٦٩- الحقيقة.

159 16 0
                                        

بينما كانا في الطريق، فكَّر محمود في فتح موضوع مع تهاني حتى تعتاد على الحديث معه، لكنه أراد تجنب الحديث عن أسلوبها في الطعام. كان عقله مشغولاً بشيء ما، فرأى أنها فرصة لفتح حوار.

محمود: "تهاني؟"

التفتت تهاني إلى محمود، وشعرت بالخوف من أن يؤثر جواب سؤاله على أعصابه.

تهاني: بحذر: "نعم؟"

محمود: يفكر: "هناك شيء مهم يشغلني، وأريد أن أعرفه منك!"

تهاني: باستغراب: "ما هو؟"

محمود: وهو يفكر: "كيف تم اختطافك وأنتِ ترتدين ملابسك، وأنتِ دائماً، عذراً، تقضين وقتك في شقتك من دون ملابس؟"

تفاجأت تهاني من سؤاله، وانفجرت بالضحك، وقفز قلبه من السعادة لأنه استطاع إضحاكها.

تهاني: "بسيطة، كنت قد تجهزت للذهاب إلى خالة فاطمة لأعد لها القهوة بعد أن اتصلت بي تطلبني!"

تظاهَر محمود بالغضب وضرب المقود بقوة.

محمود: بصوت عالٍ: "والله عجباً، أصبحتِ توزعين قهوتي لكل شخص!"

فزعت تهاني من عصبيته، وردت عليه بسرعة دون تفكير.

تهاني: بخوف: "لا، لا، أقسم لم يلمس أحد قهوتك!"

انفجر محمود ضاحكاً من ردها السريع، وفرح بإجابتها بأنها ملك له وحده. أحرجت تهاني وغاصت في كرسيها من سذاجتها، ولأنها كلما كانت معه تتسبب في موقف محرج.

تهاني: لنفسها: "... لقد اختطفني وعرف كيف يضحك على عقلي!"

رن هاتف محمود المحمول ورأى اسم هناء. فأوقف السيارة على جانب الطريق.

محمود: "الو هناء، اطمئني، إنها تجلس بجواري بخير!"

نزل محمود وابتعد قليلاً حتى يتمكن من التحدث مع هناء دون أن تسمع تهاني. فحكى لها عن من اختطفها وكيف استطاع أن ينقذها.

هناء: "لا أعلم كيف أشكرك؟ كنت ستخسر الأرض، وكتبت على نفسك وصل أمان، وأنت تعرف أن عمتي لم تكن لتعيد لك الوصل حتى تكون تحت رحمتها!"

محمود: "لم يكن لدي حل آخر سوى تنفيذ رغبتها. خفت على تهاني لو حدث لها شيء، لو تأخرت في تنفيذ طلبها، وقلت إن أول شيء سأفعله هو إخراج تهاني، ثم أنظر في حل مسألة الأرض والوصل!"

هناء: "أشكر الله أنه أنقذك من إجرام عمتي. وأخشى عندما تعرف ما فعلته تهاني أن تفكر في قتلها؟!"

محمود: "إن شاء الله، في وقته ستكون تهاني بأمان!"

هناء: "انتظرت طويلاً من الصباح حتى الآن. هل أكلت شيئاً؟"

محمود: "بالطبع أكلت. فكرت أن أضيع الوقت، فتجولت وقابلت العديد من أقاربنا، وعزموني على الطعام. تعرفين، اكتشفت من حديثي معهم أن عمتي فعلت ذلك مع كثير من الفلاحين!"

هناء: "ماذا فعلت؟"

محمود: "أراضيهم مرهونة عند عمتي بديون ثقيلة يصعب عليهم دفعها. لا يصدق أحد أننا أقارب بالدم!"

هناء: "اللهم أنقذهم من ظلم عمتي. والآن دعيني أكلم تهاني لأطمئن عليها!"

محمود: "دقيقة!"

اقترب محمود من سيارته، وأعطى تهاني هاتفه، وانتظر في الخارج حتى تتمكن من التحدث مع أخته بشكل مريح. وأيضاً ليلتقط أنفاسه لأنهما وحدهما والطريق لا يزال طويلاً.

هناء: بلهفة: "تهاني حبيبتي، الحمد لله أنك بخير. ماما وإيمي وأحمد يجلسون بجواري ويريدون الاطمئنان عليك!"

تأثرت تهاني بصوت هناء، ولم تستطع أن تمنع دموعها من النزول.

تهاني: باكية: "اشتقت إليكم كثيراً. طمئنيهم أنني بخير، لكن عمتي ومحمود لا يريدون تركي في حالي. أخشى أن يفعلوا بي شيئاً مرة أخرى!"

هناء: بدهشة: "محمود فعل لك شيئاً؟"

تهاني: تتنهج: "ماذا تريدين أكثر من أنه اختطفني بعد أن أحدثت مشكلة بينكم وفرقتكم عن بعض؟"

هناء: بفزع: "لا، لا، يا تهاني، احذري أن تزعلي محمود ولو بكلمة واحدة. هو يحبك كثيراً لدرجة أنه يضحي بنفسه من أجلك، وأكثر من مرة ومن دون أن يطلب منا أن نقول لك!"

تهاني: باستغراب: "يضحى من أجلي؟ ماذا تقصدين؟"

هناء: "نحن مخطئون لأننا صمتنا ولم نخبرك بما يفعله من أجلك. اليوم فقط تنازل عن أرضه لتعودي إلينا بسلام، وكتب على نفسه وصل أمان بعشرة ملايين جنيه، وهو يعلم أن عمتي لن تعيد له الوصل، وربما تسجنه لسنوات طويلة، والحمد لله أنك أنقذتيه من دون أن تعرفي!"

وبدأت هناء تحكي لها كيف كانت بدرية ستقتلها في السلم لولا رعاية الله. أرسل لها محمود في الوقت المناسب لإنقاذها.

هناء: "ومحمود لا يزال مشغولاً بكيفية حمايتك من يد عمتي عندما تعرف ما فعلته في أوراقها. آه، وعندما سُرق جواز سفرك، جرى لينقذك حتى لا تدخلي السجن ولو لساعة!"

سمعت تهاني هناء بصمت وتذكرت الفستان، فطلبت التحدث مع أحمد.

تهاني: "كيف حالك يا أحمد؟"

أحمد: "الحمد لله على سلامتك!"

تهاني: "الله يسلمك. كنت أريد أن أسألك كم دفعت ثمن الفستان الذي لبسته يوم زفاف طاهر؟"

أحمد: بدهشة: "دفعت ماذا؟ أنا كنت أريد أن أسألك عندما رأيتك في الحفل. كيف اشتريت الفستان ومع من خرجت لشرائه؟ لكنني نسيت بسبب انشغالي في الزفاف!"

رأت تهاني محمود وظهره لها، وأحست برغبة قوية في احتضانه والاعتذار له عن كل لحظة أساءت إليه.

تهاني: بآسف لنفسها: "... الأشخاص الذين كنت أعتقد أنهم يحبونني تبين أنهم يكرهونني، والذي كنت أعتقد أنه يكرهني تبين أنه يحبني ومستعد أيضاً أن يضحي بنفسه من أجلي!!!"

ـــــــــ

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن