بعد أن نجحت بدرية في تهديد تهاني وإرعابها بكلماتها السامة، قررت تهاني الامتناع عن زيارة هناء لتبقى بعيدة عن بدرية قدر الإمكان. مرت أكثر من أسبوع منذ أن حبسَت نفسها في شقتها، خائفة من مواجهة بدرية حتى بالصدفة. كانت امرأة خبيثة، قادرة على تدميرها نفسياً وجسدياً، ولم يكن من المبالغ فيه أن تفكر في أنها قد تلطخ سمعتها بين سكان المبنى.
في أحد الأيام، أخذت تهاني دشاً بارداً لتسترخي وتتخلص من القلق والتوتر اللذين زادا بعد سفر والدتها. دخلت غرفتها، جلست أمام المرآة، وبدأت تمشط شعرها. فكرت في بدرية وما فعلته بها. رغم نفسها، ضحكت على حظها العاثر وكيف بدت الظروف وكأنها تتآمر ضدها.
تهاني - لنفسها: "أوه، تهاني، عدتِ إلى حبس نفسك في المنزل مرة أخرى. هاهاها، ما هذا؟ هل قلت حكمتي في الحياة؟ ما كُتب لك في وطنك، ستجدينه حتى لو هربتِ إلى أقاصي الأرض. المشاكل تحبك كثيراً؛ تلاحقك أينما ذهبتِ ومن أينما أتيتِ!"
توقفت تهاني عن تمشيط شعرها ونظرت إلى انعكاسها بحب.
تهاني: "أنتِ الوحيدة، أوه مرآة، التي كانت صديقتي خلال السنوات العشر الماضية. قولي لي، مرآة، من آذيتُ، ومن لعنني في ليلة القدر؟ تلك لعنة قاسية حرمتني من الحياة!"
نظرت تهاني إلى صورتها بحزن، وألمها ذلك؛ لم تؤذِ أحداً، ومع ذلك تغيرت حالتها ومشاعرها من الضحك على نفسها إلى الشعور بالأسف عليها.
لم تستطع تحمل النظر إلى انعكاسها أكثر من ذلك، فانفجرت في البكاء، مدفونةً وجهها في يديها، تحاول الاختباء من حياتها البائسة. بكَت أكثر فأكثر وهي تفكر في كيفية الرحمة بنفسها والاختباء من هذا العالم الذي كان قاسياً عليها. وفي بكائها الشديد، بدأت أنفاسها تقصر، فرفعت رأسها لتهدئ نفسها. نظرت إلى السقف، غارقة في دموعها وآلامها، وبدأت تصلي إلى الله من أعماق قلبها، وصوتها يرتجف ويتشنج من شدة بكائها.
تهاني: "يا رب، كم ستستمر حياتي هكذا، بلا عائلة، بلا زواج، وبلا مستقبل؟ ماذا يعني هذا؟ ماذا يجب أن أفعل بحياتي؟ أنا متعبة، ولا أستطيع التحمل أكثر. أريد أن أعيش مثل بقية الناس، أن أكون سعيدة، أن أستمتع، وأن أرى أياماً جيدة. يا رب، ارحم حالتي. ليس لي سواك. يا رب، ساعدني وغيّر حياتي.."
قطعت دقة على الباب صلاتها. ظنت أنه أحمد جاء يسألها إذا كانت تحتاج شيئاً. شعرت بالخجل من أن يراها ويعرف أنها كانت تبكي، فركضت بسرعة إلى الحمام وغسلت وجهها. عادت إلى غرفتها ووضعَت بعض المكياج الخفيف لتغطية احمرار وجهها وإخفاء دموعها. اقتربت من الباب وسألت من هناك. سمعت صوت هناء وفتحت الباب. دخلت هناء وتبادلتا القبلات الودية.
تهاني: "مرحباً! يا لها من مفاجأة رائعة!"
هناء: "مفاجأة؟ ألم تتوقعي أنني قد أتي لزيارتك؟"
أنت تقرأ
عشقت جميلتي
Romanceعلى ارتفاع آلاف الأقدام في السماء، وبين هدير المحركات وهمسات الركاب ربطت تهاني حزام الأمان بتوتر. شعرت بأن الطائرة لا تحملها فقط إلى وجهة بعيدة، بل إلى رحلة في عمق ذكرياتها، حيث الألم والخيانة والتضحية تختلط في نسيج حياتها. عاشت سنوات من العزلة بعد...
