٨- وصول.

373 21 0
                                        

لم يتبقَّ لتهاني سوى صدر أمها الحنون، الذي كانت تلجأ إليه كلما صعُبت عليها الحياة. ولكن مع مرور السنوات، مرض قلب أمها، فخافت على صحتها إذا اشتكت لها أخواتها، فتجلدت وصبرت. إلا أنها لم تحتمل المشاكل والصدمات، فتعبت، ولم يعد لديها من تشتكي إليه. تذكرت عبد الله كيف كان معها ملاكاً، ولم يكن يختلف عن باقي الناس، فتحطمت وفقدت الثقة في نفسها وفي أهلها وفي الناس.

وبعد كل ما تعرضت له من مصاعب، استسلمت لمصيرها وفرضت على نفسها عزلة اختيارية داخل جدران غرفتها، هرباً من المشاكل. 

ومرَّت عشر سنوات، ضاعت فيها سنوات شبابها محاصرةً بين الجدران.

انتهى عرض الفيلم، واستيقظت تهاني من ذكرياتها على صوت قائد الطائرة معلناً وصول الرحلة إلى مطار القاهرة الدولي.

نزلت تهاني من الطائرة برفقة شقيقها عمر ووالدتهما.

ـــــــــ

فتح عمر باب الشقة، ودهشوا من نظافتها وترتيبها، رغم أنه لم يسكنها أحد منذ سنوات. فهم عمر سبب نظافة الشقة، فمن المؤكد أن الجيران الذين يسكنون أمامهم قد قاموا بذلك، إذ كان معهم المفتاح قبل أن يسلموه لحارس المبنى. توجه إلى النافذة، فتحها ليرى المنظر ويجدد الهواء في الشقة. أخذ نفساً عميقاً وهو يستكشف شارعهم من الأعلى. 

عمر - بلهجته المحلية: "الجيران لطفاء. لا بد أنهم نظفوا المكان عندما سمعوا من أقاربنا في الخارج أننا قادمون، وأعدوه لنا قبل تسليم المفتاح."


والدة تهاني: "يا له من أمر رائع! إنه لأمر مريح أن نلتقي بجيران لطفاء مثلهم. لقد أحببتهم رغم أنني لم ألتق بهم بعد!"  

ردت تهاني بإحباط، إذ كانت دائماً تصدم من غدر الناس. 

تهاني: "لنأمل أن يستمر لطفهم، على الأقل حتى نعود إلى بلدنا بأمان. أما الآن، دعونا نستريح من الرحلة. غداً، سنرى الطبيب ونبدأ علاج أمي، بإذن الله."

ذهبت تهاني ووالدتها إلى الغرفة التي ستنامان فيها، بينما أخذ عمر الغرفة الثانية. 

ونام الجميع من تعب السفر.

ـــــــــ
 

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن