٦-بداية الإنهيار.

411 24 1
                                        

المشهد الخامس..

بعد عامين، في صباح أحد الأيام، استيقظ والد تهاني غير قادر على تحريك ذراعه أو ساقه. هرعت هي وشقيقها به إلى المستشفى، مما شكل بداية رحلة علاج طويلة. لقد تعرض لجلطة دماغية أدت إلى شلل، بعد أن سرقت عمتها، وزوجها، وبعض المتعاونين، إرث العائلة. كانت الأصول المسروقة تشمل مصنع ملابس، وحساب بنكي كبير، ومنازل في المدينة، وأراضٍ في القرية. استخدموا توكيلاً مزوراً يُزعم أنه موقع من جدهم بعد وفاته لتنفيذ الاحتيال.

كانت تهاني محطمة بسبب مرض والدها واضطرت لترك عملها في الصيدلية مؤقتاً لرعايته. قضت وقتها تأخذه من طبيب إلى آخر. طلبت من شريكها في العمل أن يتحمل مسؤولية الصيدلية لفترة وأن يوظف صيدلياً ذا خبرة للإشراف عليها، بينما ستدير الأمور عن بُعد.

بعد شهر، تلقت مكالمة في منتصف الليل من شريكها.

تهاني: "مرحباً؟"

عبد الله: "كيف حالكِ، جميلة؟"

تجاهلت تهاني الكلمة، معتقدة أنه يمزح.

تهاني: "هل هناك شيء تحتاجه، سيد عبد الله؟ هل كل شيء يسير على ما يرام في العمل؟" 

عبد الله: "لا شيء، لكن قلبي يؤلمني، وأحتاجك."

شعرت تهاني بالانزعاج.

تهاني - بعصبية: "أنا مشغولة، وليس لدي وقت للمزاح في منتصف الليل."

عبد الله: "أريد أن أتزوجك."

صدمها هذا الاعتراف. ومع اشمئزازها من كلماته، حاولت تحويل الحديث بشكل مهني.

تهاني: "عائلتي لن توافق على رجل متزوج ولديه أطفال."

عبد الله: "من قال إن موافقة عائلتك ضرورية؟ يمكننا أن نتزوج سراً، مما يُرضي الجميع."

تهاني - بصدمة: "ماذا تقول؟ تُرضي من بالضبط؟"

عبد الله: "زوجتي وعائلتك. أليس هذا حلاً أفضل؟"

تهاني - في صدمة أكبر: "هل أنت في وعيك؟" 

عبد الله: "أنت لا تفهمين. يمكننا البدء بزواج سري، وبمجرد أن نوفر ما يكفي من المال، سأطلب يدك رسمياً من عائلتك."

تهاني - تسعى لتأكيد جديته: "وإذا لم نوفر ما يكفي أو إذا رفضت عائلتي، ماذا سيحدث بعد ذلك؟"

عبد الله: "بسيط، سنذهب في طريقنا كلٌ إلى جهة."

تهاني - بسخرية: "أوه، بهذه السهولة؟"

عبد الله: "ما المشكلة؟ الحياة مليئة بالتجارب!"

تهاني - بغضب: "تلك التجارب تناسب عائلتك. الآن أنا متأكدة أنك فقدت عقلك. هل تظن أنني ساذجة بما يكفي لقبول شيء مثل الزواج السري؟"

عبد الله: "قمري، لا أستطيع إخفاء مشاعري بعد الآن. أحبكِ وأريدكِ أن تكوني لي في أقرب وقت ممكن."

تهاني - بحزم: "أتمنى أن يسقط القمر على رأسك ويخلصنا منك. اسمع، وهذه هي آخر محادثة لنا: أولاً، أنت متزوج، وزوجتك أصبحت صديقتي، لذا من فضلك أظهر بعض الاحترام لنفسك ولزوجتك المسكينة. ثانياً، أنت مثل الأخ الأكبر لي أو حتى كالأب—لا تنسَ الفارق الكبير في العمر بيننا. ثالثاً، عندما أقرر الزواج، سيكون لرجل توافق عليه عائلتي وأحبّه حقاً. هل فهمت؟ وآمل ألا أسمع منك مرة أخرى."

أغلقت تهاني الهاتف، مذهولة من وقاحته.

بعد شهر، قررت زيارة الصيدلية للتحقق من الأمور. أحضرت معها صديقتها الصيدلانية، هند، لتكون شاهدة على المحادثة مع عبد الله ولتساعد في مراجعة الحسابات المتراكمة. عندما دخلوا الصيدلية، وجدوا عبد الله جالساً خلف المكتب، يستمع إلى الموسيقى على هاتفه. رحبت به هند وجلست مع تهاني أمامه. بعد لحظات، اقترحت تهاني بهدوء أن يعملوا بشكل منفصل، كلٌ يدير الصيدلية لشهر بالتناوب، أو إنهاء شراكتهما تماماً. تركت القرار له. اختار إنهاء الشراكة، عارضاً شراء حصتها. طلب أسبوعاً لجمع الأموال اللازمة.

على الرغم من حزنها لفقدان الصيدلية، شكرت تهاني الله على تخلصها من عبد الله بهذه السهولة. بعد يومين، جاءت هند إلى تهاني، تحمل مفاتيح الصيدلية.

هند: "جاء عبد الله إلى مكان عملي هذا الصباح وطلب مني أن أعطيك المفاتيح. لقد قرر عدم شراء الصيدلية بعد كل شيء."

أخذت تهاني المفاتيح بفرح.

تهاني: "الحمد لله، كنت حزينة على ترك الصيدلية، لكنني سعيدة بأنها عادت إلي. سأديرها حتى أتمكن من جمع ما يكفي لشراء حصته."

هند - بقلق: "لا أثق به. أعلم أن لديه نوايا سيئة. سأذهب معك غداً، الجمعة، لجرد الأدوية ومراجعة دفاتر الحسابات."

تهاني - بامتنان: "شكراً لك، هند. لن أنسى لطفك أبداً!"

ـــــــــ

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن