وصل محمود إلى قسم الشرطة بخطوات متسارعة، عينيه تتطلعان بقلق نحو الداخل. هناك، كان أحمد جاثياً على الأرض، بينما تجلس تهاني على كرسي بجانبه، تمسك بيده بشدة كما لو كانت تتشبث بآخر قشة من الأمان. أسندت رأسها على يديه، وكأنها تستمد منه قوتها. تجاهل محمود المشهد للحظة، لكنه نادى على ابن أخته بصوت منخفض وحازم:
محمود: "أحمد!"
التفت أحمد إلى خاله ببطء، محاولاً سحب يده من بين يدي تهاني بحذر. في تلك اللحظة، رفعت تهاني رأسها ببطء، وبدت علامات الخوف والإرهاق واضحة على وجهها. شحب لون بشرتها، وظهرت هالات سوداء حول عينيها، وجفت شفتيها من شدة القلق. شعر محمود بانقباض في قلبه وهو يرى هذا التغير الجسيم في ملامح جمالها. كيف تحولت بهذه السرعة من امرأة مشرقة إلى ظل خائف؟
تقدم نحوها ببطء محاولاً تهدئتها، لكن نظرة الخوف في عينيها جعلتها تفرّ بخطوات متعثرة لتختبئ خلف أحمد، وكأن محمود هو من أمر بحبسها. شعر محمود بحزن عميق لتلك الرهبة التي أبعدتها عنه، لكنه تمالك نفسه وسأل ابن أخته بلهجة متوترة:
محمود: "ما الذي حدث هنا؟"
بدأ أحمد يسرد لخاله تفاصيل ما جرى، لكن تهاني قطعته وهي تتحدث بصوت مرتجف، تخشى أن تُفصح عن المزيد:
تهاني - بخوف: "لماذا تخبره؟ إنه متواطئ معها، صدقني!"
نظر إليها أحمد محاولاً طمأنتها.
أحمد: "اطمئني، خالي هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إنقاذنا. إنه ليس مثل العمة بدرية!"
اقترب محمود منهما قليلاً، ساعياً إلى تهدئة الأمور وفهم ما يحدث.
محمود: "ما الذي تقولانه؟ هل هناك شيء لم تخبرني به؟"
أحمد: "هذا كل ما حصل، أرجوك يا خالي، علينا الخروج من هنا سريعاً. تهاني تعبت وانهارت."
قاطعتهما تهاني بنبرة متمردة.
تهاني: "لا أريد مساعدته!"
توقف محمود عند هذه العبارة، يحاول كبح غضبه الذي بدأ يتصاعد. لاحظت تهاني في عينيه بريقاً ازرق من الحنق، فتراجعت بصمت وارتبكت. قبل أن يتمكن أحد من قول أي شيء آخر، دخل اللواء توفيق إلى الغرفة. وقف الضابط على الفور مؤدياً التحية العسكرية، وعندما اقترب اللواء من المكتب، جلس عليه وهو يلقي نظرة صارمة على الجميع.
توفيق: "حسناً، أخبروني بما حدث."
أحمد - بنبرة متوترة: "حضرة اللواء، أريد أن أتحدث!"
توفيق - بإيماءة: "تفضل، تكلم يا أحمد."
بدأ أحمد يسرد القصة بإيجاز، بينما كان محمود يراقب تهاني من زاوية عينه، وقد لاحظ أن ملامحها تغيرت تماماً. كانت تنظر إلى اللواء توفيق بإعجاب خفي، وكأن الراحة بدأت تعود إلى ملامحها شيئاً فشيئاً. لم يصدق محمود ما رآه. كيف يمكن أن تتحول مشاعرها بهذه السرعة؟ ارتسمت على شفتيها ابتسامة طفيفة، وبدت كأنها قد استعادت ألوان وجهها.
أنت تقرأ
عشقت جميلتي
Lãng mạnعلى ارتفاع آلاف الأقدام في السماء، وبين هدير المحركات وهمسات الركاب ربطت تهاني حزام الأمان بتوتر. شعرت بأن الطائرة لا تحملها فقط إلى وجهة بعيدة، بل إلى رحلة في عمق ذكرياتها، حيث الألم والخيانة والتضحية تختلط في نسيج حياتها. عاشت سنوات من العزلة بعد...