قاد محمود سيارته وهو يشعر بالسعادة لرؤية تهاني تجلس بجواره، واستعادة أرضه. شعر بالارتياح لضياع مفتاح الخزنة، رغم أنها قديمة، إلا أن صناعتها متينة ويصعب فتحها. ولن تكتشف بدرية ما فعلته تهاني إلا بعد فترة، يكون حينها قد استعد جيدًا لمواجهتها.
التفت محمود إلى تهاني وهو يشعر بالسرور لكونهما الآن بمفردهما، وسيتمكن أخيرًا من توضيح سوء التفاهم الذي حدث بينهما.
محمود -بفرح: "الحمد لله على سلامتكِ يا حبيبتي!"
شعرت تهاني بتسارع نبضات قلبها كلما نطق محمود كلمة "حبيبتي". كانت الكلمة تسعدها كثيرًا وتحيي مشاعرها، لكنها ظلت صامتة، معتقدة أنه شريك عمته في اختطافها. ومن شدة فرحة محمود حاول أن يمزح معها، فمد يده ليقرص خدها، لكنها ابتعدت قبل أن يلمسها. انزعج من تصرفها، لأنها دائمًا تتجنب محاولاته للتقرب منها، فقرر أن يسألها عن سبب تصرفها معه بهذا الجفاء قبل أن يخبرها بما في قلبه، حتى لو استغرق الأمر الليل كله.
محمود -بغضب: "أريد أن أعرف لماذا تكرهينني؟!"
وجدت تهاني الفرصة لتفجر غضبها وتخرج ما في قلبها.
تهاني -بحدة: "ألا تعرف السبب؟ بالتأكيد لأنك حبيب عمتك!"
محمود -مستغربًا: "وكيف عرفتِ أنني حبيبها؟!"
تهاني: "منذ أول يوم قابلت فيه عمتك، لم يكن أحد يدعمها سواك، وكلما اقتربتُ من عائلتك لم أسمع من لسانها إلا اسمك. 'محموود، محموود، محموود'، والآن خطفتني لت..؟!"
نبض قلب محمود بشدة حين سمع تهاني تنطق اسمه وثلاث مرات متتالية. وكأن شفتيها كانت تدعوه ليقترب منها. لم يستطع تمالك نفسه، فأوقف السيارة واقترب منها، وقد امتلأت عيناه بالشغف وبدأ يتسارع تنفسه كلما اقترب أكثر. تراجعت تهاني مذعورة.
تهاني -بخوف: "ما بك؟!"
محمود -بعشق: "لا أستطيع السيطرة على نفسي كلما رأيتك تنطقين اسمي!"
تهاني -باستغراب: "ما الخطأ في اسم 'محموود'؟!"
محمود -مقاومًا رغبته: "الحقيقة أنكِ يجب أن تحذري، في كل مرة تنطقين اسمي ستكونين تدعينني لأن أقبلك!"
شعرت تهاني بالخوف من طريقته ونبرته التي امتلأت بالرغبة، وكذلك من نظراته نحو شفتيها، وأدركت أنه يحاول التحرش بها لكونهما بمفردهما في السيارة وفي ظلام الليل. تراجعت برعب والتفتت نحو النافذة محاولة فتح الباب، لكنها وجدت الباب مغلقًا، فشعرت بالإحباط لأنها نسيت أن السيارة أوتوماتيكية.
ابتسم محمود برؤية إحراجها، ثم أدار محرك السيارة ليواصل السير.
محمود -مازحًا-: "أنتِ السبب! تنطقين اسمي وكأنكِ تريدين قبلة، وبالطبع لا يمكنني تجاهل دعوة كهذه. عليكِ أن تتعلمي كيف تنطقين اسمي دون أن تحركي شفتيكِ!"
اعتقدت تهاني أنها ربما تنطق اسمه بطريقة خاطئة، فنظرت إلى المرآة الجانبية وحاولت نطق "محمود" دون تحريك شفتيها. لاحظ محمود محاولاتها من خلال المرآة وكتم ضحكته لرؤيتها تصدق كلامه، وهي تحاول النطق دون تحريك شفتيها. بعد عدة محاولات، ضحك وقال:
محمود -مازحًا: "هل ترغبين في الترجيع؟ هل أفتح لكِ النافذة؟!"
شعرت تهاني بالخجل عندما اكتشفت أنه كان يراقبها، فتوقفت عن المحاولات وأرخت ظهرها في المقعد، محاولة تعديل فكها المتألم.
تهاني -متذمرة-: "لا، أنا فقط مندهشة. كيف يمكن للناس نطق اسمك دون تحريك شفاههم؟ جربتُ ذلك لدقيقة والآن أشعر بشلل في وجهي!"
محمود -بضحكة: "هاهاها! هل ترغبين أن أساعدك في أصلاح الفك؟ لدي خبرة في إصلاح الفك المعوج، جربيني!"
سارعت تهاني بإبعاد يديها عن وجهها، واستدارت لتنظر إلى القمر والنجوم من خلال النافذة.
ـــــــــ
أنت تقرأ
عشقت جميلتي
Любовные романыعلى ارتفاع آلاف الأقدام في السماء، وبين هدير المحركات وهمسات الركاب ربطت تهاني حزام الأمان بتوتر. شعرت بأن الطائرة لا تحملها فقط إلى وجهة بعيدة، بل إلى رحلة في عمق ذكرياتها، حيث الألم والخيانة والتضحية تختلط في نسيج حياتها. عاشت سنوات من العزلة بعد...
