كانت المرة الأولى لمجموعة الفرسان -باستثناء رين- يرون ملكهم يقاتل بها، خلع رداءه الفخم وارتدى لباس الفرسان ، وبطريقةٍ ما هو كان يليق به أكثر .
يقف في منتصف تلك الباحة الكبيرة ، ينظر للويس مقابله وهو يمسك سيفه ، ولا يشد عليه أبداً ، وهذا ما أثار استغراب الجميع ..
لقد كان مسترخياً، لأنه في أعماقه يؤمن أنها معركة الحياة، يؤمن أن التوتر قبل البداية يعني الموت
خلفه فرسانه الثلاثة كلٌ منهم يحمل بداخله الكثير من القلق .
مقابله مباشرةً لويس ، يحمل سيفاً ودرعاً ، وخلفه الملك ماثيو ، يمسك بيد ميريتيا التي تتساقط دموعها بشدة .
كانت تبكي ، تبكي بخوفٍ شديد ، وكأن تلك المعركة ستؤذيها هي ، كأن الجراح ستؤذي جسدها ، وكأن ضربات سيوفهم ستنزل على جسدها مجتمعة !
كانت معركةً طاحنة ، بين ملكٍ عاش كل حياته بين جدران القصر يتعلم القتال والحياة ، بارز كل مدربٍ دربه وانتهى الأمر بفوزه عليه ، استمر بالتدريب حتى بعد أن أصبح ملكاً ووقف الآن ليقاتل متجاهلاً فرسانه الذين أقسموا على حمايته ، لم يسمح لهم بالقتال بدلاً منه ، سوكوار ملك مملكة سيلفر.
وبين محاربٍ شاب ترك السياسة لأخيه وكرس نفسه ليقاتل ، ليقتل ، ليفوز بالمعارك ، كان سبب خوف الجميع من تلك المملكة ، حتى ماثيو نفسه كان يترك مسافة كافية بينه وبين أخيه ، لويس الخوف القادم من الشمال !
استمرت تلك المعركة لفترة طويلة ، ساعة ، ساعتين ، أو ربما أكثر ، لم يشعر أحد بالوقت ، كانت مخيفة جداً ، وغير قابلة للوصف بأي حال من الأحوال .
كانت ملحمة بين رجلين ، لا يخافان شيء ، أحدهما يقاتل لأجل شرفه كمحارب لم يهزم أبداً من قبل ، والآخر يقاتل لأجل شرفه كرجلٍ يريد أن ينقذ فتاته من براثن الشيطان .
ومع اختلاف أسبابهما ، كلٌ منهما استمات بالدفاع عن سببه ، بل جعل نفسه ضحية ، يقاتل لأجل حماية مبدئه ، قبل حماية جسده ، حتى ما بات جسدهم المثخن بالجروح يشكل فارقاً لهما تماماً !
كان يجب أن تنتهي تلك المعركة ، بانهيار أحدهما ، أو موته ، أو استسلامه ، وبما أن كلمة الاستسلام غير موجودة في قاموس كلٍ منهما ، فالموت أو الفوز ..
لكن القدر كان له رأيٌ آخر ، كمية الجراح التي تلقاها كلٌ منهما ، والنزف الذي نزفته تلك الجراح ، الآلام الكبيرة التي اختلجت أجسادهم ، وأرواحهم قبل ذلك ، وعدم استراحتهم أبداً طوال الوقت جعلت كليهما يسقط مغشياً عليه ، فاقد القدرة على الحركة والكلام ، فاقد القدرة على الشعور بالحياة !!
ولكن أحدهما سقط قبل الآخر بأجزاء من الثانية جعلته يصنف كالخاسر .. !
كان الأمر مثالاً بسيطاً ومرهقاً عن الحياة ، الجميع سيسقط بأي حال ، ولكن الذي يسقط أولاً يخسر ، الذي يتماسك أكثر يفوز ، لم يكن الأمر صعباً ، ولكنه مؤلم جداً .

أنت تقرأ
Strangers | غرباء
Historical Fictionهي قد نظرت لعينيه وعاهدته أنها ستقتله.. وكانت تلك المصيبة الكبرى التي لم يستطع أيٌ منهما التخلص منها ! ما هو شعورك أن تكون غريباً عن كل شيء ؟ كل ما حولك ليس مخلوقاً لأجلك ، وأي مكانٍ تراه لا يمنحك إحساساً بالانتماء . العالم مظلمٌ بشكلٍ كبير، كل شيء...