45 |انتماء|

7.1K 774 72
                                    

"أنت لم تتناولي الطعام في مطعمٍ في حياتك ."

قالها ليون ساخراً وهو ينظر لي وأنا أجلس متوترة ، ابتسم وتابع بسخريةٍ مضاعفة "يا لك من حمقاء ."

"أكرهك حين تقولها ."

"أنا آسف ."

هز كتفيه بعدم اكتراث ، قلبت عيني بتملل وقلت "من الواضح كم أنت آسف ."

"بربك يا فتاة ، أخبرتك أني سآخذك إلى مكانٍ لم تذهبي إليه من قبل ."

"لكني متوترة ليون ، أنا لا أنتمي إلى هنا ."

قلت بصراحة ، أنا لست مرتاحةً أبداً ، والشعور السيء بداخلي أكرهه ، شعور عدم الراحة ، أو عدم الانتماء .

ابتسم وقال "وكأنك تنتمين إلى هناك ."

نبرة صوته العميقة جعلتني أنظر لعينيه الزرقاوتين وأطلق تنهيدةً منزعجة ، أنا لم أشعر يوماً بذلك الشعور "الانتماء" نسيته منذ غادرت قريتي ، أو بالأصح نسيته منذ مات والدي .

ماتا منذ سنوات ، وبقيت لوحدي في قريتي ، أعيش وحدي ، آكل وأعمل وحدي ، وسط مجتمع يراني كغريبة كوني فتاةٌ (وحيدة) فبدأ شعور الانتماء يتلاشى !!

حتى حين أتيت للقصر تلاشى هذا الشعور الأكثر ، وازداد إحساسي بالغربة حتى بات يخنقني ، ومنذ سنوات حتى اليوم ، أنا أفتقده .. أفتقد شعور الانتماء بشدة !!

تنهدت وقلت "نحن مجرد غرباء على أي حال."

"أنت محقة .."

قالها وابتسم ، لو نطقتها أمام غيره لما فهمني ، لكنه وحده يعلم ما معنى أن نكون "غرباء" حقاً !

هو أشار للنادل وطلب الطعام لنا ، نظرت له وسألت "ألا نجلب الطعام بنفسنا ؟"

"لا عزيزتي ، هذا نظام المطاعم ، أنت تجلسين على الكرسي وتحملين قائمةً تحوي أسماء الأطعمة ، تختاري صنفاً ويجلبه لك النادل ، ثم يأخذون الصحون الفارغة وتغادرين بعد أن تدفعي النقود ."

"هذا ما يفعله الخدم في القصر ."

"الأمر مشابه إلى حدٍ ما ، لكنه نادل وليس خادم .."

"مثير للاهتمام .."

قلت ساخرة وطلب هو الطعام كوني لا أعرف كيف أتصرف هنا ، كنت متشنجة إلى حدٍ ما ، لكنه طمأنني بجملةٍ واحدة "فقط انظري حولك وسترين أن كل شخص ملتهٍ بمن هو معه ، هم لا يلتفتون إلينا ، هم لا يهتمون بما نفعله ، لذا لا يوترك مجرد أننا هنا معهم ."

"حسناً .."

قلت وأنا أهز كتفي ، تناولنا الطعمام في ذلك المكان الذي لم أدخل إليه سابقاً ثم خرجنا ، ليون نظر لي وقال "أريد أن أهديك هدية ، هل تسمحين لي ؟"

"أسمح لك ."

ابتسم وسار ، مشيت خلفه ، محاولةً الاستمتاع قدر المستطاع بكل لحظة خارج سجون ذلك القصر ..

Strangers | غرباءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن