٥٤- مفاجآت وعواطف.

153 16 0
                                        


في ليلة زفاف طاهر، وقفت تهاني أمام المرآة بسعادة لضبط اللمسات الأخيرة على مظهرها.

تهاني - بلهفة: "يجب أن أجهز نفسي بسرعة حتى أسبق إيمي إلى سيارة أحمد وأشكره على مفاجأته بالفستان والكعب!"

سمعت بوق سيارة أحمد، يُنبههما بالمجيء، ليأخذهما إلى قاعة الزفاف ويسرعهما في النزول.

تهاني - بحماس: "جيد، جاء أحمد في وقته المحدد بالضبط!"

أمسكت حقيبتها بسرعة وأطفأت الأنوار في شقتها. رفعت فستانها الطويل وسرعان ما نزلت من الدرج حتى وصلت إلى سيارة أحمد لتشكره. ركبت السيارة وأنفاسها تتقطع من الركض، فجلست خلف مقعد السائق وأغلقت الباب.

تهاني - بفرح: "يا حبيبي يا أحمد، لا أعرف كيف أشكرك! لقد كلفت نفسك في شراء الفستان والكعب لتجعلني سعيدة!"

اقتربت من مقعد السائق لتخبره بالخبر السار.

تهاني: "أطمئنك يا أحمد، سأعيد إليك مالك، فقد اتصل بي أخي وأخبرني أنه سيرسل لي المال قريباً!"

توقفت عن الكلام عندما نظرت في المرآة الأمامية وفوجئت برؤية محمود الذي يقود السيارة. فشعرت بالخوف وتراجعت بظهرها إلى الوراء وجلست بصمت. صدم محمود بكلماتها وامتنانها لـ أحمد، كما لو أن يداً باردة أمسكت بقلبه وعصرته بقوة.

نظرت تهاني إلى حقيبتها تفكر في المصيبة التي ستصيب أحمد بسببها.

تهاني - لنفسها: "ويلي! ماذا فعلت؟ كشفت أحمد لخاله أنه أنفق ماله من أجلي؟ بالتأكيد يفكر خاله الآن في كيفية الانتقام مني لأنه يظن أنني أحرجت أحمد بدفعه ليشتري لي الفستان. ماذا أفعل، يا إلهي، وقريباً سأقوم بسداد كل قرش دفعه ثمن الفستان والكعب. حسناً، لماذا أشعر بالخوف منه وأنا سأسدد؟"

وصلت إيمي وجلست بجانب محمود في المقعد الأمامي.

إيمي: "بسرعة يا خالي! سوف نتأخر عن موكب زفاف العروسين!"

أدار محمود محرك السيارة بصمت وظل طوال الطريق يتحدث مع نفسه ويسخر من حظه.

محمود - لنفسه: "بهذه السهولة استطعت أن تقولي أحمد، حبيبي؟ سحقاً، وأنا الذي كنت كالأبله جئت بنفسي لأوصلك وأرى كيف أصبح الفستان عليك؟ اعتقدت أنك ستفهمين بنفسك أنني من اشتراه لك، وستسامحيني على قسوتي معك، وسنبدأ بالتقرب من بعضنا. هل تظنين أن أحمد هو من اشترى لك الفستان؟ كيف ذلك وهو لا يزال طالباً يدرس؟ من المفترض أن أكون حبيبك، وليس هو. صدق من قال: "المحظوظ محظوظ والمنحوس منحوس". قضيت الوقت أتجول في المحلات والمراكز التجارية حتى وجدت الكعب الذي يناسب مقاسك ولون الفستان، كعب فضي رائع مزين بخرز الكريستال، وسعره يقارب سعر الفستان تقريباً. لم أفعل ذلك مع أي فتاة من قبل. ومن أجلك تعلمت كيف أتحكم في أعصابي عندما علمت أنك إنسانة حساسة ورقيقة جداً، وتخافين من أي كلمة قد تجرحك، حتى وإن كانت بسيطة. ولكنك ببساطة تختارين أحمد أن تحبينه، لماذا؟ "المنطق" الحقيقي بالنسبة لكن يا سيدات، هو أنه إذا علمتن أن هناك من يحبكن، تتدللن وتثقلن عليه، وعندما نشعر بالملل من لعبتكن ونترككن، تركضن وراءنا مثل القطط الجائعة.. تهاني، يجب عليك أن تعرفي الحقيقة مني، والليلة!"

فكر محمود في قول شيء لبدء محادثة مع تهاني للانتقام منها بسبب تفكيرها في أحمد.

محمود - بغضب: "إيمي، هل تتذكرين صديقي كمال؟"

إيمي - باستغراب: "نعم، أتذكره، لكني منذ فترة طويلة لم أعد أراه أو أسمع عنه؟"

محمود - بتلميح: "نعم، مسكين، توفي والده منذ أسبوع، رحمه الله، وترك له نصيبه من الإرث منزلاً بناه منذ 42 عاماً بالضبط. وقد اتصل بي كمال أمس وسألني، ماذا يقول المنطق؟ هل يسكن المنزل أم يبيعه ليشتري منزلاً جديداً لأنه أصبح قديماً ولا يصلح؟"

إيمي: "هذا يعتمد. فبعض المنازل تنهار بسرعة، وبعضها تتحمل سنوات عديدة من البقاء فيها!"

فهمت تهاني قصده عندما ذكر عمرها بالضبط، ففكرت في إغاظته.

تهاني - بسخرية: "بسيطة، اطلب من صديقك هدم المنزل عندما يصبح من العمر 56 عاماً!"

إيمي - مصححة: "إنه 46 وليس 56. لذا كونا حذرا لأنكما ستنهاران في نفس الوقت، لأن أعماركما متقاربة!"

ابتسم محمود لكلام إيمي.

محمود - بابتسامة: "وماذا نفعل، يا حضرة الدكتورة النابغة؟"

إيمي: "خذ المنزل ذو الـ 42 عاماً، وادعوه لتناول العصير في مكان هادئ، وهناك قولا لبعضكما الحقيقة!"

ارتبكت تهاني عندما تحدثت إيمي بصراحة.

تهاني - بحدة: "ما الذي يجمعنا حتى نعترف لبعضنا البعض؟"

إيمي: "أنا قلت قولا، وليس أعترفا!"

انزعج محمود من كلام تهاني، ففكر في تجربة طريقة أخرى حتى تعرف ما فعله لإسعادها، فطرح موضوع الفستان ولكن بطريقة ساخرة لتعرف خطأها.

محمود - بسخرية: "تهاني، لماذا لم ترتدي الفستان الأحمر؟ في الواقع، كان عليك أفضل!"

ظنت تهاني أنه يسخر منها لأنها محجبة والفستان الأحمر شبه عريان، فكيف ترتديه أمام الناس؟

تهاني - بمكر: "أنا أرتدي الفستان فقط عندما تهاجمني الوحوش في منتصف الليل، لأنه يحمني منها!"

محمود: "هكذا إذن؟"

غضب محمود من رد تهاني، لأنها لا تزال تتذكر أول موقف حدث منه، وهو من أجلها ضحى بحياته وماله ووقته. بروحه أنقذ حياتها وكسر ذراعه، وبماله اشترى لها فستاناً باهظاً لتفخر به أمام المدعوين، ووقته عندما ذهب بنفسه لإنقاذها من السجن.

كتم محمود غضبه بمجهود كبير ليجد المكان المناسب.. ويربيها.

ـــــــــ

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن