ليلاً في مكتب زوج بدرية...
ابتسمت بدرية لنفسها بذكاء بعدما استطاعت أن تحصل على أرض محمود بسهولة، بالإضافة إلى إيصال بعشرة ملايين جنيه. لم تكن لتعيد الإيصال إليه كما اتفقت معه، بل ستحتفظ به كسكين على رقبته ليظل تحت رحمتها طوال حياته.
نزار: "هاهاهاها، أنتِ ذكية. عرفتِ كيف تجعلي محمود خاضعًا تحت قدميكِ!"
بدرية -بغرور-: "هذه مجرد البداية، وسرعان ما سترى النهاية حين يدخل محمود السجن أو أجعله عبدًا لي ينفذ أوامري حتى يُصبح لا يملك شيئًا!"
نزار: "يستحق ذلك الوغد. يراقبني عن طريق صديقه اللواء ويهددني به. لم أعد أستطيع التحرك بحرية بعد أن علمت أنهم يتعقبونني!"
بدرية: "لا تقلق، قد أجعله بنفسه يوزع الممنوعات، وسنرى ماذا سيفعل صديقه اللواء الذي يعمل مترجمًا لأسرار الدولة!"
نزار: "أريد أن أرى سمعته تضيع، كما أضاع اسمي وفضحني أمام الجميع في الداخلية. ويقول إنه هو من يمنعهم من الاقتراب مني؟!"
بدرية: "انسَ أمره الآن ودعني أخبرك أنه يجب أن نظل مختفين في عملية الخطف التي نفذناها!"
نزار: "ماذا تعنين؟!"
بدرية: "أعني أنه يجب ألا ترى وجوهنا. ما زلنا لا نعرف ما إذا كانت مثل محمود، ستلتزم الصمت، أو قد تبلغ عنّا!"
نزار: "نعم، لكنها بالتأكيد تعرف أن لنا يدًا في خطفها!"
بدرية: "فقط إذا رأتنا، فستتمكن من إثبات أننا نحن الذين خطفناها. أما إذا لم ترَ وجوهنا، فستكون اتهاماتها ضعيفة، بدون دليل!"
نزار: "وماذا إذا تمكنت من إرشادهم إلى مكان الخطف وعرفوا أنه مزرعتنا؟!"
بدرية -بضحكة-: "هاهاهاها، بسيطة. سنقول لهم إننا عندما علمنا بخبر خطفها من محمود، أردنا فعل الخير وتفاوضنا مع الخاطفين لإطلاق سراحها، لذا أخذناها إلى مزرعتنا بعدما استلمناها منهم. وسنخبرهم أن بعض الفلاحين هم من قاموا بخطفها!"
نزار: "عقلك دائمًا متيقظ لكل صغيرة وكبيرة! هاهاهاها!"
انفجرت بدرية بالضحك مع ابنها، وفجأة قاطعهم دخول سيدة ترتدي ملابس سوداء.
المرأة: "لقد أحضروها، سيدتي، وسيُدخِلونها الآن!"
غادرت السيدة مسرعة قبل أن تسمع أوامر بدرية بالسماح بدخول الفتاة.
من المفاجأة...
نهضت بدرية بسرعة من مكتب زوجها وسحبت ذراع ابنها خلفها.
ومع المفاجأة...
نسيا المفتاح على الخزنة.
دفعوا تهاني إلى المكتب وأجلسوها على الكرسي وأغلقوا الباب. نظرت حولها لتكتشف مكانها ومن اختطفها وماذا يريدون منها.
تهاني: "أعرف أن محمود هو من خطفني لينتقم مني لأني فصلته عن عائلته!"
رأت تهاني المفتاح على الخزنة، فركضت إليه بسرعة وفتحته. بحثت بين الأوراق عن اسم صاحب الخزنة لتخبر هناء باسمه إذا خرجت بسلام. أخذت الورقة الأولى وقرأت اسمي "محمود" و"بدرية" ومبلغ عشرة ملايين جنيه. من خوفها وارتباكها إذا دخل أحد عليها، لم تنتبه إلى أن الورقة كانت إيصالًا من محمود.
تهاني -وعيناها على الإيصال-: "كنت أعرف أن بينكما مصالح مشتركة، أعمال واتفاقات، أتختطفاني؟ ماذا تريدان أن تفعلا بي؟ أقسم لأنتقم منكما قبل أن تقضيا عليّ، والآن ستريان!"
مزقت تهاني الورقة إلى قطع صغيرة، ثم رأت زجاجة حبر على المكتب. سكبت الحبر على الأوراق، وأغلقت الخزنة بالمفتاح وألقته بسرعة من النافذة ليسقط في الماء. وفي تلك اللحظة فتح الباب ودخل محمود. التفتت إليه تهاني بسرعة، وأخفت يديها خلف ظهرها خوفًا من أن يعلم أنها انتقمت منهم. رأى محمود تهاني وتفاجأ بأنها مختطفة وهي ترتدي ملابس محتشمة. كانت ترتدي حجابًا وسروالًا أسودين وقميصًا كاكيًا، مما أدخل الطمأنينة في قلبه. اقترب منها بلهفة يريد أن يحتضنها ويطمئنها.
محمود: "أنتِ بخير يا حبيبتي؟"
استغربت تهاني من كلمة "حبيبتي".
تهاني -بسخرية-: "لماذا تقول هذا؟ هل تخشى أن أبلغ عنك؟ لا تخف، أخرجني ولن أقول شيئًا احتراما لخالتي وهناء!"
استغرب محمود من تفكيرها، لكنه لم يرد إضاعة المزيد من الوقت.
محمود: "لنذهب الآن وسنتحدث لاحقًا!"
تهاني -بضحكة هستيرية-: "هاهاهاها، لقد انتقمت لنفسي!"
رآها محمود تخفي يديها خلف ظهرها، فخاف أن تكون تحمل سلاحًا.
محمود -بقلق-: "أريني يديكِ وسأشرح لكِ كل شيء الآن!"
أخرجت تهاني يديها من خلف ظهرها وهي سعيدة، وتفاجأ محمود برؤيتهما مليئتين بالحبر.
تهاني -بفرحة-: "تستحق. قطعت لك ولـ بدرية ورقة عمل بمبلغ عشرة ملايين جنيه، وعجنت لكما كل أوراقكما بالحبر، ورميت مفتاح الخزنة بعيدًا، لن تتمكنا من إيجاده!"
فور سماع "محمود" كلامها، اندفع نحوها بسرعة بخطوة واحدة ليغطي فمها بيده، ممسكاً بكلتا يديها من معصمها باليد الأخرى.
قال "محمود" بصوت منخفض: "هل أنت متأكدة مما فعلته؟!"
أومأت "تهاني" بعصبية، محاولة تحرير فمها من قبضته، وصرخت بغضب: "نعم! وما زلت سأنفذ المزيد حتى يرتاح قلبي منكما!"
ارتعب "محمود" من صوتها العالي، خوفاً من أن يسمع أحدهم ما قالته ويكتشفوا أنها دمرت مستقبل "بدرية" وماضيها.
محمود: "هشش... اصمتي. علينا أن نخرج من هنا أولاً. إذا علمت عمتي بالأمر، لن يكون الأمر سهلاً عليك! فهي لن تقطع لك ساق فقط، ستقطع رقبتك إيضاً!"
بسرعة، خلع "محمود" سترته وألبسها "تهاني" ليغطي يديها، حتى لا يلاحظ أحد الحبر الذي غطى يديها.
تهاني - (لنفسها): "حسنًا، سأنتظر حتى ألتقي بـ'هناء' وخالتي لأخبرهما بما فعلته أنت و'بدرية' لي!"
قاد "محمود" "تهاني" إلى سيارته، وأدار المحرك، وقلبه يكاد يتوقف من السعادة.
لأن "تهاني" عادت إليه سالمة،
ولأنه استعاد أرضه دون خسائر.ـــــــــ
أنت تقرأ
عشقت جميلتي
Romantikعلى ارتفاع آلاف الأقدام في السماء، وبين هدير المحركات وهمسات الركاب ربطت تهاني حزام الأمان بتوتر. شعرت بأن الطائرة لا تحملها فقط إلى وجهة بعيدة، بل إلى رحلة في عمق ذكرياتها، حيث الألم والخيانة والتضحية تختلط في نسيج حياتها. عاشت سنوات من العزلة بعد...