٥٧- الالمانية.

169 16 0
                                        

بينما كانت تهاني ترقص، شعرت بشخص يلمس ظهرها. التفتت بسرعة فرأت سائحة من الفوج الألماني، فاطمأنت من أنها امرأة ولا خوف منها. لكن بعد تكرار اللمسات، أدركت أن ذلك متعمد، فتوقفت عن الرقص ونزلت من المسرح، تاركة أحمد يواصل الرقص معهم. أخذت مكانها على الطاولة، لكن فجأة سقط جدار ضخم بجانبها. التفتت ورأت السائحة الألمانية.

تفاجأ حاتم عندما رأى محمود جالساً في مكانه، يراقبهما بهدوء ولا ينوي التدخل لإنقاذها.

حاتم - بذعر: "محمود، انقذها! الغولة الألمانية ستنقض عليها الآن!!!"

محمود - لنفسه: "إذا ساعدتها من دون أن تعرف السبب، ستعتقد كما في كل مرة أنني أريد إيذاءها. سأنتظر قليلاً حتى تعرف ما تريده السائحة الألمانية!"

خافت تهاني من الألمانية عندما وضعت ذراعها حول كتفيها، وعانقتها بقوة، وبدأت تضغط أصابعها بشكل مزعج على ذراعها. شعرت بمتاعبها مع الألمانية وحاولت تنبيه أحمد، لكنها وجدته مشغولاً بالرقص مع الضيوف. وجهت نظرها إلى هناء وإيمي، فوجدتهما بعيدتين عنها مشغولتين بالحديث مع أقاربهما. ففكرت في إنقاذ نفسها من المأزق دون أن تسبب مشكلة لهناء.

تهاني - لنفسها: "ستخسر هناء وظيفتها إذا حدثت مشكلة مع الألمانية. سأحول إنقاذ نفسي منها بشكل غير مباشر."

ابتسمت تهاني في ارتباك وكأنها لم تفهم أنها تتحرش بها، وحاولت النهوض من مكانها، إلا أن الألمانية ضمتها بقوة أكبر نحو صدرها، فشعرت بالرعب من قوتها وجرأتها. كانت على وشك البكاء، لكن محمود وصل في نفس اللحظة إلى طاولتهما وأمسك بذراع الألمانية وسلم عليها بابتسامة. وبيده هددها بصمت. أبعد ذراعها عن كتف تهاني، وابتسم لها بهدوء. انتهزت تهاني الفرصة للهروب، فنهضت بسرعة من كرسيها وجلس محمود مكانها.

وقفت تهاني خلف كرسي محمود وشعرت بالمكان أنه "الأمان" الوحيد في القاعة.

ـــــــــ

وقفت تهاني في زاوية لا يراها أحد من الضيوف خلف كرسي محمود. وعلى صوت الموسيقى العالية، استغلت انشغال محمود في حديثه مع السائحة الألمانية، فبدأت تسلي نفسها بمشاهدته، وأعجبها لمعان شعره وكثافته. فأخذت راحتها بالنظر.

تهاني - لنفسها: "شعره ناعم جداً، أتمنى أن ألمسه!"

لم تستطع مقاومة رغبتها، فنسيت نفسها وحركت يدها على شعره كما لو كانت تلمسه. نزلت ببطء إلى رقبته وواصلت حركتها إلى كتفه. وعلى طول كتفيه كما لو كانت تقيس عرضها، ثم عادت من رقبته إلى شعره.

تهاني - لنفسها، ونظرة إعجاب واضحة في عينيها: "خط النهاية في قصة شعره مثيرة للإعجاب للغاية. رقبته الصافية كأنها خُلقت للتقبيل. أخشى أن أفقد عقلي وأتهور أمام الناس!"

رفعت عينيها عن رقبة محمود قبل أن تفقد السيطرة على نفسها، وانتبهت لوجود مرآة كبيرة معلقة على عمود أمامها. التقت عيناها بعين محمود ورأته يبتسم، ومن ابتسامته فهمت أنه رأى كل شيء.

سقط قلب تهاني بابتسامة محمود، وشعرت أن قدميها تريد أن تسقط مع سقوط قلبها. وارتفع ضغطها مع ارتفاع نبضات قلبها، وشعرت أن الحرارة بدأت تغلي داخل أذنيها.

تهاني - لنفسها، وبقهر: "نعم، هذا ما كنت أخاف منه، أن يحدث لي موقفاً محرجاً أمامه. فعلاً أنا أستحق الضرب!"

الآن تفهم تهاني معنى جملة:
"يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه".

ـــــــــ

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن