"أنت لم تتناولي الطعام في مطعمٍ في حياتك ."
قالها ليون ساخراً وهو ينظر لي وأنا أجلس متوترة ، ابتسم وتابع بسخريةٍ مضاعفة "يا لك من حمقاء ."
"أكرهك حين تقولها ."
"أنا آسف ."
هز كتفيه بعدم اكتراث ، قلبت عيني بتملل وقلت "من الواضح كم أنت آسف ."
"بربك يا فتاة ، أخبرتك أني سآخذك إلى مكانٍ لم تذهبي إليه من قبل ."
"لكني متوترة ليون ، أنا لا أنتمي إلى هنا ."
قلت بصراحة ، أنا لست مرتاحةً أبداً ، والشعور السيء بداخلي أكرهه ، شعور عدم الراحة ، أو عدم الانتماء .
ابتسم وقال "وكأنك تنتمين إلى هناك ."
نبرة صوته العميقة جعلتني أنظر لعينيه الزرقاوتين وأطلق تنهيدةً منزعجة ، أنا لم أشعر يوماً بذلك الشعور "الانتماء" نسيته منذ غادرت قريتي ، أو بالأصح نسيته منذ مات والدي .
ماتا منذ سنوات ، وبقيت لوحدي في قريتي ، أعيش وحدي ، آكل وأعمل وحدي ، وسط مجتمع يراني كغريبة كوني فتاةٌ (وحيدة) فبدأ شعور الانتماء يتلاشى !!
حتى حين أتيت للقصر تلاشى هذا الشعور الأكثر ، وازداد إحساسي بالغربة حتى بات يخنقني ، ومنذ سنوات حتى اليوم ، أنا أفتقده .. أفتقد شعور الانتماء بشدة !!
تنهدت وقلت "نحن مجرد غرباء على أي حال."
"أنت محقة .."
قالها وابتسم ، لو نطقتها أمام غيره لما فهمني ، لكنه وحده يعلم ما معنى أن نكون "غرباء" حقاً !
هو أشار للنادل وطلب الطعام لنا ، نظرت له وسألت "ألا نجلب الطعام بنفسنا ؟"
"لا عزيزتي ، هذا نظام المطاعم ، أنت تجلسين على الكرسي وتحملين قائمةً تحوي أسماء الأطعمة ، تختاري صنفاً ويجلبه لك النادل ، ثم يأخذون الصحون الفارغة وتغادرين بعد أن تدفعي النقود ."
"هذا ما يفعله الخدم في القصر ."
"الأمر مشابه إلى حدٍ ما ، لكنه نادل وليس خادم .."
"مثير للاهتمام .."
قلت ساخرة وطلب هو الطعام كوني لا أعرف كيف أتصرف هنا ، كنت متشنجة إلى حدٍ ما ، لكنه طمأنني بجملةٍ واحدة "فقط انظري حولك وسترين أن كل شخص ملتهٍ بمن هو معه ، هم لا يلتفتون إلينا ، هم لا يهتمون بما نفعله ، لذا لا يوترك مجرد أننا هنا معهم ."
"حسناً .."
قلت وأنا أهز كتفي ، تناولنا الطعمام في ذلك المكان الذي لم أدخل إليه سابقاً ثم خرجنا ، ليون نظر لي وقال "أريد أن أهديك هدية ، هل تسمحين لي ؟"
"أسمح لك ."
ابتسم وسار ، مشيت خلفه ، محاولةً الاستمتاع قدر المستطاع بكل لحظة خارج سجون ذلك القصر ..
أنت تقرأ
Strangers | غرباء
Ficción históricaهي قد نظرت لعينيه وعاهدته أنها ستقتله.. وكانت تلك المصيبة الكبرى التي لم يستطع أيٌ منهما التخلص منها ! ما هو شعورك أن تكون غريباً عن كل شيء ؟ كل ما حولك ليس مخلوقاً لأجلك ، وأي مكانٍ تراه لا يمنحك إحساساً بالانتماء . العالم مظلمٌ بشكلٍ كبير، كل شيء...