أحلامي يتساقط فوق رأسي ، كل حواسي تناديك ولا أشعر برغبةٍ في العيش .

أنا لم أتخلَ عنك راغباً بل مرغما ، ولو كان الخيار بيدي لما اخترت فراقك أبداً ، المشكلة يا حبيبتي أنك تظنين أنه بيدي ، لكن اسمياً وحسب .

قيل لي إن علي الاختيار بينك وبين لونا ، ويسألني الجميع لم اخترتك أنت ولم أختر لونا ؟

أعلم أنك تسألين نفس السؤال ، وأنا سأشرح لك لأنك الشخص الأهم بالنسبة لي ، أنا سأخبرك لأنك الوحيدة التي ستفهمني ، ولأنك أكثر من يحق له أن يعرف ، وربما لأنك الضحية .. لكني سأخبرك ولن أخبر غيرك !

لو أن لونا بقيت في مملكة الشمال ستعاني نفسياً وجسدياً ، ماثيو سيحطمها وهي لن تحتمل هذا

أنت تعلمين أنها هاجمت لوكاس حين آذاها ، صفعها فوضعت سيفاً على عنقه . 

 لذا أنا لا أستغرب أن تقتل ماثيو لتشب الحرب تماماً ، أو تقتل نفسها فيأخذك ماثيو ، فيخسر سكاي ، وأخسر أنا .

ولكني أثق بك ، أثق أنك ستتحملين ، وستصبرين .

والأمر الأهم والذي أعلم أنك ستكونين قادرةً على تقبله أني لن أكون قادراً أبداً على تحمل ضعف الوجع ، وضعف الانكسار ، سكاي هو صديقٌ مقربٌ لي ، لذا شعوري القوي بألمه وألمه سيسبب لي الضغف من كل شي ، سيكون أقوى من ألمي وحدي .

وأخيراً ، أنك قرأتِ حتى هذه الكلمة يشعرني بالسعادة الكبير ، سأتوقف عن وصف شعوري فهو غير مهم ، وسأعتذر لك ألف مرة عن كل شعورٍ سيء راودك وكنت أنا السبب ، عن كل دمعة لم أكن موجوداً لأحتضنك وأمسحها لك.

اعترافٌ صغيرٌ أخير يا أميرتي الصغيرة..

أحياناً أشعر بالضيق من كل شيء حولي ، حتى من سيفي وأغراضي وملابسي ، أفك حزامي وأنزع خاتمي وأرميهم في غرفتي ، لحظات فقط وأعود لأضع خاتم خطوبتي مجدداً في يدي ، أشعر أنه جزءٌ مني ولا أستطيع التخلي عنه .

مهما شعرت بالضيق ، أنت لا يمكنك التخلي عن جزءٍ من روحك أو جزء من جسدك أبداً .

لذلك .. أمنحك جزءاً من جسدي بين يديك ، حافظي عليه فضلاً ، أمنحك جزءاً من روحي وأهبه لك ..

أحبك .. أحبك كثيراً ، وأنا مغترب بعيداً عنك

((إن لم نكن مع الأشخاص الذين نحبهم فنحن لاجئون أينما كنا ..!))

To be continued

R.M

ها قد عرفتم سر اختيار سوكوار ، وسبب إرساله خاتمة لميريتيا ، في الفصل التالي رسالة ميريتيا لسوكوار .

Strangers | غرباءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن