•المشهد الثالث..
تلقّت تهاني، التي تبلغ من العمر الآن الثانية والعشرين عاماً وتخرجت من كلية الصيدلة، عرض زواج من صيدلي شاب تخرج قبلها بسنة. كانت عائلته تمتلك معهداً خاصاً يقدم دراسات في جميع فروع العلوم الإنسانية. حضرت شقيقته لطلب يدها نيابة عنه، وأخبرتها كيف كان شقيقها معجباً بها منذ عامها الأول في الجامعة وكيف زاد إعجابه عندما علم بأنها طالبة مجتهدة ذات سمعة طيبة طوال فترة دراستها. لم يرغب في تشتيت تركيزها الأكاديمي، لذا انتظر حتى تخرجت.
أعجبت تهاني بسماع مشاعره الصادقة وكيف أنه رجل مجتهد ومتعلم سيدعم مسيرتها المهنية. حتى أنه عرض عليها إمكانية العمل كمساعدة تدريس في معهده. وافقت على الخطوبة من حيث المبدأ، آملةً أن تتعرف عليه بشكل أفضل. ومع ذلك، واجهت معارضة شديدة من شقيقاتها، خاصةً شقيقتها الكبرى، إيمان. بكت إيمان أمام والدهما، محتجةً على أن شقيقتها الصغرى ستتزوج قبلها، مما يعرض فرصتها للزواج للخطر. تحت هذا الضغط، رفض والدهما العريس قبل حتى أن يلتقي به.
تقدّم العديد من العرسان الآخرين لتهاني، لكن كل مرة رُفضوا بأعذار واهية، مما أجبرها على رفضهم. قررت تهاني أن تضع فكرة الزواج جانباً لبعض الوقت وتركز بدلاً من ذلك على البحث عن وظيفة، معتقدةً أنها قد تلتقي بالشخص المناسب في طريقها.
ـــــــــ
•المشهد الرابع..
مرّت ثلاث سنوات منذ تخرجها، وكانت تهاني لا تزال تبحث عن عمل. رفضت عرضاً لوظيفة ممثلة مبيعات دوائية لأنها فضلت العمل في بيئة مشفى، حيث يمكنها التفاعل مع الناس يومياً. أخيراً، وجدت وظيفة في مشفى خاص، حيث التقت بموظف يبلغ من العمر خمسين عاماً من قسم المشتريات. شعرت بالراحة مع معاملته اللطيفة.
بعد عامين من العمل هناك، بينما كانا مشغولين بمراجعة طلبات الأدوية وتثبيت الأسعار، كسر عبد الله الصمت.
عبد الله: "لماذا تضيّعين سنوات من حياتك في العمل في مشفى خاص مقابل راتب منخفض بينما تحملين شهادة بكالوريوس في الصيدلة، يمكنك فتح صيدليتك الخاصة."
ردّت تهاني بينما كانت ترتب الأدوية على الرفوف.
تهاني: "ما زال الوقت مبكراً لفتح صيدلية. أحتاج إلى اكتساب المزيد من الخبرة، وتوفير المال، وإقامة علاقات مع شركات الأدوية. أعني لا زال أمامي العديد من السنوات قبل أن أكون مستعدة لتحمل مسؤولية إدارة صيدلية."
عبد الله - بابتسامة: "الأمر بسيط. ما رأيك في فتح الصيدلية معاً؟ ستوفرين الترخيص، وسأتحمل نصف التكاليف. يمكنني مساعدتك بخبرتي في التعامل مع شركات الأدوية وأصحاب المتاجر. لا تقلقي، يمكننا حتى شراء الأدوية بالتقسيط. ما رأيك؟"
كانت تهاني متحمسة للفكرة.
تهاني- لنفسها: "هذه فرصتي لتوفير سنوات من الجهد. لن أسمح لهذه الفرصة أن تفوتني. سأوافق فوراً!"
رأت نفسها في المستقبل كأصغر سيدة أعمال ناجحة، تمتلك سلسلة من الصيدليات في مدينتها.
استيقظت تهاني من حلمها، وقفزت من الفرحة.
تهاني- بحماس: "أوافق! دعنا نبدأ على الفور!"
استقالت تهاني من المشفى وفتحت صيدليتها بالشراكة مع عبد الله. عملت بلا كلل نهاراً وليلاً، في انتظار جني ثمار جهدها.
في السنة الأولى، سارت الأمور بينهما بشكل جيد، وكان يعاملها باحترام. لكن مع مرور الوقت، بدأت تشعر بعدم الارتياح بسبب نظراته المتكررة. وبدأ يشكو من زواجه ويعبر عن عدم رضاه عن زوجته.
لم تولِ تهاني اهتماماً كبيراً لسلوكه، متعهدةً بالحفاظ على احترامه لها، حتى لو كان ذلك يعني إجباره على ذلك.
ـــــــــ

أنت تقرأ
عشقت جميلتي
Romantikعلى ارتفاع آلاف الأقدام في السماء، وبين هدير المحركات وهمسات الركاب ربطت تهاني حزام الأمان بتوتر. شعرت بأن الطائرة لا تحملها فقط إلى وجهة بعيدة، بل إلى رحلة في عمق ذكرياتها، حيث الألم والخيانة والتضحية تختلط في نسيج حياتها. عاشت سنوات من العزلة بعد...