انتهت تهاني من تناول وجبة الإفطار مع أخيها ووالدتها، واستعدت للخروج معهما. استقلوا سيارة أجرة للذهاب إلى مركز علاج القلب. وبينما هم في الطريق، ظلت تهاني تدعو الله أن يشفي والدتها ويطيل في عمرها، لأنها لا تستطيع تخيل حياتها بمفردها وسط أخواتها الشبيهات بالذئاب إذا حدث مكروه للوالدتها، لا قدر الله.
عند وصولهم إلى المركز، قام الطبيب بفحص والدتهما، ثم طلب مقابلة عمر على انفراد.
جلس عمر أمام الطبيب منتظراً نتائج الفحوصات، ورفع الطبيب رأسه عن الأوراق وخلع نظارته.
الطبيب: "آسف يا بني، من نتائج الفحوصات المتاحة أمامي، لا يمكننا إجراء أي عملية لوالدتك. قلبها ضعيف جداً ولا يحتمل أي جراحة."
عمر - بصدمة: "ماذا تعني إيها الطبيب؟ إذا كانت حالتها خطيرة، يمكنني أخذها إلى بلد آخر أو ربما تنصحني بشيء آخر؟"
الطبيب - بهدوء: "للأسف، ليس أمامكم إلا الدعاء، فالأعمار بيد الله عز وجل."
خرج عمر حزيناً وحاول التحكم في مشاعره. ابتسم عند رؤيته نظرات القلق في عيني تهاني ووالدته، وطمأنهما بأن صحتها جيدة ولا تحتاج إلا إلى تناول الأدوية بانتظام. ثم فكر في إسعاد والدته، فتحدث مع تهاني بعيداً عن مسامع والدتهما ليقترح عليها سفر والدتهما إلى تركيا لتلقي العلاج، بناءً على نصيحة الطبيب. وحتى لا يُثقل عليه النفقات، سيتركها في مصر مؤقتاً ريثما ينتهي علاج والدتهما. وافقت تهاني بحماس، فالمهم هو صحة والدتها، واطمأنت لوجود عائلة هناء الطيبة بجوارها.
ـــــــــ
بعد أيام قليلة، وقفت تهاني مع هناء وولديها في المطار تودع شقيقها ووالدتها. مسحت دموعها عندما رأت الطائرة تختفي عن الأنظار. ثم التفتت إلى هناء.
تهاني: "تعرفين يا هناء، هذه أول مرة في حياتي أعيش فيها بمفردي، لكن الغريب أنني لا أشعر بالخوف. أشعر وكأنني أعرفكم منذ زمن، وحقيقةً وجودكم بجانبي يمنحني الأمان."
هناء - بابتسامة: "نحن الآن كالأخوات، لا فرق بين كونك هنا أو في بيتك بين أهلك. أنا وأولادي لن نتركك وحدك، أنتِ.."
لم تكمل هناء حديثها، إذ انهمرت دموع تهاني رغماً عنها بسبب تأثرها. لاحظت هناء حرج تهاني، فحاولت تغيير الموضوع.
هناء - بمرح: "لنذهب إلى الشقة، لكن فكروا معي، ماذا نطبخ للغداء؟ أتوق إلى وجبة لم أتناولها منذ زمن!"
بدأ الجميع يقترحون الأطعمة التي يحبونها ويتمنون تناولها على الغداء.
ـــــــــ
بدأت هناء تشغيل سيارتها وأشعلت الراديو، وضبطت على محطة موسيقية. سمعت تهاني أغنية أجنبية أعجبتها.
أنت تقرأ
عشقت جميلتي
Romansaعلى ارتفاع آلاف الأقدام في السماء، وبين هدير المحركات وهمسات الركاب ربطت تهاني حزام الأمان بتوتر. شعرت بأن الطائرة لا تحملها فقط إلى وجهة بعيدة، بل إلى رحلة في عمق ذكرياتها، حيث الألم والخيانة والتضحية تختلط في نسيج حياتها. عاشت سنوات من العزلة بعد...
