٢٦- أقتراح.

191 18 0
                                        

فرحت فاطمة بمجيء محمود بسرعة بفضل القدر، وخطر لها اقتراح قد يجمعه مع تهاني في أسرع وقت ويحافظ عليها.

فاطمة - بفرح: "أهلاً وسهلاً، ألا يوجد عمل اليوم؟"

اقترب منها محمود وقبّل رأسها ويدها، ثم جلس على السرير أمامها.

محمود - بابتسامة: "اشتقت إليكِ وأنا في العمل، فقلت أزورك لأطمئن عليكِ!"

فاطمة - مازحة: "سبحان الله، لم أكن أراك إلا يومين كل أسبوعين، وبالكاد، والآن، ما شاء الله، تزورني كل يوم وتبقى معي طويلًا. 'محمود'، أخبرني، ما القصة؟!"

شعر محمود بالخجل من ذكاء والدته، فحاول إخفاء خجله بتظاهر الغضب.

محمود - متصنعاً الغضب: "حسناً، يا سيدتي، لا تغضبي، حقك عليّ. أنا مخطئ، ومن الغد لن تريني إلا في اليومين اللذين تريدينني فيهما فقط!"

ضحكت فاطمة من مزاحه.

فاطمة: "لا، بالعكس، كلنا نتمنا أن تكون دائماً هنا في المنزل، والحمد لله، لقد استجاب الله لدعائنا!"

اقترب منها محمود واستلقى في حضنها.

محمود - متأملاً: "إذاً، ادعي لي أيضاً أن يتحقق ما أتمناه، أتمنى أن أجد الراحة، يا أمي!"

مسحت فاطمة رأسه بحنان.

فاطمة: "وفقك الله، يا بني. ولكن ممّ تريد أن ترتاح؟"

محمود - يضحك: "من أشياء كثيرة، لكن دعينا ننسى الآن. أخبريني، هل شعرتِ بالملل عندما كنتِ وحدكِ؟ وفرحتِ عندما جئت؟"

فاطمة - ببساطة: "لا، أبداً!"

تفاجأ محمود من رد والدته غير المتوقع.

محمود - متعجباً: "ماذا؟!"

فاطمة: "هذه الحقيقة، يا بني. 'تهاني' كانت تجلس معي، وتحدثنا كثيراً!"

محمود: "حسناً، هذا جيد، بدلًا من أن تبقى كل واحدة لوحدها وتشعر بالفراغ، من الأفضل أن تجتمعا معًا وتستمتعا بالوقت."

فاطمة - بحزن: "لم يكن هناك وقت جميل، لا باتفاق ولا اجتماع، هي فقط جاءت إليّ لأنها كانت مصدومة. جلست أستمع إليها وأربّت على المسكينة وعلى حظها."

شعر محمود بقبضة في قلبه بعد كلام والدته، وأحس بألم مكبوت داخله يوشك أن ينفجر، فنهض من حضنها ليستفسر أكثر.

محمود - بحذر: "هل تعني أنها تعيش قصة حب؟ هل حبيبها خانها وكسر قلبها؟ ماذا فعل لها؟ ولماذا تريد العودة إليه؟ هل ما زالت تحبه بعد ما فعله؟ وما نصحتِها به يا أمي؟"

فاطمة - بدهشة: "ماذا تقول؟ من أين جاءتك هذه الأفكار العجيبة؟ هل أصبحت الآن تحلل مشاكل الحب؟ لا، لا توجد قصة حب هنا. اسمع، يا 'محمود'، الصدمة كانت من أهلها، من أقرب الناس إليها!"

رغم بشاعة الصدمة، إلا أن قلب محمود ارتاح لأنه لم يكن هناك حبيب آخر.

محمود: "ماذا فعل أهلها لها؟"

أخبرت فاطمة محمود بكل تفاصيل قصة تهاني، واستمع إليها باهتمام كبير. فتمنى أن يعرف كل شيء عنها، وتحقق له ذلك. ومع انتهاء والدته من حديثها.

محمود - بأسف: "معظم المشاكل بين الناس سببها الغيرة والحسد."

فاطمة: "نسأل الله أن يحمينا من شرهما."

محمود - باهتمام: "وماذا ستفعل الآن؟"

فاطمة - بمكر: "لا شيء، لكن لديّ فكرة ستسعدك. أتريد أن تعرفها؟"

محمود - (لنفسه سعيداً): "أمي الآن قلقة على تهاني لأنها تعيش وحدها، لا بد أنها ستطلب مني الزواج بها، كي تكون مطمئنة عليها وسعيدة. بالطبع، أنا موافق، لكن سأتصرف وكأنني لا أهتم في البداية حتى لا تعرف أمي أنني أحبها منذ أول مرة رأيتها فيها."

محمود - مبتسماً: "إذن، ما فكرتك يا أحن أم في الدنيا؟"

فاطمة: "أفكر أن أطلب من ابن خالتك طاهر أن يتزوج تهاني. ما رأيك؟ هل تؤيدني في هذا الاقتراح؟"

صدم محمود واقشعر قلبه.

محمود - متفاجئاً: "ماذا تقولين؟ هل قلبك على طاهر؟!"

فاطمة: "ابن خالتك رجل طيب ويبحث عن زوجة تهتم بأولاده بعد وفاة زوجته."

محمود - تحت وطأة الصدمة: "هل تتحدثين بجدية؟"

فاطمة - بحماس: "نعم، أتحدث بجدية. لا أرى عروساً أفضل لـ طاهر من تهاني. سأهاتف طاهر وأعرض عليه الفكرة، ما رأيك؟"

محمود - بقلق: "لكن طاهر أصغر منها بثلاث سنوات، بالتأكيد سيرفض اقتراحك. أرى أنه من الأفضل أن تتركيه وشأنه ولا تحرجيه بعرضك."

فاطمة - بحماس: "لماذا سيرفض؟ أين سيجد أفضل من تهاني؟ هي أدب وجمال وأخلاق، وأهم شيء أنها ستكون حنونة على أولاده وتساعده في تربيتهم. وبالمناسبة، طاهر صعيدي وطباعه تشبه طباع تهاني."

محمود - بدهشة: "وطباعي، من أين جاءت؟ من فرنسا؟!"

فاطمة - بحيرة: "ما دخل طباعك في الأمر؟ أنت فقط ستساعدني على أن نوفق بينهما ونزوجهما في أسرع وقت."

محمود - بتردد: "هل أنتِ واثقة أن تهاني ستوافق؟ هل ترين حقاً أنهما مناسبان لبعضهما؟"

فاطمة: "من اليوم أصبحت مسؤولة عن تهاني وزواجها من مسؤوليتي. يا محمود، أنا سعيدة بها لدرجة أنني مستعدة لتحمل كل نفقات زواجها وتجهيزها."

صمت محمود غير قادر على مناقشتها أمام حماستها. لاحظت فاطمة تغير لون عينيه.

فاطمة - (لنفسها): "هاهاها، أعلم أنك مصدوم الآن، وأعرف ما تخفيه في قلبك. لكن سامحني، هذا ضروري حتى تقدر قيمتها وتتمسك بها. لكن ما لا تعرفه أن طاهر قادم غداً ليعزمك على فرحه، هاهاهاها!!"

محمود - (لنفسه) بينما يراقب والدته: "هكذا يا أمي، تنسين ابنك وتريدين أن تخطبي لابن أختك؟! ألا يجب أن أكون أولى بثمن الجهاز الذي تريدين دفعه له؟! لكن لتعلمي، يا أمي، تهاني لا خيار أمامها إلا أن تكون زوجتي. إما أن أتزوجها، أو هي تتزوجني. لا خيار آخر يا أمي. تهاني أصبحت ملكي يوم ارتدت ذلك الفستان الأحمر اللعين، وذنبها على جنبها!"

ـــــــــ

 عشقت جميلتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن